كشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية في عددها الصادر اليوم النقاب عن أنّ تل أبيب، وبعد خمسة أشهر من إعادة سفيرها، دافيد غوفرين، من القاهرة إلى إسرائيل، اتخذّت إجراءات أخرى تؤكّد على أنّها ماضيةٌ في إغلاق السفارة نهائيًا، بسبب التهديدات الأمنيّة التي تتلقاها السفارة والعاملين فيها.
وتابعت الصحيفة قائلةً أنّه في الأسبوع الماضي تلقّى موظفو السفارة الإسرائيليّة في مصر إشعارًا رسميًا من الخارجيّة في تل أبيب يُعلمهم بأنّ الوزارة توقّفت عن دفع رسوم المخاطرة في العمل لهم بأثرٍ رجعيٍّ، وجاء في الرسالة أنّ الحديث يدور عن سفارةٍ تمّ نقلها من بلد الهدف. وفق ترجمة “رأي اليوم”.
وقالت المصادر السياسيّة الإسرائيليّة الرفيعة أيضا إنّ وزارة الخارجيّة لم تقُم بتجديد اتفاقيات العمل مع ثلاثين موظفًا من المحليين، والذين يعملون في وظائف السكرتارية في السفارة المُغلقة.
إلغاء الاحتفال
وأضافت المصادر نفسها قائلةً للصحيفة العبريّة: “اتفاقية الإيجار والتأجير لبيت السفير الإسرائيليّ في حي المعادي بالقاهرة لم يُجدّد، منذ أربعة أشهر وأكثر”.
علاوة على ذلك، كشفت الصحيفة النقاب عن أنّ الاحتفال الرسميّ بما يُسّمى بيوم استقلال إسرائيل، والذي كان قد تقرر، تمّ إلغاؤه من قبل وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، كما أنّ الطبّاخ الإسرائيليّ المشهور، غيل حوفاف، والذي تمّت دعوته للطهي خلال الاحتفال، طُلب منه إلغاء الموعد، لأنّه تمّ إلغاء الاحتفال، كما أكّدت المصادر.
خطوة غريبة
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبيرٍ في وزارة الخارجيّة المصريّة قوله إنّ الخطوة الإسرائيليّة غريبة وغيرُ مفهومةٍ، إذْ أنّها بعد أنْ طلبت منّا تنفيذ عدّة شروطٍ أمنيّة للحفاظ على سلامة السفير والسلك الدبلوماسيّ وقمنا بها، قامت بإخلاء السفارة نهائيًا، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه لم يتّم تحديد موعد لإعادة افتتاح السفارة.
وأشارت الصحيفة أيضًا إلى أنّ العديد من الدبلوماسيين الأجانب في مصر عبّروا عن دهشتهم من الخطوة الإسرائيليّة وقالوا إنّ السفارة الإسرائيليّة في أكبر دولة عربيّةٍ هي من أهّم الأمور التي تمكّنت إسرائيل من تحقيقها، ونحن على علمٍ بالمشاكل التي تُواجه السلك الدبلوماسيّ الإسرائيليّ والتهديدات الأمنيّة، ولكن جميع هذه العوامل لا يجب أنْ تدفع إسرائيل إلى اتخاذ هذه الخطوة بإخلاء السفارة وإغلاقها، على حدّ تعبيرهم.
ضربة قاصمة
وقال رجل أعمالٍ إسرائيليٍّ يعمل في مصر إنّ إغلاق السفارة وأيضًا القيام بإخلائها هي ضربة قاصمة لاتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، لافتًا إلى أنّ ما تبقّى من اتفاق السلام (كامب ديفيد) بات يقتصر فقط على الجانب الأمنيّ، ومُشاركة إسرائيل في الحرب التي يشّنها الجيش المصريّ ضدّ الإرهابيين في شبه جزيرة سيناء، على حدّ تعبيره.
أمّا الناطق الرسميّ بلسان الخارجيّة الإسرائيليّة، عمانوئيل نحشون، فقال في معرض تعقيبه للصحيفة العبريّة: “الوزارة لا تتطرّق عبر الإعلام إلى قضايا تتعلّق بأمن السفارة أوْ لمبعوثي إسرائيل في الدول الأجنبيّة”، على حدّ تعبيره.
ونقلت الصحيفة العبريّة عن مسؤول آخر في الخارجيّة المصريّة قوله إنّه قبل أكثر من أسبوعين تمّ الاتفاق بين القاهرة وتل أبيب على إعادة السفير غوفرين وطاقمه إلى السفارة في القاهرة، ولكن يبدو أنّ التفجيرات التي وقعت في كنيستين بمصر، يوم عيد الفصح المجيد، دفعت تل أبيب إلى تغيير قرارها وإلغاء عودة السفير إلى القاهرة، على حدّ تعبيره.
انتقادات لافتتاح السفارة
وأثار افتتاح إسرائيل مقر سفارتها في القاهرة في العاشر من سبتمبر 2015، بعد أربعة أعوام من إغلاقها، انتقادات شعبية وسياسية من قبل معارضين، فيما اعتبره موالون للسلطات المصرية أمرا طبيعيا ومشروعا.
واحتفى أوفير جندلمان المتحدث باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بنبأ افتتاح المقر على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك، وقال ” للأسف لم أستطع المشاركة في هذه المراسم المثيرة للعواطف، ولكن يسرني أنْ أنتهز هذه الفرصة الطيبة لأهنئ سعادة السفير وطاقم السفارة “.
وحضر حفل الافتتاح عن الجانب الإسرائيليّ المدير العام لوزارة الخارجية حينها دوري غولد والسفير الإسرائيليّ والسلك الدبلوماسيّ العامل معه، وعن الجانب المصريّ نائب رئيس المراسم، بالإضافة للسفير الأمريكيّ في القاهرة.
السلام الأمني
يبدو اليوم واضحًا، أنّه على الرغم من العلاقات الأمنيّة الوطيدة بين القاهرة وتل أبيب، وعلى الرغم من أنّ إسرائيل تعتبر السيسي، كنزًا إستراتيجيًا، بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، وتُشدّد على أنّه أكثر زعيم يتحدّث هاتفيًا مع نتنياهو، يبدو أنّ رمز اتفاق السلام بين الدولتين، وهو السفارة، بات يدُلّ على أنّ السلام بين الدولتين قائم فقط في الناحية الأمنيّة، وخصوصًا في المساعدة الإسرائيليّة التي تُقدّمها إسرائيل لمصر في محاربتها للإرهاب في شبه جزيرة سيناء، والذي تقوم به “ولاية سيناء”، وهي التي بايعت تنظيم “داعش”.