جاءت زيارة عبد الفتاح السيسي للكويت اليوم والبحرين لاحقا وقبلها السعودية والإمارات لتثير العديد من التساؤلات حول أهداف هذه الزيارات خاصة أنها جاءت بعد شبه توقف لهذه الزيارات لفترة ليست بالقليلة، خاصة بعدما شاب الأجواء بعض التوتر بين مصر والسعودية وهو ما انعكس بشكل واضح على تحرك مصر باتجاه الخليج في الفترة الأخيرة.
وتأتي أهداف هذه الزيارات وتحليل المراقبين لها ما بين إزالة التوتر من ناحية وخاصة مع السعودية وما بين تحقيق مكاسب مصرية اقتصادية جديدة واستمرار المساعدات مقابل تطمينات مصرية للخليج في مواجهة إيران، وإن كان الأمر لا يخلو من قلق مصري من توقف المساعدات أو وجود أحمد شفيق تحديدا كمنافس سياسي للسيسي، فيما ذهب بعض المحللين إلى هدف آخر يتمثل في دور مصري خليجي في إعلان قوة شرق أوسطية بدول عربية وضمنها إسرائيل برعاية أميركية.
ووصل اليوم عبد الفتاح السيسي إلى الكويت وكان في استقباله الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر، فور وصوله إلى مطار الكويت، وتأتي الزيارة لدفع أفق التعاون بينهما في مختلف المجالات، وتأكيداً لحرص الجانبين على استمرار التنسيق المشترك، بشأن سبل التعامل مع التحديات التي تواجه الأمة العربية، بهدف تعزيز وحماية الأمن القومي العربي.
الكويت والبحرين
ويتوجه السيسي عقب انتهاء زيارته لدولة الكويت، إلى مملكة البحرين، حيث من المقرر أن يعقد جلسة مباحثات مع الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وذلك فى إطار التشاور المستمر بين البلدين، بشأن تطوير العلاقات الثنائية المتميزة على جميع الأصعدة، فضلاً عن مناقشة سبل تعزيز وحدة الصف بين الدول العربية
وزار السيسي كلا من السعودية والإمارات مؤخرا وتم التباحث بشأن العديد من القضايا خاصة التي كانت مثار خلافات في الفترة الأخيرة خاصة السعودية بعد توتر دام عدة أشهر.
المساعدات الخليجية لمصر
السعودية
منذ 30 يونيو 2013، حصلت الحكومة المصرية على 500 مليون دولار تمثل أول دفعة من منحة سعودية بقيمة 2.5 مليار دولار، وأعلن مجلس الوزراء المصري الخميس قبل الماضي لأول مرة موافقته على اتفاق المنحة بين مصر والسعودية بقيمة 2.5 مليار دولار، لتعزيز برنامج الإقتصاد المصري، والذى تم توقيعه في أبريل خلال زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة.
ويوم 16 ديسمبر من العام المنصرم، أصدر العاهل السعودي توجيهات بزيادة استثمارات المملكة في مصر لتتجاوز 30 مليار ريال، والإسهام في توفير احتياجات مصر من البترول لمدة خمس سنوات ودعم حركة النقل في قناة السويس من قبل السفن السعودية.
وخلال زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز العام الماضي، تم توقيع عدد كبير من الاتفاقيات الإقتصادية، على رأسها اتفاقية لتمويل احتياجات مصر البترولية لمدة خمس سنوات، بنحو 20 مليار دولار، وبفائدة 2%، بجانب تقديم قرض لتنمية سيناء بقيمة 1.5 مليار دولار.
ويستهدف قرض تنمية سيناء استصلاح 18 ألف فدان في 7 مناطق في جنوب سيناء، وإنشاء جامعة الملك سلمان في طور سيناء بتكلفة مليار و110 ملايين جنيه، إضافة إلى استصلاح 100 ألف فدان في طور سيناء، ضمن المشروع القومي لاستصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان.
وفي نفس الزيارة، التي كانت في إبريل الماضي، أعلن نائب رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري، عبدالله بن محفوظ، تأسيس شركات سعودية جديدة في مصر برأس مال قيمته 4 مليارات دولار.
الكويت: مليار دولار لا ترد
وتلقت مصر منحة مالية بقيمة مليار دولار، لا ترد من دولة الكويت، وذلك في نوفمبر 2014، بحسب تصريح لمسؤول حكومي لوكالة رويترز، وساهمت الكويت في إنشاء المدارس في مصر، لاستضافتها لاجئين سوريين، وخلال زيارة البعثة الكويتية إلى مصر في إطار ما تقرر خلال المؤتمر الدولي الثالث لدعم السوريين، الذي استضافته دولة الكويت أواخر شهر مارس 2016، حيث خصصت الكويت منحة لمصر هي جزء من مبلغ الـ 100 مليون دولار المقدمة عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية.
الإمارات تستثمر في المشروعات التنموية
وأمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في ختام زيارته لمصر، 22 أبريل من العام الجاري، بتقديم مبلغ 4 مليارات دولار دعمًا لمصر، وبحسب وكالة أنباء الإمارات، سوف توجه نصفها للاستثمار في عدد من المجالات التنموية في مصر، ونصفها الآخر توضع وديعة في البنك المركزي المصري لدعم الاحتياطى النقدي المصري.
المالية: المنح بلغت 128 مليار جنيه
وفي مستهل الشهر الحالي، أعلن وزير المالية، الدكتور عمرو الجارحي، المنح الخارجية التي تلقتها مصر من الدول العربية بلغت 128.1 مليار جنيه، وأدت إلى تقليل حجم العجز ليصل إلى 12,1% فى حين أنه كان من الممكن أن يصل العجز إلى 16%، كان ذلك يوم 1 يونيو 2016، خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب.
أكد خبراء الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن زيارة عبد الفتاح السيسي لدول الخليج العربي بداية بالسعودية والامارات وصولا بالكويت والبحرين ستؤثر ايجابيًا على الاستثمارات العربية في مصر، خاصة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذي يعد ضمن أبرز القطاعات المستهدفة من المستثمرين العرب والأجانب.
وقال الدكتور خالد شريف، نائب وزير الاتصالات السابق إن زيارة السيسي لدول الخليج متعددة الأهداف والأغراض منها مناقشة القضايا السياسية والعربية بالمنطقة، إضافة للمباحثات الثنائية بين مصر وأشقائها العرب في القضايا الاقتصادية والاستثمار، مشددًا على حرص السيسي لدعوة المستثمرين للتواجد في مصر وزيادة الاستثمارات الأجنبية.
وفي هذا السياق قال الدكتور جمال أسعد، المفكر السياسي، أن تتابع زيارات عبد الفتاح السيسي الخارجية لدول الخليج تأتي في إطار الاستعداد والترتيب لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المرتقبة إلى منطقة الشرق الأوسط والتي ستشمل المملكة العربية السعودية ومصر وإسرائيل.
وأشار أسعد، في تصريحات صحفية ،إلى أن زيارات السيسي لدول الخليج لا تنفصل عن زيارته للولايات المتحدة الأميركية بل إنها استكمال لجولاته الخارجية، لافتا إلى أن هذه التحركات الاقليمية تهدف للإعلان عن قوى جديدة تندرج تحت مسمى “القوى العربية الإسلامية ” تشمل مصر والسعودية والإمارات وأيضًا إسرائيل ستكون عضوًا بها، لمواجهة الخطر الإيراني في المنطقة، ولصالح السعودية.
وأكد المفكر السياسي، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد التوصل لحل للقضية الفلسطينية لصالح إسرائيل، ما يؤكد الدور الإسرائيلي القادم في المنطقة، فضًلا عن أن هذه القوى تأتي لمواجهة تهديد الصراع الطائفي بين السنة والشيعة، الأمر الذي يتطلب تغيير الاستراتيجية بأكملها في المنطقة.