قاد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس جولة في الشرق الأوسط وإفريقيا هذا الشهر لتأكيد التحالفات العسكرية مع شركاء أميركا، ولكن غابت إثيوبيا عن هذه الجولة؛ حيث زار جيبوتي فقط من بين دول القرن الإفريقي.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا “اليمايهو جي” إن إدارة الرئيس الأميركي ترامب لم تذكر منذ 2017 أي تصريح عن دور إثيوبيا في القتال ضد الإرهاب، ولا عن دورها كشريك استراتيجي يساهم في الحفاظ على السلام؛ على الرغم من تأكيد الرئيس السابق باراك أوباما أهميتها في حرب أميركا على الإرهاب، موضحًا أنه بالتعاون معها يحرزان تقدمًا ملحوظًا.
وفي يوليو 2015، اعتبر أوباما إثيوبيا شريكًا هامًا لقتال الإرهاب في القرن الإفريقي، بجانب أهميتها في محاولة حل أزمة جنوب السودان. وأشاد بمشاركة إثيوبيا في جهود هيئة الأمم المتحدة في السلام ودورها الفريد في المشاركة مع قوات حفظ السلام أكثر من أي دولة إفريقية أخرى.
وتأتي زيارة ماتيس إلى جيبوتي في الوقت الذي زادت فيه أميركا من حملاتها ضد جماعة الشباب الإرهابية الموجودة بالصومال، المرتبطة بالقاعدة وتقاتل منذ أكثر من عقد لتأسيس الدولة الإسلامية والتخلص من قوات حفظ السلام الإفريقية.
وفي أواخر الشهر الماضي، أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ببدء هجمات جوية ضد جماعة الشباب؛ بينما أعلنت القيادة الأميركية في إفريقيا الأسبوع الماضي نشر وحدات جوية من الفرقة 101 في الصومال لأول مرة منذ 1994 لمساعدة حكومة الصومال بدعم تدريباتهم.
وأضاف “اليمايهو” في مقاله بصحيفة “ذا هيل” أنه لا يوجد أي تلميح لإعادة افتتاح قاعدة الطائرات من دون طيار الموجودة في إثيوبيا وأُغلقت في يناير 2016 وكانت تستخدم لإطلاق هجمات على جماعة الشباب.
وقال إن زيارة ماتيس إلى جيبوتي وعدم زيارته لإثيوبيا قد توحي بعدم رؤية إدارة ترامب لإثيوبيا كشريك هام في مكافحة الإرهاب في القرن الإفريقي.
وقال إن الدليل الوحيد على وجود أي علاقات بين أميركا وإثيوبيا “تأكيدات مبهمة من السيناتور جيمس إينهوف”، الذي اعتبر إثيوبيا أهم الحلفاء الاستراتيجيين لأميركا في المنطقة، موضحًا أن العلاقات ستستمر في وجود إدارة ترامب.
وعبّر النظام الإثيوبي في يناير الماضي عن مخاوفه من التغيّر المحتمل في سياسة أميركا، ولمحاولة المحافظة على العلاقات مع واشنطن وُظِّفَتْ شركة لدعم واشنطن بتكلفة شهرية 150 ألف دولار؛ وهو ما استنكره البعض بسبب مواجهة الدولة لخطر المجاعة في الوقت الذي تنفق فيه لدعم واشنطن.
وأوضح “اليمايهو” أنه في الوقت الذي لا توجد فيه أي إشارات بشأن اعتبار إثيوبيا شريكًا هامًا؛ فإن سؤالًا مهمًا تواجهه وزارة الخارجية الأميركية، وقد يوضح سياسة ترامب في القرن الإفريقي، هو محاولة فهم عدم الانتصار على جماعة الشباب على الرغم من القتال المستمر منذ عقد.
وقال إنه عندما غزت إثيوبيا الصومال في يناير 2007 وأعلن القائد مليز زيناوي أنهم سيتخلصون من الإسلاميين هناك في غضون أسبوع أو اثنين، وسيبقون لمساعدة الحكومة على استعادة الاستقرار ثم الانسحاب؛ وبالفعل تخلص منهم لتأتي جماعة أخرى، وهي جماعة الشباب الإرهابية، ثم تركت إثيوبيا الصومال في يناير 2009 بعد صعود جماعة الشباب وغيرها من المتمردين الإسلاميين.
وفي 2014، عاد حوالي 4300 من القوات الإثيوبية إلى الصومال كجزء من بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال. وفي صيف 2016، بدأت إثيوبيا في سحب حوالي ثلاثة آلاف من القوات غير التابعة لبعثة الاتحاد الإفريقي من جنوب وسط الصومال بعد التظاهرات التي خرجت ضد النظام الحاكم في إثيوبيا، وبعدها تمكّنت جماعة الشباب من إعادة السيطرة على المناطق التي تركتها قوات إثيوبيا.
ووصلت تكلفة الحرب على جماعة الشباب من حوالي 300 مليون دولار سنويًا في 2009 إلى 900 مليون دولار سنويًا في 2016. وقال الاتحاد الإفريقي، الذي نشر حوالي 22 ألف جندي في الصومال من إثيوبيا وكينيا وأوغندا وبوروندي وجيبوتي، إنه سيكمل مهمته في 2020.
وقال “اليمايهو” إن الرئيس المنتخب دونالد ترامب اتّهم أوباما بهزيمته في حربه على الإرهاب، وتعهّد بتفجير داعش والجماعات الإرهابية الأخرى. وفي 14 أبريل الماضي، أعطى ترامب التصريح بإلقاء “أم القنابل”، أكبر قنبلة غير نووية، على أهداف تابعة لداعش في أفغانستان؛ ولكن هل ستكون “الشباب” التالية؟
واعتبر اليمايهو أنه من الحكمة أن تُفصّل إدارة ترامب استراتيجيتها المكافحة للإرهاب عن نظام إثيوبيا، الذي يستطيع بالكاد حكم بلاده بإعلانه حالة الطوارئ، موضحًا أن تدخّل إثيوبيا في الشؤون الداخلية للصومال جعل الوضع السياسي والعسكري في الصومال أسوأ، وتسبب في حالات انتهاك لحقوق الإنسان وجرائم حرب.
وأضاف أنه يمكن القول إن إثيوبيا السبب الرئيس الذي يدفع إلى تطرف أعداد كبيرة من الشباب الصومالي ودخولهم في جماعات متطرفة مثل “الشباب”.
وقال اليمايهو إن النظام الإثيوبي استفاد من المساعدات الأميركية بسبب دورهم في مكافحة الإرهاب، ولكن دور إثيوبيا كان لخدمة أنفسهم فقط؛ فإذا كان لهم دور مؤثر فلماذا لم تُهزم جماعة الشباب حتى الآن على الرغم من بدء المعركة معها منذ حوالي عشرة أعوام؟