بدأت علامات عدم الاستقرار في السعودية بعد محاولة الملك سلمان بن عبدالعزيز تعديل الحكومة، بوضع أعضاء من العائلة المالكة في مناصب مؤثّرة، في الوقت الذي زاد فيه من سلطات ابنه الأمير محمد بن سلمان.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه التحركات إلى صراع مباشر مع الأمير محمد بن نايف. وقال محللون إن الصراع الداخلي بدأ في الظهور. ولكن المفاجئ بدء هذا الصراع في حياة الملك سلمان؛ حيث أشارت التوقعات إلى نشوبها بعد وفاته، وقد يتسبب أمر الملك سلمان بتعيين ابنيه الأمير عبدالعزيز وزيرًا لعلاقات الطاقة والأمير خالد سفيرًا لدى الأمم المتحدة إلى أزمات داخل المملكة.
وفي الوقت ذاته، قرّر الملك سلمان إعادة كل الميزات التي أُلغيت في سبتمبر الماضي نتيجة أزمة أسعار البترول، بالإضافة إلى إعلانه راتب شهرين بدلًا لأفراد الجيش والعسكريين الذين يقاتلون في اليمن.
ومن المتوقع أن يظهر صراع السلطة داخل قصور الملك سلمان في الشهور المقبلة، في الوقت الذي اُعتُبر فيه تعديل الحكومة الحالية خطوة مباشرة لزيادة تأثير الملك سلمان وعائلته.
وخلال هذا التوقيت، قالت مصادر في الإعلام السعودي إن أوامر الملك سلمان وضعت حلفاء لابنه محمد في مناصب أساسية، وأظهر الملك اهتمامًا قويًا بتقوية العلاقات بأميركا، ويعتبر تعينه ابنه الأمير خالد سفيرًا في أميركا تأكيدًا لهذا الاهتمام.
واُعتُبر تعيين الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزيرًا لشؤون الطاقة حدثًا مهمًّا؛ حيث سيعمل على تخفيف أعباء وزير الطاقة والصناعة والثورة المعدنية خالد الفالح.
وقال متابعون للوضع إن تعيين الأمير خالد خطوة لتهميش الأمير محمد بن نايف. ولا زال الأمير نايف يحتفظ بعلاقات قوية مع مسؤولين بواشنطن، ويرى البعض أن ما فعله الملك محاولة لإعادة العلاقات السياسية وعمليات مكافحة الإرهاب في أيدي فرع سلمان بالمملكة.
وعلى الرغم من عدم تحدي محمد بن سلمان لمحمد بن نايف، ولي العهد الحالي، على العرش؛ فإنه من الواضح بدء صراع قريب على السلطة، خاصة مع توجيه الإعلام السعودي اهتمامه نحو ابن سلمان. ويحاول الأمير محمد بن سلمان تقليل اعتماد المملكة على النفط في رؤية 2030، ومن الواضح أن لديه طموحات عالية.
وأنشأ الملك سلمان مركز أمن قومي جديدًا، وسيعين محمد بن صالح الغفيلي مستشارًا له. وفي الوقت ذاته، عيّن اللواء أحمد العسيري -الموالي لسلمان- نائب رئيس هيئة المخابرات العامة. ويعتبر مركز الأمن القومي في صراع مع الجهاز الموجود الذي يترأسه محمد بن نايف وزيرًا للداخلية؛ ما يضعه في موقف غير مستقر.
ويتضح تأثير تحركات آل سلمان؛ إذ تأثرت سلطة ولي العهد محمد بن نايف، وشُكّل هيكل السلطة الخاص بـ “نايف” بفضل صِلته بالمنظمة الأمنية في المملكة، وكان إنجازه قبل توليه العهد نجاح عملياته ضد “القاعدة” و”المليشيات الإسلامية”.
ولا يبشر الصراع الداخلي، الذي يتفوق فيه حتى الآن محمد بن سلمان وحلفاؤه، بالخير في الأشهر المقبلة. ويمكن تحقيق الاستقرارين السياسي والأمني في حالة مواجهة المعارضة المنتشرة؛ ولتحفيف الخلافات السياسية أو الملكية يجب على حكومة الملك سلمان محاولة الضغط لرفع أسعار النفط والإيرادات، ما سيضع المملكة في تحدّ كبير؛ ففي الوقت الذي يصل فيه سعر برميل النفط إلى حوالي 50 دولارًا، يجب على السعودية استخدام قواتها وتأثيرها الدولي للتحكم في سوق النفط المتقلب. وستحتاج الرياض إلى تدفق مستمر لدعم المصروفات الحكومية العالية والإعانات والرواتب، وكذلك الاستثمار في مشاريع تنويع الاقتصاد، ويعتبر خفض إنتاج “أوبك” الخيار الوحيد.
ومن المتوقع، وفق تصريحات مسؤولين سعوديين، ارتفاع العوائد المالية للمملكة؛ حيث تحسَّن الوضع المالي للحكومة خلال الفترة الماضية، ولكن لا زالت الدولة تواجه عجزًا بقيمة 50 إلى 53 مليار دولار، ولا زالت هناك ضرورة لاتباع سياسة مالية صارمة.
ورغم هدوء المعارضة في الوقت الحالي؛ إلا أنه قد يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة. وتعتبر محاولة الملك سلمان لوضع السلطة في أيدي عائلته، في الوقت الذي يعطي أموالًا إضافية للجيش والشعب، إشارة إلى وجود معارضة لأحلام الأمير محمد والموالين له.
ويجب أن يأخذ سوق التجارة العالمي الأوضاع الداخلية السعودية بجدية؛ حيث سيعمل التهديد بوجود صراع ملكي في السعودية، أو تزايد التوترات في الشارع، على زعزعة موقف قائدة منظمة الأوبك. وتظهر التقارير أن هناك دعوات داخلية لبدء احتجاجات. وأظهرت تقارير أخرى بدء انتشار قوات الأمن في شوارع وسط الرياض، ولكن لم يبدأ أي احتجاج أو صدامات حتى الآن. وبدأت تظهر أصوات المعارضة في الأوساط السعودية؛ خاصة من حركة “21 أبريل” التي استخدمت تويتر للمطالبة بإعادة المزايا، ودعت أيضًا إلى إنهاء خطط أرامكو للاكتتاب العام؛ بل ودعا البعض إلى إنهاء النظام الدستوري الملكي.
ولهذا؛ تعتبر إعادة المزايا والتعيينات الحكومية منطقية للملك سلمان؛ إذ إن الاستقرار من أولويات العائلة المالكة. ويمكن تحول الوضع من سيئ لأسوأ في حالة حدوث احتجاجات بجانب الأزمات المشتعلة مع الشيعة. كما يعد زعزعة استقرار السعودية جيّدًا لإيران؛ فالتخلص من عدوها الرئيس لن يطلق يدها في العراق وسوريا واليمن فقط، ولكن يمكن أن يهدد البحرين والكويت أيضًا. ويعتبر التقليل من خطورة الوضع بين السعودية وإيران مؤشرًا غير حكيم.