قال الكاتب البريطاني روبرت فيسك، في مقال نشرته صحيفة “إندبندنت” البريطانية، إن استعانة الجيش بمليشيات تابعة له في حربة ضد تنظيم الدولة تكشف عن فشل كبير له.
وقال الكاتب إن حروب مكافحة التمرد تولِّد دائمًا الفساد والقتل العشوائي، والآن يتّبع الجيش المصري المسار الملوَّث نفسه الذي يستخدمه عديد من جيرانه في الاستعانة بمليشيات تقاتل في صفوفه في حربه ضد تنظيم الدولة في سيناء، ولدى معظم الجيوش حلفاء بالوكالة يمكن أن يعملوا مخبرين ويعاملوا المدنيين بوحشية. وشعر جميعهم بالخزي لما قام به هؤلاء الحلفاء المفترضون، كما حدث مع الجيوش السوري والعراقي والتركي والإسرائيلي عندما تحالفت مع المليشيات اللبنانية في الفترة ما بين 1976 إلى 2000 والأميركيين في العراق.
ويستعين (الرئيس) الحالي لمصر عبدالفتاح السيسي، الذي نفّذ انقلابًا عسكريًا أطاح بأول رئيس منتخب في البلاد، بمليشيات عسكرية في سيناء؛ حيث استولى تنظيم الدولة على مناطق في شبه الجزيرة.
ويرى الكاتب أن استخدام المليشيات يدل على مدى تدهور الوضع العسكري في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وتتعرض الشرطة والجنود المصريون إلى الهجوم يوميًا، ويختفي المدنيون إما خوفَا من تنظيم الدولة أو هربًا من إلقاء القبض عليهم من قبل “المتعاونين” مع الجيش الذين يعدمون أيضًا “المشتبه فيهم”.
ويلفت الكاتب إلى ظهور لقطات فيديو توضح إعدام الجيش لثمانية مدنيين عُزّل في سيناء، ووَضَعَ أفراد الجيش الأسلحة بجانب جثثهم بعد قتلهم؛ وهو ما أدانته منظمة “هيومان رايتس ووتش” وطالبت الدول المتعاونة عسكريًا مع مصر بإيقاف مبيعات الأسلحة والتدريب لجيشها إلى حين إنهائه هذه الانتهاكات.
ويتوقع الكاتب عدم التفات الإدارة الأميركية ولا الدول الغربية إلى مثل هذه المطالبات؛ إذ كانت القوات الأميركية في مهمة مشتركة مع القوات العراقية عندما أخفت المليشيات الشيعية المئات من السكان المدنيين الفارين من الفلوجة، والآن الموصل، ولم نسمع عن أي رد فعل للجيش الأميركي أو أي من الدول الأوربية.
ويؤكد الكاتب أن أيّ نقاش حول سيناء يجب أن يأخذ بعين الاعتبار إعدام تنظيم الدولة لرجال الشرطة والجنود والمدنيين وقتل المسيحيين وضرب بائعي السجائر واجبار النساء على ارتداء النقاب في بعض المناطق. وفي غضون خمسة أشهر، شهدنا هجمات على الكنائس المسيحية في القاهرة والإسكندرية وطنطا، ويمكننا أن نتوقع مزيدًا من نشاط التنظيم في وسط مصر وانتشار جنود غرب قناة السويس ومليشيات القاتلة.
وتحوّلت الصحافة المصرية في العادة إلى تكتيك اعتمدته الحكومة الجزائرية عندما زعمت فوز الدولة ضد الإرهاب في الفترة ما بين 1992 و1998، وتصرّ الصحف المصرية على أن الجيش المصري لا يمكن اتهامه بالفشل في السيطرة على الإرهاب بينما تتعرض ستوكهولم ولندن وباريس إلى الإرهاب. ودائمًا ما تقارن الحرب في سيناء بحرب تركيا ضد حزب العمال الكردستاني الكردي، ولا يمكن لهذه الصحف أن تغير من حقيقة أن (السيسي) منذ وصوله إلى السلطة بانقلاب ينتقل كل يوم من فشل إلى آخر؛ سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية.
ويختم الكاتب بالقول: “المشكلة هي أن حرب مصر ضد تنظيم الدولة، التي باتت خارج السيطرة، وإنشاء خلايا القتل التي تساعد الجيش؛ قد تجعل من مؤسسات الدولة عاجزة عما قريب. وعندما تُقْدِم مليشيات الجيش الآن على إعدام أعداء الدولة المفترضين نفكّر وقتها فقط في العراق”.