كثير من الدراسات أجريت في مختلف أنحاء العالم، عن أسباب طول عمر بعض الناس، لما هو فوق الطبيعي، وتضع تلك التجارب المعمرين حول العالم تحت المنظار، من حيث طبيعة الحياة، وممارساتهم للأنشطة طول فترة عمرهم.
وتتساءل مراسلة صحيفة “الجارديان” للعلوم حنا ديفلين: “هل يمكن للإنسان أن يعيش حتى عمر 146 عاما؟”.
وتجيب الكاتبة قائلة إن العلماء يشكون في حدوث هذا الأمر، لكنهم لا يستبعدون العامل الوراثي والجيني في إمكانية حدوثه، مشيرة إلى أن ملك الموت يأتي للجميع، لكنه لا يستعجل لقبض أرواح البعض.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن هذا هو الوضع في حالة الرجل الأندونيسي سوديموجو، الذي توفي يوم الأحد، لافتا إلى أنه سواء كان عمره عند وفاته 146 عاما، كما زعم، أم لا، فإنه يظل محل شك؛ لأن ولادته كانت قبل ثلاثين عاما من بداية السجلات المحلية للولادة في منطقته.
وتذكر الصحيفة أن العلماء لديهم عدد من الأسباب ليتساءلوا عن صحة هذا الرقم، ففي دراسة نشرت قبل عام كشفت عن وجود سقف زمني محدد للحياة الإنسانية.
ويلفت التقرير إلى أنه في الوقت الذي زادت فيه معدلات الحياة وبشكل مستمر منذ القرن التاسع عشر، فإن أرقاما من “قاعدة البيانات الدولية للشيخوخة” كشفت عن أن متوسط أعمار من تقدم بهم العمر على ظهر البسيطة لا يتجاوز 114.9 سنة.
وتبين ديفلين أنه نظرا لأن هذا مرتبط بوضع تطورت فيه الظروف الصحية في العالم، فإن العلماء توصلوا إلى وجود عامل بيولوجي يحدد طول العمر، حتى لو لم يتعرض الشخص لحادث أو مرض، فالجسد البشري يبدأ بالتراجع، ويستمر على هذه الحال حتى يصل إلى نقطة اللاعودة.
وتنقل الصحيفة عن عالم الوراثة في كلية ألبرت آينشتاين للطب في مدينة نيويورك جان فيج، الذي قاد فريق البحث في هذه الدراسة، قوله: “قدمنا ببساطة أدلة على أن الإنسان لديه سقف زمني محدد للحياة، لا يمكنه تجاوزه، وهذا هو جزء من الطبيعة الإنسانية”.
وينوه التقرير إلى أنه قد تكون هناك حالات استثنائية، كما في وضع المعمرة الفرنسية وأطول البشر عمرا جين كالمين، التي كان عمرها 122 عاما عندما توفيت في عام 1997، مستدركا بأنه رغم ذلك، فإن الناس بشكل عام لهم “مدة صلاحية”، حيث يرى فيج أن احتمال العيش لمدة 146 عاما هو صفر، ويقول: “لو قال لك شخص إنه شاهد الأجسام الغريبة أمس لكنها رحلت الآن، فستكون مؤدبا معه لكنك لا تصدق ما يقول”، ويضيف: “هذا رد فعلي على هذه القصة”.
وتعلق الكاتبة قائلة: “قبل أن تصدق أن السقف الزمني للحياة وطولها هو 115 عاما، حيث تنتهي مدة صلاحية الجسد الإنساني، فإنه من الملاحظ أن هذا السقف مرشح للزيادة في المستقبل”.
وتورد الصحيفة نقلا عن أستاذ علم الشيخوحة البيولوجية في جامعة برايتون ريتشارد فراغر، قوله: “ما هي المدة التي يمكن أن يعيشها الإنسان لو لم تقم بعمل أي شيء له؟ ربما 120 عاما، لكن السؤال هو ما هي المدة التي سيعيشها الإنسان إن قمت بعمل شيء له؟”.
ويفيد التقرير بأن الزيادة الثابتة لمعدل العمر المتوقع، باعتباره مختلفا عن طول العمر، مرتبطة حتى الآن بتراجع نسبة التدخين، والتغذية الجيدة، والمضادات الحيوية، مشيرا إلى أن الأدوية والعمليات الجراحية لأمراض القلب والسرطان تؤدي دورا في هذا الأمر.
وتستدرك ديفلين بأنه مع ذلك، فإن العلماء بدأوا باستكشاف وسائل علاجية مصممة لاستهداف عمليات الشيخوخة ذاتها والأمراض التي يصاب بها الإنسان في عمر متقدم، لافتة إلى أن هذا المجال تأثر بأدلة مثيرة تؤكد أن الشيخوخة ليست بالضرورة تعبيرا عن تلف طبيعي، بل هي على الأقل، كما تشير الدراسات الأخيرة، متأثرة “بساعة بيولوجية داخلية”، تؤدي إلى وقف أعضائنا وخلايانا.
وتقول الصحيفة إن هذا الأمر يفتح المجال أمام سؤال حول إمكانية إبطاء عمليات التلف البيولوجي للأعضاء، كما زعمت بعض الدراسات على الحيوانات حدوث هذا الأمر.
وتختم “الغارديان” تقريرها بالإشارة إلى قول فيغ: “لا يمكنني القول إنه لا يمكن دفع السقف الزمني للعمر للأمام، لكن لا يمكن للعلم محاولة إخبارنا عن السقف الزمني المحدد للعمر البشري، فهو تنبؤ بالمستقبل”.