أصابت تصريحات مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين بخصوص الأوضاع في مصر السلطات المصرية بالتوتر الشديد؛ حيث اتهم المفوض السامي الحكومة المصرية بالتسبب في التطرف من خلال الممارسات القمعية من سجن وتعذيب ومنع تظاهر فضلا عن التصفية والاختفاء القسري، معتبرا ذلك ليس حلا للإرهاب، حسب قوله.
ولم يتأخر الرد المصري كثيرا والذي كان مشوبا بالتوتر، فأصدرت وزارة الخارجية بيانا تدين فيه تصريحات بن رعد واصفة إياها بالمخجلة والمشينة، كما انبرى بعض الأشخاص المحسوبين علي نظام السيسي للهجوم على “الحسين” ومن بين هؤلاء مصطفى بكري وعلاء عابد.
الطوارئ ليست حلا
وكان الأمير زيد بن رعد الحسين قد صرح أمس الإثنين، قائلا: “الإجراءات الأمنية العنيفة في مصر تغذي التطرف الذي تسعى الدولة لمحاربته”، مشددا على أن الحفاظ على الأمن يجب ألا يكون على حساب حقوق الإنسان.
وأضاف الأمير زيد: “حالة الطوارئ والاعتقالات بأعداد كبيرة والتقارير عن عمليات تعذيب واستمرار الاعتقالات العشوائية… كلها عوامل نعتقد أنها تسهل التطرف في السجون وتدعمها الحملة الصارمة على المجتمع المدني متمثلة في قرارات المنع من السفر وأوامر تجميد الأرصدة وقوانين منع التظاهر”.
وأكد: “هذا في رأينا ليس الوسيلة لمحاربة الإرهاب” مضيفا “نعم، لابد أن يكون الأمن القومي أولوية لكل دولة، لكن مرة أخرى ليس على حساب حقوق الإنسان”
ودان مفوض الأمم المتحدة، في مؤتمر صحفي في جنيف ما يجري من تفجيرات في مصر بقوله: “أدين بشدة الهجوم على الكنيسة القبطية الشهر الماضي. مرة أخرى لا نقلل من خطورة التحديات التي تواجه مصر أو أي دولة أخرى في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف”، مشيرا إلى هجومين انتحاريين استهدفا كنيستين في مدينتي طنطا والإسكندرية الشهر الماضي وأسفرا عن مقتل 45 شخصا على الأقل، والتي أعقبها إعلان عبد الفتاح السيسي بعد الهجومين حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وهو الإجراء الذي أقره مجلس النواب.
رد الخارجية
ولم يتأخر رد الخارجية كثيرا، فأصدرت بيانا استنكرت فيه تصريحات الأمير زيد، جاء فيه: “إطلاق مثل تلك التصريحات غير المسؤولة من جانب أشخاص يفترض فيهم إدراك طبيعة مهام ومسؤوليات المناصب التي يتولونها يعد أمرا مخجلا بل ومشينا في بعض الأحيان”.
وقال أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الوزارة، في البيان: “في الوقت الذي ينبري فيه المفوض السامي في إطلاق تلك التصريحات غير المسؤولة لا نرى له مواقف مشابهة حينما تتعرض قوات إنفاذ القانون في مصر لعمليات قتل وقنص وترهيب على أيدى التنظيمات الإرهابية”.
ودافع “أبو زيد” عن قانون الطوارئ قائلا: “البرلمان المنتخب أقره بموجب الدستور”. مضيفا: “لم نر المفوض السامي ينتقد دولا أخرى في فرضها لحالات الطوارئ في ظروف مشابهة”.
شكوي حقوقية
وتشكو منظمات حقوقية في مصر من أنها تتعرض لضغوط لم يسبق لها مثيل لمنعها من أداء عملها.
وكان تحالف منظمات المجتمع المدني المصريعقد ندوة بمقر الأمم المتحدة بجنيف، على هامش اجتماعات الدورة 34 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وشهدت الندوة، ، الكشف عن التقرير الذي أعده التحالف لتقييم أوضاع حقوق الإنسان في مصر، على ضوء توصيات الاستعراض الدوري الشامل، “والذي يغطي الفترة من مارس 2015 وحتى نهاية يناير 2017، وهو تقرير تقييم منتصف المدة لمتابعة مدى التزام الحكومة المصرية بتنفيذ التوصيات التي قبلتها.. قبل عامين”.
وأكد التقرير على أن المنهجية التي يتبناها التحالف كوسيلة للتغيير وتحسين أوضاع حقوق الإنسان هي “الحوار” والفصل بين ما هو سياسي وما هو حقوقي، والعمل تحت مظلة القانون حتى لو كانت أحكامه غير مواتية مع السعي لتغيير هذه الأحكام بالطرق المشروعة.
وتناول التقرير بعض المحاور المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية والتي وردت في التقرير، وأشار إلى أن التطورات في محاور مكافحة الإرهاب، وسلوك جهات إنفاذ القانون، والحق في التنظيم والتجمع السلمي، تتسم بأن لها جوانب إيجابية وجوانب سلبية في نفس الوقت.
وضرب المثل بتعدد وقائع إحالة الضباط المتورطين في التعذيب للمحاكمات وصدور أحكام قاسية ضد بعضهم وهو ملمح إيجابي، إلا أن الجانب السلبي هو عدم تعديل تعريف جريمة التعذيب في قانون العقوبات حتى الآن.
وقال الدكتور ولاء جاد الكريم، الأمين العام لمؤسسة شركاء من أجل الشفافية ونائب رئيس مجلس أمناء التحالف، ومقرر لجنة إعداد التقرير أن التقرير، يعتمد على التوصيات التي قبلتها الحكومة المصرية كليا وجزئيا أو أخذت بها علما، وينقسم إلى 25 محورا تغطي كافة القضايا موضع التوصيات، حيث يرصد كل محور الإطار الدستوري والتطورات التشريعية والإجرائية ذات الصلة خلال الفترة التي يغطيها التقرير.
وتناول “جاد الكريم”، في كلمته بعض المحاور المتعلقة بحرية العقيدة وحرية الرأي والتعبير ومكافحة الفساد والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى حاجة الأطر التشريعية إلى مزيد من التعديل لتتواكب مع متطلبات الوفاء بتعهدات الحكومة المصرية أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل في هذه المحاور.
تضارب الاراء
وتعليقا على ما سبق؛ قال الناشط الحقوقي إبراهيم متولي: “ما أشار إليه المفوض السامي للأمم المتحدة رغم تقديرنا له إلا أنه لا يعبر عن الواقع الحقيقي لحقوق الإنسان في مصر؛ حيث أشار فقط إلى ممارسات ربما تكون عادية سواء بالاعتقال أو سوء المعاملة للسجين أو منع التظاهر ولكن هناك جرائم أخرى تُرتكب من جانب السلطة في مصر مثل التصفية الجسدية خارج القانون والإخفاء القسري للعديد من الأشخاص منهم من يظهر بعد فترة طويلة ومنهم من لم يظهر حتى الآن منذ عدة سنوات وحتى من يظهر يتم اتهامه في قضايا ويتم الحكم عليه بأحكام أحيانا تصل إلى الإعدام”.
وطالب “متولي”، في تصريحات خاصة لـ”رصد”، بضغوط أكبر من جانب الأمم المتحدة والمؤسسات والهيئات الحقوقية الدولية على مصر ومحاسبة السلطة فيها بشكل جاد وليس فقط إصدار البيانات والتقارير، بل لابد من إجراءات عقابية كحرمان من التمثيل في المؤسسات الدولية أو مطالبة القوى الكبرى بالضغط علي النظام لتقليل هذه القبضة وهذه الممارسة ووقف المعاهدات والاتفاقيات بين هذه الدولة والنظام المصري بحيث يكون شيئا ملموسا على أرض الواقع.
من جانبه؛ استنكر النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، التصريحات التى أدلى بها زيد بن رعد، المفوض السامى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حيث قال في تصريحات صحفية: “إنها ذات التصريحات التى دأب على إطلاقها منذ تولى منصبه فى يونيو 2014″، مستطردًا : “كرر المفوض السامى كلامه المرسل عن التضييق على بعض النشطاء الحقوقيين، وادعاؤه بوجود معتقلين فى مصر، والتوسع في ظاهرة الإختفاء القسرى”.
وأضاف “عابد”: “إن بن رعد، لا زال يتناول الشأن الحقوقي فى مصر بعين واحدة، وتخضع تصريحاته عن أوضاع حقوق الإنسان فى مصر للضغوط التى تمارسها بعض المنظمات الدولية، وبعض النشطاء المصريين المعروفين بعدائهم للدولة المصرية”.