قال الدكتور عمر برهام، في حوار خاص مع شبكة رصد، إن أهداف تركيا في سوريا تتلخص في إضعاف الأكراد ومنعهم من إقامة منطقة حكم ذاتي بالقرب من الحدود مع تركيا حفاظاً على الأمن القومي التركي وإنهاء حكم بشار الأسد ودعم ورعاية السنة غير البعثيين ولفت إلى الصعوبات المؤقتة التي تواجه القوات التركية التي تريد طرد الأكراد من مدينة “منبج” حيث تمنع القوات الروسية والأميركية الجيش التركي من التقدم.
والدكتور عمر برهام حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة سكارايا التركية في العلاقات الدولية، كما أنه باحث متخصص في شئون الجماعات المسلحة في سوريا.
1- هل تحولت العلاقات التركية القطرية إلى تحالف إستراتيجي بين البلدين في ظل مواقفهما المتشابهة تجاه القضايا الإقليمية خاصة في سوريا ومصر؟
نعم يمكننا القول أن قطر وتركيا تحتاجان لبعضهما البعض نظراً لمصالحهما الإقليمية المشتركة، فدعم الإخوان المسلمين في مصر والمعارضة السورية هي أهداف مشتركة بين أنقرة والدوحة، ومن ناحية أخرى، تشكل إيران الآن تهديدا كبيرا لكلا البلدين، وهذا التهديد يقود أنقرة والدوحة إلى تحالف عسكري ويعتبر الاتفاق التركي-القطري إنشاء قاعدة عسكرية تركية كبيرة داخل قطر خطوة جادة ضد إيران في منطقة الخليج.
2- ما هي الأهداف التركية في سوريا؟
أنقرة لديها ثلاثة اهداف في سوريا؛ الهدف الأول هو إيقاف وإضعاف وحدات حماية الشعب الكردية في الشمال السوري، ويعد هذا الأمر مسألة أمنية قومي بالنسبة لتركيا، إذا بقت وحدات حماية الشعب كأحد الجهات الفاعلة القوية في سوريا، فإن حرب تركيا ضد حزب العمال الكردستاني داخل تركيا ستزداد صعوبة، والهدف الثاني هو دعم جماعات المعارضة الرئيسية مثل أحرار الشام وفيلق الشام وجيش الإسلام ومجموعات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا، وبالتالي تريد تركيا أن تقوّي موقفها عندما يحين وقت التفاوض حول مصير سوريا.
الهدف الثالث هو بالطبع الإطاحة بنظام الأسد، وتدرك تركيا أن نظام الأسد لن تتم الإطاحة به بالقوة فقط لكن في نفس الوقت، لن يقبل الأسد وداعميه الحل السياسي دون إحراز المعارضة لتقدم عسكري على الأرض.
3- لماذا ترفض تركيا تأسيس منطقة حكم ذاتي للكرد على الحدود السورية؟ ألا يعد ذلك تدخلاً في الشؤون الداخلية السورية؟
هناك سببان؛ الأول: أن إنشاء منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا ستكون تحت حكم فرع حزب العمال الكردستاني في سوريا، وستعتبر تركيا هذا التطور تهديدا مباشرا لوحدتها وأمنها، وبالتالي فإن أنقرة ستفعل كل ما في وسعها لوقف توسع وحدات حماية الشعب.
السبب الثاني هو أن حدود سوريا والعراق وكل حدود الشرق الأوسط تقريبا وضعت من قبل القوى الغربية في أوائل القرن العشرين وقبلت بها القوى الإقليمية والعالمية عن طريق الاتفاقات الدولية، وفي حال تغير الحدود الحالية، ربما تطالب تركيا والقوى الفاعلة الأخرى في المنطقة بوضع حدود جديدة وهو ما قد يخلق المزيد من الفوضى في المنطقة.
4- كيف ترى المعادلة الآن في سوريا بعد موقف ترامب العدواني تجاه بشار الأسد، وتراجع تنظيم الدولة الإسلامية في العديد من المدن السورية والدعم الأميركي لبعض جماعات المعارضة؟
يمكننا القول أن ترامب سيكون أكثر حسما عندما يتعلق الأمر باستخدام القوة العسكرية في سوريا، ولكني أعتقد أن موقف ترامب الحازم سيكون الهدف منه تحقيق توازن أمام نفوذ إيران في سوريا، وسيكون هذا هدفا واقعيا للجمهوريين الأميركيين و”إسرائيل” وتركيا، ولا أعتقد أن روسيا ستكون حزينة إذا فقدت إيران بعض التأثير على الأسد وسوريا.
لكني أتوقع قيام الولايات المتحدة بضرب بعض الأهداف للأسد وإيران في سوريا، وما زلت أعتقد أن المجموعة المفضلة التي ترغب الولايات المتحدة في دعمها ستكون وحدات حماية الشعب، ولن تحصل جماعات المعارضة في الشمال على أي دعم أميركي إضافي، ومن ناحية أخرى يمكننا أن نتوقع بعض الدعم الأميركي للمعارضة الجنوبية بهدف محاربة تنظيم الدولة.
5- يتحدث بعض الكتاب الأتراك عن فشل القوات التركية في إيقاف المكاسب الكردية بسبب منع القوات الروسية والأميركية الجيش التركي من التقدم إلى مدن أخرى يسيطر عليها الأكراد على الحدود التركية السورية، ما مدى صحة هذا الكلام؟
هذا الكلام صحيح على المدى القصير.. بالفعل تمنع القوات الأميركية والروسية القوات التركية من مهاجمة وحدات حماية الشعب التي تسيطر على “منبج” ومع تحالف وحدات حماية الشعب مع الأسد يبدو الآن أن خط عفرين – حلب – منبج مرتبطا، لكن تظهر إمكانات تركيا من خلال إطلاق درع الفرات بعد محاولة انقلاب خطيرة في في الداخل، كما أن الحكومة والجيش التركي استعدتا لعمليات جديدة وفقا لتصريحات أردوغان، وقد تكون العملية القادمة في عفرين و منبج أو تل أبيض، وسيؤدي تدخل عسكري تركي ناجح ضد وحدات حماية الشعب إلى إجبار الروس والأميركيين على اتباع إستراتيجية جديدة في شمال سوريا .
6- هل أصبح الحفاظ على سوريا موحدة أمراً مستحيلاً بعد كل هذه الكراهية والنزاع الطائفي؟ هل من الممكن لتركيا أن تدعم تقسيم سوريا على أساس طائفي إذا أعطي الأكراد أراض أو دولة بعيدة عن الحدود التركية؟
لا أعتقد أن التقسيم “الطائفي” سوف يحدث، أعني أن الديموغرافيا السورية لا تعطينا دولة علوية قوية –علويستان-، وبالتالي فإن التقسيم سيكون أيديولوجيا، بعض أجزاء سوريا يمكن أن تحكمها شخصية سنية غير منتمية إلى حزب البعث، والمدن الرئيسية مثل دمشق وحلب وحمص وحماة قد يحكمها النخب العلوية مع السكان السنة، وقد تتطلع تركيا إلى أن تكون حماية السنة غير البعثيين، وبعد وفاة 600 ألف في الحرب الأهلية، فإن من غير الواقعي أن نتنبأ بوحدة سكان سوريا، للأسف.
7-برأيك.. ما هو الخيار الأفضل الآن للثوار السوريين: أن يكملوا نضالهم ضد النظام لـ”تحرير” المزيد من الأرض أو الذهاب إلى طاولة المفاوضات؟
الحديث عن أفضل خيار للثوار السوريين أمر سهل وبسيط ولكن من الصعب تحقيقه، وهو بناء هيكل عسكري موحد مع تمثيل سياسي قوي، إذا كنت تريد المزيد من الدعم الأجنبي وأن تكون جزءا من المفاوضات يجب أن تؤكد للجهات الفاعلة الأخرى أنك جاد وقوي.
8- ما هو الموقف العسكري الحالي لتنظيم الدولة؟ هل بات في أضعف حالاته ؟
التنظيم في أضعف حالاته منذ عام 2014، ولكن يجب أن نتذكر أن لديهم تجربة ونكسات مماثلة في العراق في الفترة ما بين 2009-2011، وإذا استمر الوضع السياسي والإنساني الصعب في الدول السنية، فإن مجموعات شبيهة بتنظيم الدولة ستظهر من جديد.
9- برأيك، ما هي الخيارات المتاحة لتنظيم الدولة بعد الهزائم المستمرة في سوريا والعراق؟ هل سيحاول نقل مقره أو زيادة عملياته في دول ومناطق أخرى مثل ليبيا أو سيناء؟
يجب أن تتبع الإصلاحات السياسية النصر العسكري، إذا اتّبعت سوريا والعراق وليبيا طريقا سياسيا جديدا لكي تكون أكثر استقراراً مقارنة بفترة القتال ضد التنظيم، فإنها ستكون بلداناً ناجحة، وفي حال الفشل في تحقيق هذا الاستقرار فإن المعارك والإرهاب لن تتوقف في المستقبل القريب.