طالبت منظمات حقوقية غربية بالغاء الاتفاقيات الأمنية بين نظام عبد الفتاح السيسي والحكومات الغربية، خاصة ألمانيا وبريطانيا اللتين وقعتا اتفاقيين أمنيين مع القاهرة، يتم بموجبهما تقديم الأسلحة والتدريب وغيره من أنواع الدعم للقوات الأمنية المصرية، وجاءت هذه المطالبات علي خلفية تسريب قناة مكملين مؤخرا والاعدامات التي قامت بها الجيش والشرطة لأبناء سيناء.
الدعم الأمني المفتوح
ويهدف الاتفاق الأمني بين مصر وألمانيا إلى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، ويحدد 22 مجالًا للتعاون (مثل منع ومكافحة الفساد والاتجار بالبشر وتهريب المخدرات والأسلحة وغسيل الأموال) بين السلطات الألمانية المختلفة (وزارة الداخلية والشرطة الاتحادية وغيرها)، ووزارة الداخلية المصرية.
وبموجب الاتفاق، ستتبادل ألمانيا ومصر الخبرات في مجال منع الجريمة، المعلومات حول المشتبه بهم، بنية الجماعات الإجرامية، تنفيذ “إجراءات عملانية” بحضور عناصر الحكومة الشريكة، وتبادل الموظفين والمواد للمساعدة في “تحقيقات عملانية”.
أما بالنسبة للاتفاق البريطاني فقد قامت وزارة الدفاع البريطانية حسب بيان للمنظمة العربية لحقوق الإنسان بتدريب أكثر من 80 ضابطًا مصريًا في العام 2015-2016، “كما تعهد وزير الدفاع البريطاني في سبتمبر 2016 بتدريب المئات ضمن إستراتيجية تعاون مع الجيش المصري فيما أسماه مكافحة الإرهاب”.
وكشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، عن تواجد مئة ضابط بريطاني من سلاح الهندسة البريطاني في سيناء تحت مظلة القوات المشتركة لحفظ السلام لتقديم الدعم الهندسي للبعثة.
رفض وادانة
وطالبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان الحكومة البريطانية بتعليق صادراتها إلى مصر ووقف برامج تدريب الضباط المصريين، وذلك في أعقاب التسريب المصور الذي بثته قناة مكملين المصرية ويظهر قيام الجيش بتصفية معتقلين عزل في سيناء.
وفي بيان صادر عنها، قالت المنظمة إن “تدفق الأسلحة بمختلف أنواعها من دول غربية على رأسها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا شجعت نظام الحكم في مصر على الاستمرار في نهجه القمعي ضد المعارضين، وفي سيناء استخدمت هذه الأسلحة في قتل المدنيين وهدم منازلهم وتهجيرهم”.
عقود عسكرية
وأضافت المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا لها: “لا أحد يعلم ما يجري في سيناء فالسلطات ضربت ستارا حديديا يمنع فيه النشر من قبل الصحافة وكل من ينشر أي أمر له علاقة في سيناء دون إذن مسبق يتعرض للملاحقة والمحاكمة العسكرية، وبذلك أصبح ما ينشره المتحدث العسكري باسم الجيش المصدر الوحيد للمعلومات”.
وتتهم المنظمة حكومات ترتبط بعقود عسكرية وأمنية بالتعاون مع نظام السيسي على حساب حقوق الإنسان، ولم تعمل على اتخاذ أي خطوات من شأنها التعبير عن موقف إنساني في حدوده الدنيا يتضامن مع الضحايا.
وترى المنظمة في بيانها أن “ما شجع النظام المصري على الاستمرار في ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة هو عدم قيام المجتمع الدولي بدوره اللازم في استخدام سياسة ردع كافية لوقف النزيف الحاصل، بل الكثير من الدول أقامت علاقات طبيعية وقوية مع هذا النظام”.
المادي علي حساب الانساني
وتنتقد المنظمة الحكومة البريطانية التي تقول إنها “آثرت الصمت وإعلاء المصالح المادية على القيم ومبادئ حقوق الإنسان فاستمرت بتصدير الأسلحة للنظام المصري”، مستشهدة بوثائق حكومية اطلعت عليها المنظمة تشير إلى “أنه خلال الثلاث سنوات الأخيرة وافقت السلطات البريطانية على 318 رخصة سلاح بقيمة 163 مليون جنيه إسترليني”.
مطالب بالرفض
ومن جانبها حذّرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” برلين من أن الاتفاق الأمني بين مصر وألمانيا، والمعروض على البرلمان الألماني للمصادقة عليه “قد يورطها في انتهاكات”، وحثت المنظمة أعضاء البرلمان الألماني على رفضه.
و حثّت منظمة “هيومن رايتس ووتش” لحقوق الإنسان، التي تتخذ من نيويورك مقرًّا لها، في بيان نشرته الاثنين على موقعها في الإنترنت البرلمان الألماني “البوندستاغ” على رفض اتفاق أمنيّ بين ألمانيا ومصر وقعه في وقت سابق وزيرًا داخلية البلدين.
وقالت المنظمة إن الاتفاق، الذي سيعرض على البرلمان الألماني للتصديق عليه يوم الجمعة القادم (28 أبريل)، يفتقر إلى حماية حقوق الإنسان.
تحذير من التصديق
ونقلت دويتشه فيله أن المنظمة الحقوقية العالمية حذّرت ألمانيا من مغبّة التصديق على اتفاق “سيكون مع جهاز أمني ارتكب عناصره التعذيب والإخفاء القسري، وعلى الأرجح القتل خارج نطاق القضاء”، حسب المنظمة.
وقالت في لهجة تحذير قوية إنه بناء على ذلك “قد يجعل الاتفاق المسؤولين الألمان متواطئين في انتهاكات حقوقية جسيمة”، بحسب المنظمة الحقوقية.
وقال وِنزل ميشالسكي، مدير مكتب المنظمة في ألمانيا: “إذا كانت الحكومة الألمانية تريد المساعدة في حماية المواطنين الألمان والمصريين من الإرهاب مع احترام حقوق الإنسان، فهذه أسوأ طريقة للقيام بذلك. على الحكومة (الألمانية) الحصول على ضمانات موثقة لقيام مصر بوقف انتهاكاتها، وليس التسرع في وضع عناصرها إلى جانب القوات المصرية التي ترتكب القمع”.
تعاون أمني في مجالات عدة
وسينشئ الاتفاق تعاونًا في عدة مجالات، أهمها مكافحة الإرهاب، ويُلزم سلطات البلدين بالتعاون في التحقيقات، وتبادل المعلومات بشأن المشتبه بهم، والقيام بعمليات مشتركة. بيد أنه لا يتضمن، حسب ما ذكرته “هيومن رايتش ووتش”، إلا إشارة مبهمة إلى “دعم حقوق الإنسان”، ويفتقر إلى أي ضمان فعال لإنهاء انتهاكات الأجهزة الأمنية المصرية الرئيسية لحقوق الإنسان.
وقد وقّع وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار الاتفاق مع نظيره الألماني توماس دي ميزيير في يوليو 2016، لكنه لا يزال بحاجة إلى موافقة البرلمان الألماني.
ويشار إلى أنه لم ترد تعليقات رسمية من مسؤولين ألمان حول ما كتبته منظمة هيومن رايتس ووتش عن الاتفاق الأمني بين برلين والقاهرة حتى اليوم
حقوقيون يرفضون
وفي هذا السياق قال عزت غنيم مدير التنسقية المصرية للحقوق والحريات “ان مثل هذه الاتفاقيات تمثل ضربة قاسمة لحقوق الانسان في مصر حيث كانت الانتقادات دائما تتمثل في صمت اوريبا وامريكا علي الانتهكات من جانب نظام السيسي اما ان يتطور الامر الي اتفاقيات امنية يتم بموجبها دعم هذا النظام بالمعدات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية وغيره من اشكال الدعم الاخري فهذا تطور خطير ومرفوض ويغري السيسي بمزيد من القمع والقتل
واضاف غنيم في تصريحات خاصة ل “رصد”: “مثل هذه الامور يجب مراجعتها ودراستها جيدا من جانب المؤسسات لدي هذه الدول واعادة النظر فيها ورفضها خاصة ان الاتفاق بين مصر والمانيا لم يصدق عليه البرلمان الاماني بعد وهناك فرصة لرفضه اواعادة النظر في بنوده علي الاقل وهو ما يجب علي مجلس العموم البريطاني فعله ايضا خاصة ان هناك مواطنيين اوربين ضحايا لهذا النظام وواقعة الشاب الايطالي خير شاهد علي ذلك”.
من جانبه، قال محمد جميل رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان إن “استمرار تدهور منظومة حقوق الإنسان على يد النظام المصري يتحمل مسؤوليته كل الدول الفاعلة التي آثرت غض الطرف عن الجرائم مقابل عقود عسكرية ومنافع استنزفت قوت الشعب المصري وموارده”.
ودعا “جميل” في تصريحات صحفية الحكومة البريطانية إلى إعادة تقييم سياستها القاضية بتصدير أسلحة لدول مثل مصر تصنف من قبل اللجنة البرلمانية الخاصة بمراقبة تصدير السلاح أنها مثيرة للقلق.