منذ فترة، أطلق موقع “فيس بوك” خاصية “البث المباشر”؛ ليتيح لمشتركيه التواصل مع بعضهم البعض بطرق أكثر فعالية. وبعدها بقليل، تشجّع المشتركون لاستخدامها ومشاركة أصدقائهم أنشطتهم المختلفة؛ سواء تناولهم الطعام أو سفرهم أو غيرها من اللحظات المؤثرة والمضحكة.
ولكن، أصبحت هذه الخاصية سلاحًا ذا حدين؛ حيث استخدمها بعض رواد الموقع في أفعال مشينة، منها لحظة تقييد شاب معاق والهجوم عليه بسكين. وفي مارس الماضي استخدم مراهقون هذه الخاصية لنقل اعتدائهم الجنسي على فتاة مراهقة، وشاهد هذا الفيديو ما يقرب من 40 شخصًا ولم يبلغوا عنه؛ سواء للشرطة أو لمسؤولي الموقع.
وفي الأسبوع الماضي شاهد عديدون بثًا حيًّا لشاب يدعى “ستيف ستيفنز”، يبلغ 37 عامًا، يقترب من شخص آخر يدعى “روبرت جودوين”، 74 عامًا، وطلب منه أن ينطق اسم “جو لاين” وعندما استجاب جودوين قتله ستيفنز برصاصة، وبعدها نشر ستيفنز ثلاثة فيديوهات أكد في الأول نيته في ارتكاب الجريمة، وبعدها بدقيقتين رفع فيديو القتل. وفي آخر فيديو، الذي جاء في الساعة 11:22 صباحًا، اعترف بارتكابه الجريمة؛ وذكر “فيس بوك” أن أول بلاغ وصل إليه كان في الساعة 12:59 ظهرًا وأغلقوا حسابه بعدها بـ23 دقيقة، وقيل بعد ذلك إن “جو لاين” هو اسم صديقته التي حدثت بينهما أزمات.
وبعدها أرسل المتحدث باسم “فيس بوك” رسالة إلى صحيفة “واشنطن بوست” قال فيها إن “هذه جريمة مروعة والموقع لا يسمح بمحتوى مثله”، مضيفًا أنهم يحاولون توفير مناخ آمن من خلال موقعهم، وأنهم على تواصل مع الشرطة في حالات الطوارئ عندما يتضح أن هناك تهديدًا مباشرًا للسلامة الجسدية.
وفي 18 أبريل الماضي، بعد جريمة القتل بيومين، قالت مدونة تابعة لموقع “فيس بوك”: “منذ إطلاق هذه الخاصية شاهدنا عديدًا من الأشخاص يستغلون هذه الفرصة لمشاركة خبراتهم، وذهلنا بالإبداع الذي رأيناه”.
وقال الكاتب جو نوتون إن ما حدث يوضح أن هناك جزءًا صغيرًا من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك يُعتبرون مرضى نفسيين ومصابين بالجنان؛ فبعضهم يستمتع بتعذيب غيره ونشر أفعاله للعالم، مضيفًا أن التكنولوجيا الحديثة فتحت المجال لهؤلاء المرضى لإرضاء وحشيتهم.
وأكد “نوتون” في مقالته بصحيفة “الجارديان” أن أي شركة طبيعية ترى أن إنتاجًا لها يساعد في نشر مثل هذه الأشياء للعامة تغلقه فورًا، موضحًا أن “فيس بوك” لا تعتبر شركة طبيعية؛ حيث تجني أرباحها من متابعتها الإعجابات والمشاركة، وتبيع هذه البيانات لشركات الإعلان التي تستخدم هذه البيانات في استهداف الجمهور الخاص بمنتجاتهم؛ ولذا لا يتوقع أن تغلق “فيس بوك” هذه الخاصية.
وأضاف أن “فيس بوك” يحقق أرباحًا من الإعلانات المرتبطة بالفيديوهات؛ ولذا فإن الهجوم الذي يحدث بين الحين والآخر بسبب إساءة استخدام أدوات الموقع يعد تكلفة يجب عليهم دفعها، ولن يتركوا هذه الأفعال تعرقل مسيرة أدواتهم التي يرون أنها تساعد على مشاركة الإبداع.
واعتبر “نوتون” أن ما نراه من خلال “فيس بوك لايف” وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي يعد انعكاسًا للطبيعة البشرية؛ حيث يعتبر ما نشاهده متوقعًا من بعض المرضى النفسيين.