جاء موقف رئيس مجلس إدارة أعرق صحيفة مصرية “الأهرام” أحمد النجار بتقديم استقالته ليفتح بابًا لتساؤلات بشأن الدور الذي ستمارسه “الهيئة الوطنية للصحافة” خلال الفترة المقبلة داخل المؤسسات الصحفية، وأسباب التحكم في كيانات محسوبة على السلطة منذ عقود.
ويرى رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام، مصطفى خضري، أن قرار الاستغناء عن رئيس مجلس إدارة الأهرام “المستقيل” كان متوقعًا؛ وهو ما جعل الرجل يبادر بالخطوة قبل إقالته.
وأوضح خضري في تصريحات صحفية أن النجار قدّم دعمًا إعلاميًا قويا لصالح جهة سيادية معارضة لتوقيع اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين القاهرة والرياض خلال الشهور الماضية، مضيفًا أن ذكاء النجار دفعه إلى المبادرة بتقديم استقالته قبل إقالته المتوقعة بسبب موقفه المعارض للاتفاقية.
تغييرات غير مؤثرة
وعن دور الهيئة الوطنية للصحافة خلال الفترة المقبلة في تغيير القيادات الصحفية، قال خضري إن المؤسسات الصحفية المصرية -سواء القومية أو الخاصة- “بدأت مرحلة الانهيار منذ فترة، وتغيير رؤسائها أو القائمين عليها لن يغير من الواقع شيئًا”، مبينًا أن إنشاء هيئة لإدارة العملية الصحفية “ما هو إلا صراع أجهزة أمنية لإحكام السيطرة على المنظومة الإعلامية”.
خطة للتصفية
من جهته، قال مؤسس نقابة الصحفيين الإلكترونية ومنسق المرصد العربي لحرية الإعلام، أبو بكر خلاف، إن “النظام الحالي لديه خطة ممنهجة لتصفية جميع المؤسسات الصحفية من أي أصوات معارضة، وتحويل وسائل الإعلام لأبواق تسبح بحمد السلطة”.
وأضاف أن “فشل النظام سياسيًا واقتصاديًا وأمنياً دفعه إلى المبادرة بمزيد من محاصرة الإعلام، كخطوة استباقية، ويحاول تدارك حالة الانفجار الشعبي الوشيكة بالتخلص من أي عنصر معارض داخل الإعلام ربما يكون صوتًا للرفض الشعبي في الفترة المقبلة”.
ولفت إلى موقف “النجار” المعارض لسياسات اقتصادية اتخذتها الدولة الفترة الماضية، مُذكرًا بالخلاف الذي حصل بين النجار ورئيس تحرير الأهرام عبدالهادي علام قبل أيام وتسبب في تأخر طباعة الصحيفة؛ بسبب مقال للكاتب أحمد عبدالتواب حول استهداف الإرهاب للمسيحيين، وهو ما نفاه النجار لاحقًا.
التقييم والدعم المالي
وأشار أبو بكر خلاف إلى خطورة تصريح رئيس الهيئة الوطنية للصحافة بربط ضخ دعم مالي للمؤسسات بالتقييم الذي ستجريه الهيئة لها، متوقعًا أن تلفظ الصحف بنفسها أي صحفي لديها لتضمن عدم منع الدعم عنها.
في المقابل، علّق رئيس المجلس الأعلى للصحافة والإعلام، مكرم محمد أحمد، على استقالة النجار قائلًا إن “هناك محاولات لإفشال جهد الهيئات الإعلامية التي تشكلت مؤخرًا”.
كما اعتبر أسباب الاستقالة “غير مقنعة، ومحاولة مستميتة لإفشال تجربة الهيئات الإعلامية”. وقال مكرم إن النجار “كان على علم بأن وضعه في إدارة الأهرام قد انتهى، وأنه غير مرشح لتجديد رئاسته”.
وطالب الصحفي المقرب من السلطة مصطفى بكري، على خلفية خلاف النجار مع علام، بالقبض على الأول بدعوى أن تصرفاته تمس الأمن القومي.