منذ تفجيرات “أحد الشعانين” بكنيستين في الإسكندرية وطنطا، بات علماء الأزهر أمام واجب دفاعي عن مؤسستهم المتهمة على ألسنة كثير من الإعلاميين والكتّاب برعاية الإرهاب وتصاعد مطالبهم إزاءه بضرورة “تعديل مناهج الأزهر المنتجة للإرهابيين” حسب تعبيرهم.
وتأتي هذه الاتهامات رغم كل ما أبدته قيادات الأزهر من حسن تعاون مع السلطة طوال السنوات الأربع الماضية وسير في ركبها ومباركة لخطوات عبد الفتاح السيسي منذ انقلاب 2013م.
تصفية حسابات
يلاحظ الكاتب الصحفي فتحي مجدي ـوهو من خريجي الأزهرـ أن “الأزهر يتعرض لحملة متصاعدة في وسائل الإعلام الموالية للسلطة الحالية، تظهر أكثر عنفا مع كل حادث يصور الكارهون الأزهر أنه ضالع فيه، وعدم الاستجابة لدعوة السيسي بتجديد الخطاب الديني، الأمر الذي يفسر إنشاء المجلس الأعلى لمكافحة التطرف والإرهاب، ردا على ذلك”.
ورأى مجدي في تصريحات صحافية أن الأسباب أبعد من أن تكون لها علاقة بإرهاب تنظيم الدولة الإسلامية، خاصة وأنه لا أحد من بين المتهمين بتفجير الكنيستين أزهري، حسب رأيه.
وأشار إلى أن هناك “رغبة داخل السلطة في تقليص دور الأزهر لتصفية الحسابات، فلا يمكن تصوير خروج كل تلك الأصوات لتهاجم الأزهر بعيدا عن تلك الرغبة، فالكل يتحدث في نفس واحد وكأن الأزهر هو المعني بالأمن وليست الأجهزة الأمنية”.
واعتبر الصحفي أن “السلطة الحالية لم تكتف بما قدمه الأزهر من تعاون، فهي تريده تابعا على الدوام، لا يعارضها مطلقا، فشيخ الأزهر لم يمنعه تأييده لـخريطة الطريق في 3 يوليو2013 من أن يدين بشدة في بيانين مجزرتي المنصة ورابعة”.
“داعشي” الهوى
من جهته، استنكر المحلل السياسي تامر وجيه ما يجري الترويج له باعتبار الأزهر “داعشي الهوى”، فليس كل الإسلاميين متطابقين، “وحتى تنظيم القاعدة ليس داعشيا”.
وأشار وجيه في تصريحات تلفزيوينة إلى أن “خلق تشابه بين كل القوى التي نختلف معها ليس صحيحا ولا مفيدا، وهو نوع من الداعشية الفكرية الممهدة للدعوات الاستئصالية”، معتبرا أن “الأزهر ليس داعش التي تقتل الأقباط وتكفر الدولة السلطوية دفاعا عن سلطوية أسوأ منها”.
وأضاف وجيه أن “داعش تضع غطاء دينيا على فكر يقاوم الدولة المستبدة، من منطلقات شديدة الرجعية والعنصرية والانحطاط، بينما يضع الأزهر غطاء دينيا على فكر يؤيد الدولة المستبدة، من منطلقات محافظة تعادي الحريات الأساسية للبشر وتمجد الدكتاتورية العسكرية”.
تغيير المناهج
من جانبه، يستنكر وكيل وزارة الأوقاف السابق الشيخ سلامة عبد القوي الهجوم على الأزهر، رغم ما يؤكده من “اختلاف مع شيخ الأزهر أحمد الطيب في مساندته للانقلاب العسكري، وهنا لا بد من التفرقة بين موقف الطيب كشخص وبين الأزهر كمؤسسة، فلم تكن مواقف كثير من الأزهريين لمناهضة الانقلاب ونقد الطيب إلا من أجل الحفاظ على استقلال الأزهر”، وفق قوله.
وقال عبد القوي إن “مخطط هدم الأزهر بدأ مع الحكم العسكري لمصر بانقلاب عام 1952، الذي قلص الأزهر وانتزع صلاحياته واغتصب أوقافه، وفقا لتصريحات الطيب نفسه لإحدى الفضائيات”.
شماعة جديدة
من زاويته يرى الدكتور عمرو عبد الرحمن، الجامعة الأسترالية- الكويت، أن الأزهر ما هو إلا شماعة جديدة يريد السيسي ونظامه أن يعلق عليها أخطاءه الأمنية والسياسية بعد أن أصبحت شماعة الإخوان مضحكة وبلا فائدة في نظر المراقبين والمواطنين العاديين.
ويضيف في تصريحات خاصة لـ “رصد” أن السيسي يريد أن يحقق أكبر مكاسب ممكنة من هذه التفجيرات، أولها طعن الأزهر وتقليص دوره وتهميشه وثانيها أن تتحكم الدولة في الدين من خلال وزارة الأوقاف التي تعمل من خلال تعليمات أمنية على حد تعبيره. وثالث هذه المكاسب الإطاحة بأي مؤسسة من الممكن أن يكون لها شكل الاستقلالية في الدولة.
إسلام معلّب
وأوضح المتحدث أن “الأزهر تصدى لكل محتل، فمناهجه بها آيات وأحاديث واضحة تحض على الجهاد في سبيل الله، وهذا ما لا ترغب فيه أميركا ولا الكيان الصهيوني، بل يريدون إسلاما على هواهم”.
واعتبر أنه “لا يمكن الفصل بين زيارة السيسي الأخيرة لأميركا ثم التفجيرات، وبعدها مباشرة الهجوم الشرس على الأزهر لا على شخص الطيب، رغم ما قدمه من مباركة لخطوات السلطة منذ الانقلاب”.
وأكد أنه “قريبا سيتم تعديل في المناهج بحذف كل آيات وأحاديث الجهاد واليهود والنصارى وتقليص صلاحيات شيخ الأزهر وهيئة كبار العلماء، وبالتدريج سيتحول الأزهر إلى مجرد مزار تاريخي مثل قلعة محمد علي باشا، فالعسكريون لا يريدون أندادا لهم بل تابعين”.