أكد المحلل والكاتب “الإسرائيلي” تسفي برئيل، في مقال له نشرته صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية، على أن عبدالفتاح السيسي يعمل على تسخير السينما المصرية في حربه ضد الإسلاميين بشكل عام، وجماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص.
وقال الكاتب، إنه عندما قاد الإخوان المسلمون مصر في 2012، في أعقاب فوزهم الكاسح بالانتخابات قبل عام، حُكم بالسجن على الممثل والمخرج عادل إمام لثلاثة أعوام، وهو ما لم يلتزم بالصمت تجاهه الممثلين والصحفيين والمثقفين، وكان السبب في هذا الحكم هو دعوى قضائية أقامها أحد المواطنين اتهم فيها ثلاثة أفلام لعادل إمام بالإساءة إلى الإسلام ورجال الدين.
وبالرغم من أن “إمام” لم يسجن ليوم واحد، بعد أن أصدرت محكمة النقض حكمها، بأن الثلاثة أفلام لا تحتوي على أي شيء ضد الإسلام، إلا أن هذه المحاكمة أوضحت للمثقفين المصريين أن حقبة حرية التعبير النسبية، التي كانت في عهد حسني مبارك، خاصة فيما يتعلق بالدين الإسلامي لن تعود مرة أخرى.
ولم يتخيل أحد في ذلك الوقت أنه خلال عام ونصف ستتم الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، وستحظر جماعة الإخوان المسلمين وستعلن جماعة إرهابية، ولم يتوقع أحد أن يتولى الجنرال عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد، وإعلانه لخطة تستهدف ترسيخ “خطاب إسلامي جديد” وسماحه للدراما المصرية بتصوير رجال الدين الإسلامي على أنهم محتالين ومحبين للمال ومنغمسون في اللذات.
ويضيف الكاتب أن صناعة السينما الضخمة في مصر تتأثر بهوية النظام المصري، وسلوكه تجاه الحركة الإسلامية، ويستطيع صناع السينما اليوم في عهد انتقاد الدين ومن يمثلونه دون خوف من الاعتقال، وبعد أن أطلق السادات حملة للتصالح مع الإخوان المسلمين أظهرت السينما المعاملة القاسية لنظام عبدالناصر مع الإسلاميين واليساريين والشيوعيين والمثقفين، وكان من بين أفلام تلك الحقبة الكرنك و”إحنا بتوع الأتوبيس”.
ومع وفاة السادات بدأ مبارك حملة ضد التنظيمات الإسلامية وفتح المجال الإعلامي أمام الأفلام التي صورت الإسلاميين على أنهم أعداء الأمة، وظهرت ثلاث أفلام تعبر عن هذا التوجه هي “الإرهابي” و”طيور الظلام” و”الإرهاب والكباب”.
ويشير الكاتب إلى أنه بقدوم السيسي إلى سدة الحكم كان هناك أمل برفع الرقابة السياسية على الأفلام، إلا أنه خلال ثلاث سنوات من حكمه أثبت أن يتفوق على أستاذه مبارك عندما يتعلق الأمر بحرية التعبير; إذ تم تحويل الصحفيين إلى المحاكمات لكتاباتهم الناقدة و”الإضرار بالأمن القومي”.
وأيضُا بات من الواضح لكتاب السينما والمنتجين أن حدود المسموح في الماضي أصبحت أضيق من ذي قبل، وعادت السينمات إلى الدراما والكوميديا وتجنبت السياسة، وكان الاستثناء الوحيد، الأفلام التي تصور الإسلاميين على أنهم فاسدون وإرهابيون، وهي الصورة التي تناسب بشكل جيد حرب السيسي ضد الإخوان والإرهاب الإسلامي.
النموذج البارز لحقبة السيسي السينمائية هو “الجزيرة 2” الذي أنتج عام 2014 وتدور أحداث الفيلم على سيطرة مجموعة من الإرهابيين على جزيرة في جنوب البلاد وبالرغم من أن الغزاة الإسلاميين مسلحون بشكل أفضل، إلا أن السكان المحليين كانت لهم اليد العليا.
والرسالة هنا واضحة: وهي أنه يجب على المواطن رفع السلاح في مواجهة المسلحين، حتى وإن كانوا يتحدثون باسم الدين ويمثلون الطريقة الصحيحة للعبادة، ولست هنا بحاجة إلى مجهر لرؤية العلاقة بين الفيلم وحرب النظام ضد الإسلاميين خاصة الإخوان.
ويمثل إشادة النظام المصري بالفيلم توضيح للكتاب والمخرجين والممثلين بنوعية الأفلام المفضلة لدى الحكومة، وماتعنيه الحرية الفنية.
