بعد ما يقرب خمسين عامًا على الحرب بين “إسرائيل” وفلسطين، والاستعمار الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية؛ أدى وجود المستعمرات الإسرائيلية والتوسع في بنائها رغم معارضات المجتمع الدولي إلى صعوبة إيجاد حلول أو الوصول إلى اتفاقية سلام، وكذلك صعوبة حصول فلسطين على استقلالها.
ونشرت صحيفة “آي بي سي” تقريرًا للصحفيين جوزيف فريدمان وكارين لوب تحدّثا فيه عن القدس الشرقية وتوسع “إسرائيل” غير الشرعي بها.
وإلى نص التقرير:
تعتبر “هارحوما” كأي منطقة أخرى في القدس، توجد بها العربات والمدارس والصيدليات وغيرها، هكذا يراها الإسرائيليون. أما بالنسبة إلى الفلسطينيين وعديد من دول العالم، فإنهم يرونها مستوطنة أخرى غير شرعية في شرق القدس، وأكثرها تدميرًا.
تقع “هارحوما” على واحدة من المساحات الأخيرة التي تربط بين المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية مع عاصمتهم المأمولة في شرق القدس. وإذا حقق المخططون ما يرونه فإن هذه المنطقة ستصبح قريبًا واحدة من أكبر المناطق من حيث عدد اليهود بها؛ ما يوسّع من الوجود الإسرائيلي الذي يقضي على حلم فلسطين بالاستقلال.
ويقول عزيز أبو طير، قائد مجتمع أم طوبا (قرية فلسطينية)، إنهم يشعرون بالعجز بعد بناء المستوطنات، مضيفًا أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء.
وبعد خمسين عامًا من استيلاء إسرائيل على القدس الشرقية، استمر الفلسطينيون والإسرائيليون في الانقسام حول مستقبل المنطقة الحساسة، التي تعتبر مقدّسة للمسلمين والمسيحيين واليهود. وتصاعدت هذه الصراعات بعد وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية وبدء محادثات مع إسرائيل بشأن المستوطنات التي سيتساهل مع بنائها.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن القدس الشرقية لن تدخل في أية مفاوضات بشأن تقليل عدد المستوطنات؛ حيث تعهّد بالتوسع في بناء المستوطنات في أحياء القدس الشرقية مثل “هارحوما”.
واستولت إسرائيل على الضفة الغربية والقدس الشرقية من الأردن في 1967 في حرب الشرق الأوسط، واعتبر الفلسطينيون أن كلتي المنطقتين بجانب قطاع غزة جزء من الاستقلال الذي يسعون إليه، ويحظى هذا الموقف بدعم دولي كبير.
وخلال النصف قرن الماضي بنت إسرائيل حوالي 130 مستوطنة في الضفة الغربية وأكثر من عشرات المساكن اليهودية حول منطقة القدس الشرقية، وهو التحرك الذي رآه عديدون يهدف إلى منع بناء دولة فلسطينية. وتمثل هذه المستوطنات اليوم منازل لحوالي 600 ألف إسرائيلي، يقع ثلثهم تقريبًا في القدس الشرقية.
وفي الوقت الذي لم تدّعِ إسرائيل ملكيتها للضفة الغربية؛ إلا أنها ترى القدس لا تخضع إلى مفاوضات. وضمّت إسرائيل هذه المنطقة بجانب أجزاء من الضفة الغربية بعد حرب 1967، وتقول إن المدينة الموسَّعة بأكملها هي عاصمتها الأبدية.
وعلى النقيض من الفلسطينيين المتواجدين في الضفة الغربية، فإن المقيمين في القدس لديهم وثائق إقامة صادرة عن إسرائيل، ويمكنهم حتى التقدم للحصول على الجنسية. وتعتقد إسرائيل أن بإعطائها هذه الحقوق تعزز من ادعائها بأن هذه المنطقة اليهودية لا تعتبر مستوطنة.
ويرفض الفلسطينيون والمجتمع الدولي ضم إسرائيل لأي جزء، ويرون أن كل الأراضي التي كانت تقع خارج نطاق إسرائيل عام 1967 تعتبر محتلة وجميع المجتمعات الإسرائيلية تعتبر مستوطنات غير شرعية. وبالنسبة إلى الفلسطينيين، فإن وجود منطقة هارحوما بشكل خاص يعد مؤلمًا.
واقتحم نتنياهو هذه الأرض في عام 1997 خلال فترة ولايته الأولى، بعد أربع سنوات من اتفاق السلام المؤقت مع الفلسطينيين الذي قام به سابقه المعتدل، ودافع نتنياهو عن هذا التحرك مشيرًا إلى أن اليهود القدامى كانت لديهم روابط خاصة مع القدس؛ ولكن نظر عديدون إلى هذا المشروع باعتباره بداية نوايا سيئة وتسبب في تظاهرات عنيفة أدت إلى توقف معاهدات السلام في هذا الوقت.
وعندما بدأت إسرائيل في توطين هارحوما، كان المحامي والناشط المجتمعي “يتشزكل”، الذي يعمل مستشارًا لوزير العدل الموالي للاستيطان، من أول المتحركين، متجاهلًا الجدل الدولي والانتفاضة الفلسطينية؛ ومنذ ذلك الحين تحولت التلال المنحدرة في المنطقة إلى مجتمع صاخب يتكون من 25 ألف شخص من المستوطنين.
ويقول يتشزكل: إذا حدث كل شيء وفق المخطط له فإنه سيتم بناء مئات المنازل لسكان هارحوما في الوادي الموجود عبر بيت لحم في الضفة الغربية والقرى المجاورة، موضحًا أن الهدف هو بناء منازل لحوالي 40 ألف شخص.
وأضاف أنه على الرغم من كل الصرخات وكل التظاهرات وكل التهديد؛ فإن ما حدث يعد نجاحًا. وقال إنه يحلم بتوسيع المستوطنة وإنهاء الحلم الفلسطيني بالاستقلال.
أما أبو طير، الذي يعيش في حيٍّ فلسطينيٍّ مجاور، فإنه يرى أن التواجد الواسع لهارحوما مشهدًا مؤذيًا.
وفَقَدَ الفلسطينيون أكثر من 150 فدانًا من الأراضي لبناء إسرائيل حي هارحوما. وقال أبو طير إن أراضي القرية كان يتم تمريرها من جيل لآخر، ويصعب إثبات ملكية الأرض؛ ما يعني استحالة وقف ما يحدث بها.
وقال إنهم يشعرون بالإحباط والانزعاج لرؤيتهم ما يحدث الآن، مضيفًا أن الأراضي التي كانت لعائلته أصبحت الآن مستوطَنة، خاصة لليهود؛ مؤكدًا أن ذلك لا يعد عدلًا.