قال “ديمون لينكر”، الصحفي بموقع “ذا وييك”، إن الأسبوع الماضي أثبت أن مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية، إلى جانب السياسيّين باليمين الوسط واليسار الوسط يشعرون بالغرور بشأن دور أميركا في العالم.
وأضاف في مقاله أنه منذ بداية الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في 2016 وحتى فوز ترامب المفاجئ، ثم المرحلة الانتقالية والأشهر الأولى في رئاسته، عبّر أعضاء من مؤسسة السياسة الخارجية وكبار النقاد السياسيين عن خوفهم من نقص خبرة ترامب ليكون القائد العام.
واندهش “لينكر” من أنه بعد لحظات من إطلاق ترامب 59 صاروخًا على قاعدة جوية سورية تحوّل الوضع تمامًا من خوف إلى إشادة؛ حيث اعتبرت شخصيات عديدة، منهم معارضون له، أنه أصبح رئيسًا بعد هذه الضربة، واستطاع وضع بشار الأسد في مكانه الطبيعي، وتمكّن من إنهاء تردد الرئيس السابق باراك أوباما في استخدام القوة العسكرية في سوريا.
وعلق “لينكر” على هذه الهجمات معتبرًا أن هناك أساسيات يجب علمها؛ منها أن إطلاق صاروخ واحد على دولة أخرى لا يعد فقط عملًا عسكريًا أو تدخلًا إنسانيًا؛ لكنه يعتبر حربًا. مضيفًا أنه بالرغم من أن سوريا لا تستطيع شن هجمات انتقامية على أميركا؛ إلا أن هذه الهجمات إذا حدثت على دولة قوية سيكون هناك رد قوي، مثلما ستفعل أميركا إذا شُنّت هجمات ضدها.
واعتبر أن عدم وضع المحللين لهذه الحقيقة في وسط تحليلهم يعد أمرًا غريبًا واعترافًا ضمنيًا بأن تفكيرهم تكوّن على أيدي البروباجندا التي تضع أميركا في وضع مختلف عن سائر العالم.
ورأى “لينكر” أن المؤسسات المركزية والنقاد اعتبروا أن أوباما لم يستخدم القوة العسكرية على الرغم من قصفه لتسع دول (أفغانستان، باكستان، العراق، سوريا، اليمن، الصومال، ليبيا، جمهورية إفريقيا الوسطى، الفلبين) خلال فترة الثماني سنوات التي قضاها في الحكم، مشيرًا إلى أن ما يعنيه هؤلاء النقاد أن أوباما لم يستخدم سياسة تتبنى الإطاحة بالأنظمة.
وكانت ليبيا الاستثناء الوحيد؛ حيث استطاعت هيلاري كلينتون وآن ماري وسوزان ريس، من مؤسسة السياسة الخارجية وإدارة أوباما، إقناع الرئيس بمساعدة المتمردين في إسقاط حكومة معمر القذافي. ومع الوقت تأكدت عدم رغبة أوباما في خوض حروب، وهو ما قاده إلى مقاومة النداءات المتكررة للتخلص من حكومة الأسد في سوريا؛ حيث بدأ في شنّ هجمات على داعش، ولكنه لم يساعد في أية محاولات للإطاحة بالرئيس السوري؛ خشية من عواقب أسوأ من الحرب الأهلية السورية.
وقال “لينكر” إن ردّ فعل المؤسسة كان سلبيًا بشأن قرار أوباما، معتبرًا أن ذلك يفسر فرحتهم بتغيير ترامب لمسارٍ سار عليه أوباما بثبات لمدة خمس سنوات، وهو الهجوم على قواعد تابعة لحكومة الأسد؛ وعلى العكس تلقى ترامب انتقادات بسبب محدودية نطاق هذه الضربة.
وأكد أن إدارة ترامب والمحللين البارزين لم يستطيعوا تقديم أي استراتيجيات مقنعة لشن مثل هذا الهجوم، ولكن ما فعلوه هو فرحتهم بتحرك أميركا للقيام بتحرك تجاه الوضع السوري، معتقدين أن ذلك سيستمر ويتوسع، ورأى لينكر أن ذلك يعد دربًا من دروب الجنون.
وللدلالة على ما اعتبره “جنونًا”، اتخذ “لينكر” الحرب الأهلية الأميركية مثالًا؛ حيث تمرد في 1861 الجزء الجنوبي من أميركا ضد الحكومة المركزية، وقرر زعيم الحكومة إنهاء هذا التمرد؛ وهو ما أدى إلى مقتل حوالي 600 ألف شخص بعد سنوات دامية.
وقال لينكر: “تخيل أن هناك دولة قوية قررت التدخل في هذه الحرب، وأن هذه الدولة القوية تناقش الانضمام لإيقاف القتل وليست لديها خطط لحل السبب الأساسي لهذا العنف، ولكنها تريد معاقبة الطرف الشرير، والبعض يرى أن أسباب ضرورة الانضمام إلى الصراع واضحة؛ ولذا فإن من يعارض ذلك الرأي عليه أن يأتي بسبب أقوى. وفي النهاية، قررت هذه الدولة أنه من الأفضل السعي لتغيير النظام؛ ولذا فإنها شنت هجمات أدت في النهاية لتغيير الحكومة المركزية، مما يسمح لمنطقة الجنوب أن تسود”.
وأكد أن الهدف ليس مساواة إبراهام لينكولن مع الأسد. وأضاف أن السيناريو المضاد هو تفجير جنوب أميركا والمساهمة في انتصارٍ سهلٍ للشمال.
وأوضح أنه بغض النظر عن أي جانب ستفضّله القوى الخارجية، فإنها ستتحدث بلهجة أخلاقية؛ وهو ما يمنحها سلطة لتحقيق العدالة والعقاب للأفراد أو الأمم، مضيفًا أن هذا ليس السبب الذي اُنتُخبت السلطة لأجله.
وقال “لينكر” إن كل دولة في العالم تفكر بشكل أفضل لمصالحها، موضحًا أن أميركا الدولة الوحيدة التي ترغب من الجميع أن يذعن لروعتها، مثلما أرادت عندما أطلق ترامب هذه الصواريخ. وأشار إلى أنه ليس لكل أزمة حلّ، وليس كل ظلم في العالم أزمة لأميركا.