منذ أن استولى السيسي على السلطة وهو يظهر تلك اﻹشارات التي تدل قطعا على أنه مكلف بتنفيذ أجندات أقل ما يقال عنها أنها غير معنية لا بمصر ولا بالمصريين ولا حتى بمستقبل مصر.
وبزيارته الأخيرة لترامب حددت له مهمة يكون لها كل الترتيبات اللازمة وهي الدفع بقوة ومهما كان نحو إنشاء الدولة الفلسطينية على غزة وجزء من سيناء، قبل أن يرحل أو قبل أن ينتهي نظامه، تلك التجهيزات التي طال أمدها والتي بدأت منذ اللحظات الأولى لاستيلائه على السلطة، وهناك كان المطلوب من السيسي أن يقدم كل الضمانات اللازمة على التأسيس بقوة لنظام يعمل دائما وأبدا تجاه تلك الخطة حتى لو ذهب السيسي عن السلطة.
حتى أولئك المصريين الذي غشيت أبصارهم طوال فترة حكم السيسي، هم يتسائلون الآن عن مدى جدوى حرب اﻹرهاب الدائرة رحاها في سيناء بينما يضرب اﻹرهاب بقوة في قلب القاهرة واﻹسكندرية! كيف لا والسيسي الذي فجر منازل السيناويين وهجرهم وقتل أهلهم واتهمهم باﻹرهاب من أجل إخلاء سيناء، ها هو الآن يعلن فشله وعجزه ويستعين بالقبائل السيناوية في رفح والشيخ زويد وسيناء لمحاربة اﻹرهاب هناك ، كيف لا ونحن نرى حتى أولئك المصريين الذين غشيت أبصارهم وهم باتوا أكثر ثقة بأن السيسي ونظامه لا يحكمون مصر إلا من خلال بعض الفضائيات لا أكثر، نظام ضعيف هش ممزق على الواقع وعلى الأرض، لقد أعلن تنظيم داعش منذ فترة أنه سيستهدف الأقباط خلال أعيادهم، وتحدث الأقباط من شهور عن تنامي مخاوفهم وبأن كنائسهم مستهدفة وخاصة أثناء الأعياد، لنجد في النهاية تفجير الكنيسة في طنطا ويليها بعد أقل من ساعتين تفجير الكنسية في اﻹسكندرية وكأن البلد لا يوجد بها لا حكومة ولا أمن ولا جيش، فقط بلد عبارة عن أبواق إعلامية تروج للسيسي وتحذر من اﻹخوان!.
لكن لا يمكن لنا أن نقبل فكرة اﻹرهاب تلك، بقدر ما نقبل أن كل الذي يجري لا يصب إلا في مصلحة نظام السيسي في ذات الوقت، فهو إن نجح يوما بإلصاق كل فشله باﻹخوان، ها هو يروج بقوة لﻹرهاب الذي ينخر بالجسد المصري وسيستجدي أوروبا من خلال ذلك للمزيد من الدعم واﻹستدانة لهذه الحرب حرب اﻹرهاب، وسيطلب من المصريين المزيد من شد الأحزمة عالبطون وتحمل الفقر والغلاء والفاقة والجوع وكبت الحريات، وإلا سيكون مصيرهم كالعراق وسوريا، وكل المراد في النهاية اﻹتجاه مباشرة نحو طرح فكرة التخلي عن سيناء أو أجزاء منها بحجة اﻹرهاب، لنجده يستغل تفجيرات الكنائس ﻹعلان حالة الطوارىء وإنشاء مجلس أعلى لمكافحة اﻹرهاب والتطرف، وهو مبرر لكل التصرفات والقرارات القادمة وسيكون السيسي من خلال ذلك رأس كل شىء وستختفي المؤسسات التي لم يكن أي دور لها أصلا منذ أن استولى السيسي على السلطة، وستكون هناك فقط مؤسسة السيسي والجيش، لكن السؤال المطروح الآن هل هذا المجلس سيحارب كل أنواع التطرف أم فقط التطرف اﻹسلامي -اﻹخواني- المزعوم؟ خاصة وأنه لا يبكي أحد -أو باﻷحرى لا يستطيع أحد أن يبكي- على أولئك الذين يتم تصفيتهم في بيوتهم وأمام ذويهم، أو أولئك الذين يتم خطفهم وإخفائهم قصرا، هل سيتم محاسبة من ما زالوا يرقصون على أنغام أغنية تسلم الأيادي التي تذكر بمجزرة رابعة على مرئى ومسمع من كل المصريين؟.
إذا هي في النهاية أحداث متسلسلة بدء بالحرب المزعومة على اﻹرهاب في سيناء ورفح والشيخ زويد، والحرب على الأزهر، والحرب على الإسلام بكل شراسة، وخلق ذاك الجدل من خلال تصريحات السيسي الغريبة المتعلقة بالدين اﻹسلامي وشيطنة ما يمكن شيطنته من أسس ثابته في أذهان المصريين وإرثهم التاريخي اﻹسلامي، مرورا بتدمير اﻹقتصاد المصري من خلال تلك المشاريع اﻹستعراضية الفاشلة التي صدعت اﻹقتصاد المصري وجعلته آيل للسقوط بأي لحظة، وتعاظم الدين الخارجي، وتعويم الجنيه وتبخر مدخرات المصريين والتضخم والغلاء والجوع والفقر والعوز وإختفاء الطبقة الوسطى وحالة اﻹحتقان، وفشل الخطة الأمنية، وقصور الخطط الأمنية بشكل عام، وعدم جدية وزارة الداخلية في التعامل مع التهديدات المحتملة، وتنامي العصابات التي باتت تسيطر على المشهد العام بسيناء وهي عصابات ظهرت لﻹنتقام من الجيش المصري الذي هدم البيوت وهجر العائلات وأخلى الشريط الحدودي مع دولة الكيان الصهيوني بحجة اﻹرهاب، وكل ما يهم السيسي من هذبن التفجيرين حمل إدارة ترامب لاعتبار جماعة اﻹخوان جماعة إرهابية وها هو يستغل التفجيرين ليشحن كل وزارة خارجيته لتدفع مجلس الأمن ﻹدانة هذين التفجيرين وإلصاقهما بجماعة اﻹخوان المسلمين وليضغط المجلس على الولايات المتحدة في ذات اﻹتجاهات، وسينجح السيسي في النهاية بخلق فتنة لا يمكن إيقافها بين المسلمين والمسيحيين في مصر، لا يمكن أن يكون ذلك صدفة أو سوء طالع أو حقد إخواني، لنجد السيسي يتوج كل هذا الفشل ليعلن نفسه فرعون مصر وربها الأعلى من خلال إعلان حالة الطوارىء، فهو الآن الدولة والدولة هو، وأنه اﻹسلام وأن اﻹسلام هو فلن يكون أزهر قريبا، وأنه طبعا حسب الترتيباب لن يجرؤ على الدوس على طرف المسيحية، هو فقط سيمرمغ اﻷرض باﻹسلام والمسلمين وسيدفع تجاه مفهوم جديد وهو أن كل مسلم إخواني خائن يتربص بمصر، والهدف الفتنة، وحتى ذلك الوقت لن تقوم أي قائمة ﻷي طرف سياسي آخر داخل مصر، ولا أي سلطة غير السيسي، “لا أريكم إلا ما أرى”.
أيها المصريون، هل هناك وجه شبه بين مجزرتي رابعة والنهضة وبين تفجيري الكنيستين؟ نعم هناك، الكل مصريين، والمجزرتين والتفجيرين في ظل نفس النظام ويحق لك أن تبكي على الطرفين وأن تدين النظام، وإلا فانتظر الأسوأ والأشد فظاعة حين تحدث الفتنة المنشودة لتمزيق البلد لحساب الصهاينة.