مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية، أُعلن في تونس قبل أيام عن تأسيس جبهة “الإنقاذ والتقدم”، ضمّت مجموعة من الأحزاب وركزت خطابها على مهاجمة التحالف الحاكم بين حركة نداء تونس وحركة النهضة؛ إلا أن محللين استبعدوا صمود هذه الجبهة التي وعدت بجمع شتات المعارضة.
وانشق محسن مرزوق، المستشار السياسي السابق للرئيس الباجي قايد السبسي والأمين العام، عن “نداء تونس” وأسس حركة “مشروع تونس”، التي تهدف إلى لمّ شمل المعارضة التونسية المشتتة، حسب رؤيته، وصارت هذه الحركة مكونًا رئيسًا للجبهة الجديدة “الإنقاذ والتقدم”، بالإضافة إلى حزب “الاتحاد الوطني الحر” الذي يقوده رجل الأعمال سليم الرياحي، رئيس النادي “الإفريقي” من أشهر فرق كرة القدم بالبلاد.
وإضافة إلى هذين الحزبين، تجمعت تحت خيمة “الإنقاذ والتقدم” ثمانية أحزاب صغيرة تختلف في التوجهات والرؤى؛ من بينها الحزب الاشتراكي اليساري وحزب الوحدة الشعبية القومي الذي تفكك بعد الثورة ثم عاد مؤخرًا. ويؤكد مؤسسو الجبهة أن الهدف جمعُ شتات المعارضة وتحقيق التوازن السياسي.
ويعتبر المنشقون عن حركة “نداء تونس” من أبرز قيادات الجبهة؛ منهم مرزوق ورضا بالحاج وخميس قسيلة وعبدالعزيز القطي. وبينما أسس مرزوق مع بعض المنسحبين “حركة مشروع تونس” يخوض البقية صراعًا ضد حافظ السبسي (نجل الرئيس) حول قيادة نداء تونس.
مهمة ليست بالسهلة
ويرى متابعون للشأن التونسي أن مهمة “الإنقاذ والتقدم” ليست بالسهلة؛ حيث تعاني في داخل مكوناتها من اختلافات تنظيرية وأيديولوجية مختلفة، فضلًا عن الأهداف والتوجهات. بالإضافة إلى اختلاف وجهات النظر على المستوى الشخصي بين قادة كل توجه داخل الحركة.
ويقول مرزوق في تصريحات صحفية إن هدف الجبهة “جمع شتات أحزاب المعارضة المنقسمة والتنسيق فيما بينها وتوحيد جهودها بهدف إعادة التوازن للمشهد السياسي ودخول الاستحقاقات المقبلة بشكل موحد”.
ووفقًا للبيان التأسيسي، ستعمل هذه الجبهة على الدخول في الانتخابات المحلية (البلدية) المقررة يوم 17 ديسمبر المقبل “باستراتيجية موحدة”. وقد جعلت من “محاربة الفساد والإرهاب وتحقيق المصالحة الوطنية والإصلاحات الكبرى” أبرز شعاراتها.
توافق مغشوش
من جهته، يقول الرياحي -الذي انسحب حزبه من الائتلاف الحاكم- إن الهدف من الالتحاق بهذه الجبهة هو تجاوز أزمة الحكم الحالية التي تقوم على “توافق مغشوش” بين نداء تونس وحركة النهضة، على حد قوله، ووجه لها نقدًا لاذعًا بدعوى أنها “فشلت في إدارة البلاد بعد الثورة”.
ويرى المحلل السياسي عبداللطيف الحناشي أن الهدف من تكوين الجبهة هو “البحث عن تحالفات لدخول الانتخابات المحلية القادمة بقوة، إضافة إلى مواجهة ما يعرف بالإسلام السياسي، المتمثل في حركة النهضة”. لكنه استبعد صمود هذه الجبهة طويلًا؛ بسبب “تباين مكوناتها فكريًا وسياسيًا”.
ويقول إن “الجبهة تسعى إلى جذب مجموعات لا ترتاح للإسلام السياسي وترفض تحالف نداء تونس وحركة النهضة”، مرجحًا أن يتواصل عمل الجبهة رغم عدم تجانسها وإمكانية انشقاق مجموعات منها. كما توقع أن يستمر تحالف نداء تونس وحركة النهضة لسنوات إلى أن يستقر المشهد السياسي.
تسريبات وصراعات
من جانبه، استبعد المحلل السياسي نور الدين المباركي أن تحافظ جبهة “الإنقاذ والتقدم” على وحدتها في المرحلة القادمة؛ لا سيما مع نشر تسريبات تتحدث عن صراعات بين بعض مكوناتها. ويقول في تصريحات تلفزيونية إنه “لا توجد تجارب ناجحة في تونس عن عمل سياسي مشترك صحيح وفق قواعد الديمقراطية التشاركية”.
وقبل انتخابات 2014، سعت أحزابٌ معارِضة لحركة النهضة، ضمنها حركة نداء تونس، إلى تأسيس جبهة موحدة. وبعد توحيد جهودها تم تشكيل ما تعرف بـ”جبهة الإنقاذ” التي نجحت في إزاحة حركة النهضة عن الحكم؛ إلا أن مصير هذه الجبهة كان التشتت.
وحول مدى استمرار هيمنة حركتي نداء تونس والنهضة على المشهد السياسي الحالي، يقول المباركي إنه لا يمكن التسليم بهذا الأمر نظرًا لعدة اعتبارات؛ منها الانشقاقات التي تعصف بنداء تونس والخلافات الداخلية في حركة النهضة، رغم أنها “بقيت محافظة على تماسكها بهيكلية قوية مقارنة ببقية الأحزاب”.