قال عبدالفتاح السيسي أثناء زيارته الاثنين الماضي إلى البيت الأبيض إنه يثق في قدرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن التوسط للوصول إلى اتفاقية بين فلسطين و”إسرائيل”، وكان موقف السيسي معروفًا، وهو رغبته في تصالح الطرفين.
ولعبت مصر دورًا تقليديًا كوسيط في الصراعات الفلسطينية الإسرائيلية، وأنجز الرؤساء هذا الدور بدرجات متفاوتة من الشغف. خلال فترة حكم مبارك، جعل الوضع أسوأ للفلسطينين الذين يعيشون في غزة؛ حيث أغلق بشكل مستمر معبر رفح المشترك، حتى خلال الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة في 2008.
وعندما بدأت تظاهرات 2011م في مصر وكان سقوط مبارك وشيكًا، عبّر رئيس الوزراء نتنياهو عن قلقه وقال إنه يتابع الوضع في مصر بحذر، وكانت لديه أسباب لذلك؛ خاصة بعد مجيء محمد مرسي من خلال انتخابات رئاسية وتهاونه في غلق معبر رفح، وحاول مرسي حشد الدعم لغزة مستغلًا الربيع العربي.
وعندما وصل السيسي إلى كرسي الرئاسة تبنى سياسة مبارك نفسها وتحول الوضع إلى الأسوأ؛ حيث أصبح معبر رفح مغلقًا دائمًا، وهَدَمَ الأنفاق التي تصل بين مصر وقطاع غزة، وبدأ الإعلام المصري في تشويه سمعة الفلسطينيين.
وبدا واضحًا أن السيسي يتوافق مع إسرائيل، التي قامت بحصار تام على قطاع غزة منذ 2007؛ ولذلك لا يعد السيسي وسيطًا نزيهًا ولا موثوقًا فيه للتوسط بين فلسطين وإسرائيل.
وقال متابعون للوضع إنه كانت هناك دومًا توترات بين السلطة الفلسطينية، متمثلة في الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والسيسي، ويعتقدون أن الرئيس المصري يريد أن يأتي محمد دحلان خلفًا لعباس. ونُفي دحلان من قطاع غزة في يونيو 2011 بتهمة الإطاحة بالرئاسة، وكان يراه عديدون أداة لأميركا و”إسرائيل”؛ بسبب قربه من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ووصف بوش من قبل بأنه الرجل الخاص بهم.
ويعد دحلان الخيار المفضل لمصر والأردن والسعودية والإمارات، الذين دعوا إلى إحياء مبادرة السلام العربية الخاصة بـ2002. ولكن، اُعتُبر تدخلهم أيضًا مثيرًا للجدل؛ حيث دعمت السعودية والإمارات الجيش المصري، وهو الموقف الذي اتخذتاه بعد تولي السيسي الرئاسة؛ حيث قدمتا دعمًا يصل إلى ثمانية مليارات دولار.
وحاولت مصر والسعودية والإمارات سحق جماعة الإخوان المسلمين في دولهم؛ ففي مصر بدأ السيسي حملة من الاختفاءات القسرية وأحكام الإعدام والتعذيب لأي شخص يعارضه، ومنهم الإخوان.
ومن الأسباب التي تجعل عديدين يرون السيسي ليس طرفًا محايدًا هو وجود “حماس” في قطاع غزة، وهي الجماعة التي أنشئت في أعقاب الانتفاضة الأولى وتعد جزءًا من الإخوان، وهي الجماعة التي توجد عداوة بينها وبين السيسي. وخلال حرب إسرائيل على غزة في 2014، بدأ السيسي في محاولة إيقاف إطلاق النار بعد استثئناء حماس من المحادثات.
وردًا على ذلك، قررت “حماس” استثئناء مصر من المفاوضات، وقالت إنها ستدخل في الاتفاقية بوجود قطر وتركيا فقط، وقال معلقون إن مبارك نفسه على الرغم من كرهه للإخوان ومحاولته الحد من دورهم السياسي؛ فإنه اعترف بحماس كطرف هام وضمّهم إلى المفاوضات.
واعتبر البعض أن اعتقاد السيسي بأن ترامب يمكنه عقد اتفاقية سلام بين فلسطين وإسرائيل ينم عن حكم سيئ؛ بسبب تحيّز ترامب لإسرائيل ووعده بنقل السفارة الأميركية إلى القدس واختيار سفير لم يستبعد ضم الضفة الغربية إذا أرادت إسرائيل ذلك وإذا كان ذلك يمكنه أن يساعد في مفاوضات السلام، وما يتضح جليًا أنه لا يمكن للسيسي أو ترامب أن يكونا وسيطين في هذا الصراع؛ لأنهما يعدان جزءًا من المشكلة وليسا جزءًا من الحل.