قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية إن الرؤساء الأميركيين معذورون أحيانًا في التعامل مع زعماء أجانب “بغيضين” من أجل تحقيق مصالح قومية، بَيْد أن ذلك لا يتطلب دعوتهم إلى البيت الأبيض والإسراف عليهم بكلمات المدح ووعود الدعم غير المشروط.
وأضافت، في مقال تحليلي، أن ما فعله الرئيس دونالد ترامب يوم الاثنين لم يكن ترحيبًا فحسب؛ بل كان احتفاءً بأحد أكثر القادة السلطويين في الشرق الأوسط، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، المسؤول عن قتل مئات المصريين والزج بالآلاف منهم داخل السجون، والذي هوى ببلده وسمعته إلى الحضيض.
تملّق لا حدود له
ولفتت الصحيفة إلى أن تعبيرات الإعجاب المتبادل أبدت تملقًا لا حدود له؛ إذ امتدح ترامب السيسي لتأديته “عملًا رائعًا”، ويؤكد الآخر له وجود “صديق عظيم وحليف لكم في الولايات المتحدة وفي شخصي”. وفي المقابل، تحدث السيسي -الذي مُنع من دخول البيت الأبيض في عهد أوباما، وفق الصحيفة- عن تقديره العميق وإعجابه بـ”شخصية ترامب الفريدة”.
واعترف ترامب بأنَّ هناك أشياء قليلة لم تتفق عليها الدولتان؛ لكنه لم يذكر على وجه الدقة السجل الحقوقي “الوضيع” لحكومة السيسي التي اتهمتها الخارجية الأميركية وجماعات حقوق الإنسان بانتهاكات جسيمة تتضمن التعذيب والقتل خارج إطار القانون.
آية حجازي
وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أن ترامب لم يثر أيضًا قضية آية حجازي، المواطنة الأميركية التي كانت تعمل في مساعدة أطفال الشوارع في مصر وألقي القبض عليها في مايو/ أيار 2014 في اتهامات “مثيرة للريبة” تتعلق بالاتجار في البشر، وهي مسجونة منذ 33 شهرًا بتهمة انتهاك القانون المصري.
وتقول أيضًا إن قضية آية حجازي اهتمت بها الجماعات الحقوقية اهتمامًا خاصًا، مع أنها واحدة من أربعين ألف سجين مصري دخلوا السجون لأسباب سياسية.
وذكّرت الصحيفة بأن السيسي نشر “قمعًا أوسع نطاقًا من ذي قبل”؛ حيث قمع في البداية الإسلاميين، بما في ذلك مجزرة رابعة عام 2013، ثم توجه نحو قمع معارضين علمانيين وجماعات غير حكومية، مشيرة إلى أن طلبات واشنطن لتحسين سجل حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر “لم تحدث أبدًا”.
احتمالية الغضب
وتضيف أن ترامب أعلنها صراحة الآن بوضوح وشفافية: “حقوق الإنسان والديمقراطية ليستا ضمن اهتمامه، وأنه يولي أهمية أكبر لمصر كشريك في الحرب ضد تنظيم الدولة”.
لكن ما لا يدركه ترامب، وفق المقال، أن مصر رغم أهميتها لا يمكن أن تصبح قاطرة للسلام الإقليمي أو حليفًا في مكافحة الإرهاب أو أي شيء آخر إذا لم يغيّر السيسي أساليبه بشكل جذري؛ فسياسة القمع التي يقوم بها ضد مناوئيه حقيقية، وإدارته للاقتصاد وعدم قدرته على تدريب الشباب وتثقيفهم وخلق وظائف لهم تستطيع أن تؤجج غضبًا واضطرابًا واسعي النطاق.