رغم صعوبة اتخاذ قرار التصنيع في عالم السيارات لما يحيطه من اشتراطات فنية معقدة، وخطوات إجرائية ربما تطول، إلا أن الشاب التونسي زياد قيقة (34 سنة) قرر أن يخوض التجربة بروح من الثقة وعزيمة تبدو بصماتها واضحة في حديثه عن اختراعه الخاص السيارة “واليس” التي اكتست بكساء الوطنية التونسية لتكون فخرًا لتونس في هذا المجال.
وقد أصبحت هذه السيارة التونسية بهندستها الجميلة وألوانها الزاهية واستجابتها للمعايير الدولية حديث الإعلام والرأي العام، لتتمكن “واليس” في وقت قصير من كسب ثقة وإعجاب الزبائن المحليين والأجانب فزاد الطلب عليها.
طلب متزايد
يؤكد قيقة أن مبيعات السيارة التي تصنع يدويا على مقاس وذوق الزبائن تسير بشكل “متزايد”، ويتم إنتاج مائتي سيارة العام الجاري ثم يتضاعف الإنتاج مرتين كل سنة موالية، وفق قوله.
ومنذ تأسيس الشركة عام 2006 تم بيع سبعمائة سيارة أغلبها من نموذج “إيزيس” المستوحى من آلهة الأمومة المصرية، وبما أن الإنتاج لم يتكثف بعد لنقص الإمكانات المادية، يطمح قيقة لرفع حجم الاستثمار لإنتاج ألف سيارة سنويا ودخول أسواق عربية وأوروبية.
ولا يستبعد مؤسس “واليس” الدخول بشراكة مع أحد المستثمرين، أو اللجوء للاقتراض من أحد البنوك لتوسيع الإنتاج حتى يلبي الطلبات. وتعتمد نفقات تسيير الشركة أساسا على مالها الخاص، وعلى نظام الدفع مقدما من قبل الزبائن.
خصائص السيارة
عن سر نجاح هذه السيارة التي تبلغ قيمتها نحو 31 ألف دينار (13500 دولار) يقول قيقة إن الفضل يعود لكفاءة اليد العاملة والثقة في المنتج الجديد، وقد انطلق تسويق هذه السيارة أولا في فرنسا عام 2008 بمناسبة معرض باريس للسيارات، ثم بدأ توزيعها عام 2012 بتونس.
واستطاعت سيارة “واليس” السياحية شد أنظار الزبائن الفرنسيين الذين اقتنوا أولى النماذج منها للسفر بها إلى جزيرة جربة التونسية، وهناك أعجب بها أصحاب شركات استئجار السيارات وسياح فرنسيون.
ومع أن مجرد التفكير في صنع مثل هذه السيارة يعد مستحيلا للبعض، فقد تمكن قيقة المولع بالسيارات منذ صغره من المراهنة على المصممين والمزودين التونسيين لتركيب 518 قطعة غيار للسيارة، نصفها مصنوع في تونس، كالهيكل والكراسي والزجاج والكوابل والعجلات.
وبفضل هذا الابتكار، يتلقى قيقة “المؤسس” عشرات رسائل التهنئة على هذا المشروع الذي وجد فيه العديد من التونسيين فخرا لبلدهم رغم إدراكهم بأن شركة “واليس” تستخدم محرك المصنّع الفرنسي للسيارات “بيجو” لعدم قدرتها على فتح نقاط بيع لقطع الغيار بالعالم.
وتمر عملية تركيب هذه السيارة بمراحل عديدة انطلاقا بالتركيب الميكانيكي، مرورا بتركيب الكوابل الإلكترونية، وصولا إلى اللمسات الأخيرة. وفي النهاية يتم إجراء الفحوصات اللازمة على كل سيارة قبل تسليمها للزبون.
فكرة التأسيس
رغم أن هذه الصناعة تتطلب أموالا طائلة لم تعطل العراقيلُ قيقةَ الذي درس إدارة الفنادق وعاش في بلدان عدة مثل فرنسا وسويسرا وسنغافورة وكوبا مع أبيه المغرم بقيادة السفن الشراعية. فقد باشر مشروعه برأس مال لا يتعدى مئة ألف دينار (44 ألف دولار).
في بداية تجربته سنة 2006، واجه قيقة الرفض من وزارة التجارة بسبب احتكار السوق من قبل موزعين لماركات عالمية للسيارات بينهم أصهار الرئيس المخلوع. لكن إصراره على تصنيع هذا المنتج أجبر الوزارة على منحه ترخيصا لتصنيع سيارات تصدر كليا إلى السوق الأجنبية.
يُذكر أن قيقة قد تمكن مع شقيقه عمر من تطبيق فكرة هذا المشروع عقب صدفة جمعتهما في جزيرة “واليس وفتونا” بالمحيط الهادي مع مدير عام مصنع سيارات “جيب دالاس” ذي الأصول الفرنسية الألمانية روني بوش الذي اقترح عليهما إنتاج نموذج لسيارات تونسية الصنع.