كثفت القوات العراقية بدعم من أمريكا خلال الأشهر الماضية من جهودها لإعادة السيطرة على الموصل، وبسبب وجود المدنيين في مناطق نزاع فإنهم يدفعوا الثمن في هذه الحرب.
وقتل ما يقرب من 200 مدني في حي الجديدة بالموصل بمنتصف مارس الماضي، ووصف مدنيون هذا القصف بالجحيم. واعتبر مسؤولين عراقيين انها أسوأ هجمة أمريكية على المدنيين في العراق منذ 2003.
وبعد هذه المجزرة أجريت تحقيقات عسكرية عما حدث في ذلك اليوم، وادعى جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي في مؤتمر صحفي أن داعش إختبأت خلف النساء والأطفال وأشار أنهم يستخدموا المدنيين كدروع بشرية وهو ما يعد خرق كبير للقانون الدولي، وما كان يحاول ماتيس قوله هو أن الجيش الأمريكي والعراقي يلتزما بقوانين الحرب في الوقت الذي تقوم داعش بخرقها واعتبرها ملامة على مقتل المدنيين في الموصل.
ويعد هذا الاتهام أمر شائع، حيث أن قرب المدنيين من الأماكن الموجود بها الحروب يحولها إلى دروع بشرية، وأدى ذلك لتبرير قتل المدنيين مثلما حدث في تفجير روسيا والنظام السوري لمستشفيات حلب وكذلك تفجيرات السعودية لليمن، واستخدمت إسرائيل هذه الحجة خلالها حربها في لبنان وغزة.
وبسبب هذا التبرير يمكن إستخدام أي شخص يجلس في منزله بالقرب من منطقة نزاع كدرع بشري وعندها يمكن أن يفقدوا حماية القانون الدولي الممنوح لهم.
ولفهم لماذا يتم إستخدام دروع بشرية بكثرة من قبل أطراف مختلفة، يجب فهم التاريخ المتشابك للإستعمار والقانون الدولي.
في الماضي عندما قتلت الجيوش الإستعمارية، السكان الاصليون لم يتم معاقبتهم حيث أن الإستعمار كان يعد خارج نطاق تطبيق القانون الدولي.
وعقب إنهاء الإستعمار، تم توسيع نطاق المدنيين، وتم التمييز بين المدنيين والمقاتلين ليشمل المناطق التى كانت مستعمرات سابقة وأعطت المدنيين بها الحماية في ظل وجود هذا القانون. ولذا وللمرة الأولى في التاريخ الحديث، تم إعتبار قتل المدنيين في أفريقيا والشرق الأوسط في المناطق التى كانت مستعمرة، جريمة وفقاً للقانون الدولي.
ويناء على ذلك ينطبق القانون الدولي الحالي على كل المدنيين، على الرغم من أن معظم الصراعات تتم في مناطق بها مدنيين وكانت مستعمرة سابقاً.
خلال حرب غزة في 2014 قالت “إسرائيل” إنها اتخذت الحذر لتقليل عدد القتلى المدنيين الفلسطنيين، وادعى الجيش الإسرائيلي وخبراء قانونيين أنه طالما أرسل الجيش الإسرائيلي منشورات حذر من خلالها المدنيين وأعطاهم وقت للرحيل فإن المتبقين إما محاربين أو دروع بشرية، ولذا فإن إستخدام العنف القاتل لا يعد إنتهاك لقانون حقوق الإنسان. وبالطبع لامت إسرائيل حماس على قتل المدنيين بسبب أنها أجبرت الشعب الفلسطيني على البقاء في منازلهم.
وتعد الأحداث في الموصل أكثر تعقيداً من التى حدثت في غزة وغيرها من الصراعات، وعلى الرغم من أن جملة “إستخدام داعش للمدنيين كدروع بشرية” استخدمت كثيراً ليس فقط من قبل أمريكا والعراق ولكن أيضاُ تم ترديدها من قبل هيئة الأمم المتحدة في محاولة لتشريع حالات القتل الأخيرة، ولكن تدل المذبحة الأخيرة على تطور جديد ومثير للقلق.
ووفقاً لما ذكره دوناتيلا روفيرا كبير مستشاري الإستجابة للأزمة في منظمة العفو الدولية، فإن القوات العراقية نصحت المدنيين بشكل مستمر أن يبقوا في منازلهم بدلاً من الهروب، ولذا كان يجب أن تعلم قوات التحالف أن هذه الغارات سوف تصيب المدنيين.
ولذا فإن سكان الموصل لم يكن لديهم أي خيار حيث تم تحديد مصيرهم مسبقاً. أولاً اعتبرتهم قوات التحالف كدروع بشرية والتى يتم إستغلالها من داعش، ثانياً أرسلت قوات التحالف منشورات لنفس المدنيين تطلب منهم البقاء في منزلهم وأخيراُ فجرت هذه القوات المناطق التى أرسلوا بها المنشورات.