قال رئيس قسم الجراحة في المستشفى الإندونيسي بشمال قطاع غزة، الجراح ناصر رضوان، الذي أشرف على العملية الجراحية لشاب فلسطيني، إن مريضًا أخبره بأنه ابتلع عددًا من المسامير؛ ولكنه لم يخبره بنوعية الأجسام التي ابتلعها من قبل وكميتها.
ومن الوارد أن يبتلع أحد ما جسمًا معدنيًا لأهداف بعينها؛ ويستوجب ذلك -حسب أساتذة نفسيين- أن يكون مريضًا نفسيًا يصل مرضه إلى حد الجنون أو الاكتئاب العميق.
أما في حالة الشاب الفلسطيني الذي ابتلع أيادي ملاعق معدنية وبراغيَ لولبية ومدببة الرأس لشهور عدة قبل أن ينجح الأطباء في استخراجها من بطنه فإن الأمر يبعث على الاندهاش الكبير؛ فالأجسام المعدنية كثيرة ومتنوعة وخطيرة.
قبل أيام قليلة خرج الشاب من المستشفى، وعاد إلى تناول الطعام والشراب بعد نحو أسبوعين من تماثله للشفاء من عملية جراحية ناجحة في معدته، أفضت إلى استخراج 25 يد ملعقة و30 برغيًا بأطوال مختلفة (بينها ما يزيد على 5 سم) وقطع معدنية أخرى بأحجام مختلفة.
العملية الجراحية
ووصل الشاب العشريني إلى المستشفى الإندونيسي بشمال قطاع غزة يشتكي من آلام في البطن وتقيؤ دموي، وهو ما دفع الأطباء إلى تصويره بالأشعة؛ ليتبين وجود أجسام معدنية في البطن.
في البداية، قرر طاقم طبي استخراج القطع المعدنية بالمنظار الطبي، ولكن بعد العودة إلى صورة الأشعة وتفحّصها مرة أخرى تبين صعوبة استخراجها بهذه الطريقة؛ لأن كميات القطع كبيرة ومحشورة في مخرج المعدة.
أُبلغ الشاب بصعوبة استخراج القطع المعدنية بالمنظار، وعُرض عليه إجراء العملية جراحيًا؛ فوافق على استخراجها بعدما منح فرصة التفكير في هذا الخيار.
كانت المفاجأة لطاقم العملية أن الأجسام المعدنية المتكدسة في مخرج المعدة محاطة بغشاء مخاطي وذات لون يميل إلى السواد، بينما بدا جدار المعدة متهتكًا ومصابًا بالتهابات.
أربعة أشهر من الألم
ويقول الجراح ناصر رضوان إنه يستغرب من مدى تحمل الشاب للآلام على مدار أربعة شهور، لافتًا إلى أن من يبتلع دبوسًا مثلًا سيظل يشتكي من مغص وآلام مستمرة نتيجة التقرحات والتقيؤ الدموي.
ويقدّر أن يكون الشاب عانى على مدار الشهور الأربعة من آلام شديدة جدًا. ونظرًا لأنه كان مسجونًا؛ فإنه كان يتعمد ابتلاع مزيد من القطع المعدنية كي يخرج من السجن بحجة العلاج.
ويذكر الطبيب أنه في بعض الحالات المرضى المصابون باختلال عقلي هم من يبتلعون أجسامًا معدنية؛ ولكنه أكد أن الشاب الذي أجرى له العملية الجراحية لم يكن مختلًا عقليًا.
وحول ملابسات العملية الجراحية، يوضح الجراح رضوان أن العملية كانت بمثابة استكشاف للبطن عبر جرح في وسطه وجرح آخر أصغر منه في المعدة لاستخراج القطع المعدنية.
تعمد البلع
وكان اللافت في الأمر، بحسب الطبيب الفلسطيني، أن القطع المعدنية تسببت في إغلاق مخرج المعدة ولم تسمح إلا بخروج السوائل منها، مشيرًا إلى أن انسداد مخرج المعدة وإصابتها بالتقرحات كان يمكن أن تقود إلى إنهاء حياة المريض لو استمرت حالته دون علاج.
ويضيف أنه كان المتوقع أن نستخرج عشر قطع، لكن كمية الأجسام المعدنية المستخرجة كانت مفزعة وغريبة للطاقم المعالج الذي تفاجأ بهذه الكمية الكبيرة من أيدي الملاعق والبراغي.
ويرجح الطبيب الجراح أن الشاب كان يتعمد ابتلاع القطع المعدنية بين فينة وأخرى رغبة في زيادة الألم من أجل زيادة فرص خروجه من السجن، متوقعًا أن يكون الشاب تناول بعض المسكنات للتخفيف من حدة الألم؛ لأن الغشاء المخاطي للمعدة كان متضررًا جدًا.
وبحسب الطبيب، فإن هيئة الشاب وبنيته القوية قبل دخوله العملية لم توحيا بأنه يعاني من علامات مرضية أو مضاعفات صحية كالضعف أو الهزال.
المستخرَج أقل من المبتلع!
من جهته، يرجح أخصائي الجهاز الهضمي والمناظير الطبيب محمد بركة أن يكون عدد البراغي المبتلعة من قبل الشاب أكبر من العدد المستخرج بالجراحة.
ولفت إلى أنه في مثل هذه الحالات، فإن الأجسام الغريبة كالبراغي تمر بسلاسة عبر المعدة والأمعاء حتى نهاية القناة الهضمية دون مشاكل تذكر.