قال السفير إبراهيم يسري، وكيل وزارة الخارجية الأسبق، أن مصر أصبحت في وضع لا تحسد عليه سواء بخصوص مفاوضات سد النهضة أو اتفاقية دول حوض النيل والمباحثات التي جرت بشانها مؤخرا؛ حيث لم يعد أمامها فرص كثيرة للمناورة أو أوراق الضغط، وأن ما قامت به مصر من توقيع على الاتفاق الثلاثي بشأن سد النهضة أسقط حقوق مصر التاريخية في مياه النيل وأن مفاوضات جديدة بهذا الشان لن تحقيق الكثير لمصر خاصة أن اثيوبيا قطعت شوطا كبيرا في بناء سد النهضة وليس لديها أي استعداد للتراجع على الإطلاق وبالتالي ليس لديها جديد تقدمه لمصر وصار وضعنا سيئا.
وأضاف “يسري” في تصريحات خاصة لـ “رصد”: “أما بخصوص اتفاقية حوض دول النيل أو اتفاقية “عنتيبي” فإن توقيع مصر عليها أو عدم التوقيع لن يفرق كثيرا مع هذه الدول، فقد حققت ما أرادت وبدأت تفعيل الاتفاقية على الأقل من جانبها ويظل الرفض المصري السوداني مستمرا ولكنه لن يفيد كثيرا، وربما يضطران إلى تقديم تنازلات أيضا بشأن ما يعرف بالحقوق التاريخية في مياه النيل للبلدين خاصة مصر والتي بدأت تبدي مرونة أكثر من قبل بل ربما نوعا من الاستسلام خاصة فيما يتعلق بسد النهضة الذي ألقى بظلاله على اتفاقية حوض النيل”.
وحول المخرج من المأزق الذي وُضعت فيه مصر، طرح السفير يسري عدة حلول من بينها اللجوء إلى منظمة الوحدة الإفريقية خاصة ان اتفاق عنتيبي مخالف لميثاق المنظمة وكذلك اتحاد دول النيل وهنا ندعو أفريقيا للتحكيم بيننا وبين هذه الدول، مشيرا إلى مخرج آخر يتمثل في الأمم المتحدة والجمعية العامة لها وإصدار توصية منها لمحكمة العدل الدولية لطرح القضية للتحكيم كما حدث في قضية نهر الدانوب .
من جانبه؛ قال د.محمود أبوزيد، وزير الري الأسبق: “المعلومات الواردة من دول حوض النيل فضًلا عن خبراتي في التفاوض مع هذه الدول، تشير إلى صعوبة نجاح المفاوضات خصوصًا من الجانب الإثيوبي الذي يردد عبارت أن مصر لا تستحق حصتها التاريخية“.
وأضاف “أبوزيد” في تصريحات صحفية: “المبادرة القانونية المصرية المقدمة لحل أزمة الخلاف حول عنتيبى تتضمن وضع وثيقة قانونية جديدة تكون أشبه باتفاق المبادئ الموقع على مستوى دول النيل الشرقي، (مصر والسودان وإثيوبيا)، حيث يتضمن الاتفاق عددًا من المبادئ الحاكمة لإدارة مياه النيل على المستوى الإقليمى، ويسعى إلى تحديد الخطوط الرئيسية لآليات التعاون المشترك واتخاذ القرارات فيما يتعلق بأي مشروع على مجرى النهر”.
واختتمت مؤخرا فعاليات الاجتماع الاستثنائي لوزراء دول حوض النيل، بحضور الوفد المصري برئاسة الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري للاتفاق على البنود الشاغلة باتفاقية عنتيبي.
وتتجه مصر نحو اتخاذ قرار بإنهاء تجميد عضويتها في مبادرة حوض النيل، بعد 7 سنوات مقاطعة، لتعود إلى ممارسة أنشطتها كاملة في المبادرة، بينما لا تزال النقاط الشاغلة مؤجلة للاجتماع القادم في أوغندا من خلال مبادرة قانونية ترضي جميع أطراف الخلاف.
ويضم حوض نهر النيل 11 دولة، هي: إريتريا، وأوغندا، وإثيوبيا، والسودان، وجنوب السودان، ومصر، والكونغو الديمقراطية، وبوروندي، وتنزانيا، ورواندا، وكينيا.
وتضم اتفاقية “عنتيبي” ثلاثة عشر بندًا، بينها بند “الانتفاع المنصف والمعقول”، الذي أثار جدلاً بين مصر والسودان من جانب، والدول التي وقعت على الاتفاق الإطاري من جانب آخر.
وتنص الاتفاقية على “ضمان الاستخدام المنصف والمعقول لموارد المنظومة المائية لنهر النيل، على أن تأخذ دول المبادرة في اعتبارها الظروف المتعلقة بالموارد، بما فيها محدودية“.
وتبرر إثيوبيا وبقية الدول الموقعة على “عنتيبي” تمسكها بالاتفاقية، التي تعيد توزيع حصص مياه النيل، بأن الاتفاقية الأولى الموقعة عام 1959، تمنح مصر والسودان، حق السيطرة على أكثر من 90% من مياه النيل.
وفي المقابل ترى كل من القاهرة والخرطوم أن الاتفاقية الجديدة “تمس بحقوقهما التاريخية” في حصتهما بمياه النيل، خاصة مع إعلان إثيوبيا عن إقامة عدد من السدود، أبرزها سد النهضة.
وتعد الدول التي صادقت على الاتفاقية هم (إثيوبيا، كينيا، رواندا، تنزانيا، أوغندا) ماعدا دولة بوروندي وقعت ولم تصادق حتى الآن، بينما يرفض التوقيع على الإتفاقية كل من الكونغو ومصر والسودان.
وكشف مسئولون مصريون مطلعون على ملف سد النهضة الأثيوبي، عن تصريحات لرئيس مبادرة حوض النيل، أنوسنت إنتبانا بشأن المفاوضات المتعلقة بأضرار السد، مشيرين إلى إن مصر قد وافقت على بند جديد في المفاوضات، يتعلق بإيجاد إشارة مسبقة عن زيادة حصص من دول المنبع، وأيضًا وضع بنود تتعلق بضمانات وصول المياه لدولتي المصب، وهي بنود تحرك المفاوضات بشكل أفضل.
وأشار المسئولون إلى إن مصر تُحدث خطوات متقدمة في مفاوضات الأزمة، وتقديم حلول بديلة تكون مناسبة لجميع الأطراف.
وأضاف، أن مصر كانت متزمتة في مطالبها في حصتها بمياه نهر النيل، حيث كانت تتمسك بمبدأ الحقوق التاريخية المرتبطة بالاتفاقيات الدولية التي تعود إلى عام 1929، وذلك بعد تنوع مطالبها، ما يعني نجاح المفاوضات وسيرها في الاتجاه الجيد.
ومن المقرر، أن يعرض تقرير إنتبانا، على الشركة الاستشارية الفرنسية ومبادرة حوض النيل، والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة