تزامنًا مع موجة الغلاء التي ضاعفت أسعار العقارات والأثاث والذهب، فضلًا عن ضريبة الـ25% على قاعات الأفراح؛ وصل الحال بالمصريين إلى تأجير “الشبْكة” مثل تأجير بدلة ليلة العمر وفستانها بدلاً من شراء الذهب الصيني الذي ارتفع سعره هو الآخر، وذلك في الوقت الذي ما زال المعدن النفيس مستقرًا في السوق المصري عند سعر 631 جينهًا لعيار 21.
التزامات أهم
لجأ المجتمع المصري إلى ابتكار موضة استئجار الشبكة من الصاغة تزامنًا مع بداية تأزم الأوضاع الاقتصادية وتراجع قدرة الشباب المادية على الوفاء بمتطلبات الزواج وتغير الأولويات؛ لتتراجع الشبكة (هدية ذهبية من العريس إلى عروسه) مقابل الوفاء بالتزامات أهم، أبرزها شقة الزوجية ومستلزمات الأثاث.
المثير أن هناك أصحاب محلات مجوهرات “كيّفوا” أوضاعهم على هذا الأمر؛ بل إن بعضهم يؤكد أن مكاسبه من التأجير باتت تفوق مكاسبهم من البيع في ظل حالة كساد السوق حاليًا.
ومع دخول موسمي الربيع والصيف، يطلق عليهما تجار الذهب “موسمي التزاوج” لتزايد حفلات الزفاف خلالهما بعد انتهاء فصل الشتاء، لا تزال حركة الشراء ضعيفة؛ لذلك بادر عدد من أصحاب المحلات بعرض أطقم ذهبية أو ألماس مميزة في “فاترينات” محلاتهم، مع تضمين لافتة صغيرة أسفل “الفاترينة” بعبارة: “التأجير متاح”.
إيصال أمانة
ويقول هاني عادل، صائغ بحي الهرم، إنه يتم الاستئجار من خلال ضامنٍ للشاب وصورة بطاقته الشخصية وإقرار باستلام كمية الذهب التي يرغب في استئجارها ووصل أمانة على بياض؛ لكن بعض محلات الذهب تشترط وجود سابق معرفة أو علاقة شخصية بين صاحب المحل وأسرة الشاب، كما يوضح العقد إقرار غرامة على التأخير وتحمّل الزبون لأي تلف تتعرض إليه المشغولات الذهبية.
وبرّر عادل لجوءه إلى تأجير الأطقم الذهبية قائلًا: “السوق نايم، وكثير من الشباب أحوالهم المالية صعبة. منذ خمس سنوات كان بإمكان العريس أن يشتري شبكة محترمة بمبلغ لا يتجاوز ثمانية آلاف جنيه؛ لكن الآن لا يستطيع حتى شراء شبكة معقولة بـ12 ألف جنيه”.
البديل الذي ينافس “الشبكة المستأجرة” هو شراء “الذهب الصيني”، وهو نوع من المعدن المشغول والمطلي بمادة تشبه لون الذهب ولمعته تمامًا، لكنها ليست ذهبًا حقيقيًا؛ إلا أن الأهالي باتوا يعرفون الذهب الصيني عن الأصلي بمجرد رؤيته، وهو ما تسبب في حَرَجٍ لبعض من الشباب؛ ما جعل اللجوء إلى “الشبكة المستأجرة” أمرًا أكثر فعالية.
دوافع منطقية
وتقول “ليلى عصام” إنها لم تمانع فكرة استئجار الشبكة بعدما طرحتها والدة خطيبها على استحياء، بعدما علمت ما ينتظر خطيبها من أعباء مادية كبيرة في تدبير مقدم إيجار الشقة السكنية التي سيتزوجان فيها وشراء الأثاث والأجهزة، و”تشطيب” الشقة ومصروفات “الفرح”.
وأوضحت: “زي ما بأجر فستان الفرح وهنأجر عربية الفرح إيه المشكلة لما نأجر الشبكة؟! أهي بردو حاجة هتظهر للناس مرة واحدة، ودلوقتي اللي بيشتري شبكة بيرجع يبيعها لما بيتزنق بعد الجواز في أي مشكلة”.
وأضافت ليلى أن دوافع الأسر التي تلجأ إلى استئجار الشبكة قد تكون فيها شيء من المنطقية؛ لا سيما مع استمرار ثقافة التباهي والتفاخر بين الناس، خاصة في هذه الجزئيات؛ وبالتالي فإن حفظ ماء الوجه أمر مهم بأية وسيلة.