نشرت صحيفة “ذا إندبندنت” الأوغندية نص اتفاق دول حوض النيل على رفض الطلب المصري بالسيطرة الكاملة على مياه النيل؛ حيث انطلقت في مدينة عنتيبي الأوغندية فعاليات الاجتماع “الطارئ” لدول حوض النيل لمناقشة الشواغل المصرية التي تمنعها عن المشاركة في أنشطة المبادرة منذ عام 2010.
وأوضحت الصحيفة اليوم الثلاثاء أن أوغندا وبورندي وكينيا وتنزانيا ورواندا وجنوب السودان والسودان أجمعوا بعد انتهاء الاجتماع أمس الاثنين على إعادة النظر في المقترحات التي قدمتها مصر برئاسة وزير الري والموارد المائية بالموافقة على إعطائها مزيدًا من الوقت لإجراء مزيد من الدراسة والمشاورات في هذا الشأن.
من ناحيته، قال وزير الري الأوغندي سام تشيبتوريس، رئيس مجلس دول حوض النيل، إن موقف المجلس ينص على تساوي جميع الدول في حقوقها في المياه بموجب اتفاقية الإطار التعاوني، وهو ما دفعنا إلى رفض مطلب الحكومة المصرية بالسيطرة الكاملة على مياه النيل؛ لأن الدول الأخرى لديها الحق في إبداء رأيها فيما يخص كيفية استخدام المياه، خاصة مع تنامي الازدياد في عدد سكانها تمامًا مثل مصر.
وقالت “ذا إندبندنت” إن اجتماع وزراء مياه دول حوض النيل فشل في التوصل إلى تفاهم حول النقاط الخلافية بشأن اتفاقية عنتيبي التي اعترضت عليها مصر والسودان ودفعت القاهرة إلى تجميد أنشطتها في مبادرة حوض النيل منذ عام 2010.
وأوضحت الصحيفة أن مصر كانت تعول كثيرًا على تفهم دول الحوض الموقف المصري من الاتفاقية خلال الاجتماع الاستثنائي الذي عُقد بناءً على طلب وزير المياه الأوغندي سام شبتوريس، كون بلاده تتولى رئاسة الدورة الحالية للمجلس الوزاري؛ خاصة بعد فشل اجتماع الخرطوم في منتصف مارس الجاري، مؤكدة أن “عدم التوصل إلى حلول للمشكلات العالقة والنقاط الخلافية يصعّب من عودة مصر لمبادرة حوض النيل”.
وأضافت: “كان ينبغي إعادة الحوار حول النقاط الخلافية في الاتفاقية الإطارية التي وقعت عليها دول بحوض النيل بعيدًا عن مصر والسودان، ووضع القضية على مائدة التفاوض، بما يسهم في عودة مصر إلى المشاركة في أنشطة مبادرة حوض النيل وتحقيق الفائدة للجميع ومنع الضرر؛ الأمر الذي لم يحدث على أرض الواقع”.
وحوض النيل هو مسمى يطلق على عشر دول إفريقية يمر فيها نهر النيل، بالإضافة إلى دولة أريتريا كمراقب؛ سواء تلك التي يجري مساره مخترقًا أراضيها، أو تلك التي يوجد على أراضيها منابع نهر النيل، أو تلك التي يجري عبر أراضيها الأنهار المغذية لنهر النيل. ويغطي حوض النيل مساحة 3.4 ملايين كم² من المنبع في بحيرة فيكتوريا وحتى المصب في البحر المتوسط.
ويمتد نهر النيل لمسافة 6650 كيلومترًا من منابعه الاستوائية إلى مصباته في البحر المتوسط، مارًا وفروعه بإحدى عشرة دولة، وهي مصر والسودان وجنوب السودان (تعرف بدول المصب)، وإثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي والكونغو الديمقراطية وإرتيريا (تعرف بدول المنبع).
وينبع نهر النيل من عديد من البحيرات الإفريقية؛ أبرزها بحيرة فيكتوريا الاستوائية، وبحيرة إدوارد الاستوائية، وبحيرة ألبرت (موبوتو) وبحيرة تانا، ثم يخترق النيل أراضي السودان؛ حيث يلتقي النيل الأبيض بالأزرق فوق الخرطوم قبل أن يلتقي بهما نهر عطبرة (الذي ينبع من الهضبة الإثيوبية شمال بحيرة تانا بطول 800 كم قبل أن يلتقي بالنيل في شمال السودان) ثم يشق طريقه إلى أرض مصر.
ويشكل النيل الأزرق 80-85% من مياه النيل الإجمالية، ولا يحصل هذا إلا أثناء مواسم الصيف؛ بسبب الأمطار الموسمية على مرتفعات إثيوبيا، بينما لا يشكل في باقي أيام العام إلا نسبة قليلة؛ حيث تكون المياه قليلة.
بموجب الاتفاقات الدولية الموقعة حول النيل (قبل عام 2007) فإن دول المصب (مصر والسودان) تستأثر بحوالي 90% من مياه النيل السنوية (844 مليار متر مكعبًا) بواقع 55 مليار متر مكعبًا لمصر تمثل 97% من إنتاجها المائي، و18 مليار متر مكعبًا للسودان تمثل 77% من إنتاجها المائي.
ويبدو هذا التوزيع مجحفًا لدول المنبع، لكن الحقيقة تكمن في أن دول المنبع لا تعتمد على نهر النيل في تأمين حاجاتها المائية لأغراض الزراعة وإنتاج الغذاء بقدر اعتمادها على الأمطار الموسمية التي تقدر بعشرين مرة حجم مياه النيل ويذهب معظمها هدرًا.
الأمر لا يمنع أن دول المنبع، خاصة إثيوبيا ثم كينيا وأوغندا، أبدت تذمرًا كبيرًا تجاه استئثار مصر والسودان بنصيب الأسد من مياه النيل وطالبت أكثر من مرة باعتماد توزيع أكثر عدالة لحصص المياه وإجراء تعديلات على الاتفاقيات المرتبطة بحوض النيل.