جاءت موافقة اللجنة التشريعية بمجلس النواب على قانون السلطة القضائية أمس، ليثير موجة من الغضب بين القضاة، ويتسبب في ظهور الصراع بين النظام والقضاء إلى العلن لأول مرة منذ 30 يونيو.
ورغم ما قدمه القضاء للنظام الحالي من دعم، في ظل الأحكام التي أصدرها ضد المعارضين، والتأييد المطلق للنظام، إلا أن كل هذا لم يشفع له، وجاءت موافقة اللجنة التشريعية بمجلس النواب على قانون السلطة القضائية، رغم اعتراض القضاة عليه، كصدمه للقضاة، الذين أعلنوا التصعيد ضد النظام.
نادي القضاة في انعقاد دائم
وأعلنت اللجنة الإعلامية لـ”نادى القضاة” عن انعقاد مجلس إدارة النادي بشكل دائم، بعد موافقة اللجنة التشريعية في مجلس النواب على مشروع تعديل قانون السلطة القضائية، الخاص بكيفية اختيار رئيس محكمة النقض.
وقالت اللجنة – في بيانها– إن نادى القضاة يرفض تعديل اللجنة التشريعية بشأن قانون السلطة القضائية، مشيرة إلى دعوة المجلس الاستشارى رؤساء أندية القضاة لاجتماع، الأربعاء المقبل، لتدارس الأمر.
وأضاف نادى القضاة فى بيانه أن هذا المشروع يعد إهداراً لمبدأ الأقدمية المقرر كأحد أصول العمل القضائي، وانتهاكاً لمبدأ استقلال القضاء الذى يقرره ويحميه الدستور، وافتئاتاً على مبدأ الفصل بين السلطات، وإغفالاً لحق الجهات القضائية فى اختيار رؤسائها.
وعبر نادى القضاة في بيانه عن استنكاره واستيائه البالغ من إعادة تقديم هذا المشروع وتمريره بهذه السرعة بعد أن ظهر جلياً رفض جموع القضاة لهذا المشروع المشبوه، ما يثير الشك حول الغرض من هذا المشروع والرغبة في تقويض دعائم القضاء في هذا التوقيت بالذات.
وأعلن مجلس إدارة النادي أنه في حالة انعقاد دائم ومستمر لمتابعة تطورات الأمر، كما يؤكد على أن قضاة مصر وخاصة قضاة مجلس الدولة قادرون على حماية استقلالهم ورد أى اعتداء غاشم ينال من قدسية القضاء وقيمة تقاليده الراسخة.
إهانة للقضاة
ورفض المستشار محمد عبد المحسن، رئيس نادي قضاة مصر، التعديل الذي أقره نواب العسكر، على قانون السلطة القضائية، وبالأخص اختيار رئيس محكمة النقض، معتبرا ذلك اعتداء صارخ على السلطة.
أضاف “عبد المحسن” خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “كل يوم”، الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب، عبر شاشة “ON E”، مساء الإثنين، أن رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية، ولا يجوز له اختيار رئيس أعلى منصب بالسلطة القضائية، لأن هذا يعد تغولا من السلطة التنفيذية وتداخلا في الاختصاصات.
وأشار رئيس نادي القضاة، إلى أن ماحدث يعد إهانة بالغة للقضاء المصري، مضيفا أن طريقة التسرع في مناقشة القانون والموافقة عليه، يثير الريبة ومزيدا من علامات الاستفهام، لافتا إلى أن السلطة القضائية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ذلك التعديل، وجميع الاختيارات مفتوحة بما لا يمس سلامة الوطن.
ردة حضارية
وعلق المستشار أحمد مكي، وزير العدل بحكومة الدكتور هشام قنديل، على إقرار مجلس النواب لقانون السلطة القضائية الجديد، مؤكدا أن مصر تمر بـ”ردة حضارية” منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013م.
وأضاف مكي، في مداخلة هاتفية لبرنامج “مصر النهاردة” على قناة مكملين أمس الاثنين، أن دستور 1923 نص على أنه لا يجوز لأي سلطة التدخل في القضايا أو شئون العدالة وهي تشمل كل ما يتصل بالقضاء من تعيينات وتنقلات، مضيفا أن القانون الجديد يجعل اختيار رؤساء الهيئات القضائية حسب تقارير الأمن مما يجعل الأمن رقيبا على السلطة القضائية.
وأوضح مكي أن القانون الجديد يجعل رؤساء الهيئات حريصين على رضا السلطة ما يفقد القضاء استقلاله.
رشوة للقضاة
وقال عمرو علي الدين، منسّق جبهة استقلال القضاء: إن الزيادة الأخيرة التي أقرها عبدالفتاح السيسي، للقضاة تُعد رشوة لإصدار مزيد من الأحكام القضائية القمعية؛ لوأد الانتفاضة الشعبية وقمع المعارضة السياسية.
وأضاف علي الدين- في مداخلة هاتفية لقناة مكملين- أن زيادة السيسي رواتب القضاة في الوقت الذي يطالب فيه الشعب بالتقشف، يؤكد أنه يرى أن القضاة ليسوا من الشعب، وأنهم مع الجيش والشرطة فوق الشعب.
وأوضح علي الدين أن السيسي يتعامل مع كل مؤسسات الدولة بقانون العصا والجزرة، وهذه الزيادة هدفها إسكات صوت المعارضين داخل القضاة لقانون الهيئات القضائية الجديد.
6 آلاف جنيه مكافأة
وفي ظل حالة الغضب من قبل القضاة من القانون، قرر مجلس القضاء الأعلى، برئاسة المستشار مصطفى شفيق، الموافقة على صرف مكافأة “جهود غير عادية”، لكل القضاة وأعضاء النيابة العامة، على جميع درجاتهم بمن فيهم أعضاء النيابة المعينين حديثًا دفعة 2013، قدرها 6 آلاف جنيه لكل قاضٍ وعضو بالنيابة.
وأدرجت المكافأة في ميزانية الدولة تحت بند المكافآت التشجيعية “باب أول” المدرج بميزانية القضاء والنيابة العامة، في السنة المالية 2016-2017.
إصرار مجلس النواب
وفي المقابل قال النائب بهاء أبو شقة، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن “البرلمان يسير في طريقه بخصوص التعديلات في بنود تعيين رؤساء الهيئات القضائية”.
وأضاف “أبو شقة”، في مداخلته الهاتفية مع الإعلامي أحمد موسى ببرنامج “على مسئوليتي” على قناة “صدى البلد”، أن “ذلك القانون يحتاج موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب وهم حوالي 400 عضو، كضمانة دستورية”.
وأشار إلى أنه “سيتم اتخاذ رأي الجهات القضائية، وبعدها يتم إرسال القانون لمجلس الدولة؛ لإبداء رأيه، وبعد ذلك تأتي موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب، من أجل إقرار القانون؛ وبعدها يتم إرسال القانون لرئيس الجمهورية”.
وقال النائب محمد أبو حامد، أن اعتراض الهيئات القضائية على مشروع القانون الخاص بتعيينات القضاء غير مقبول، قائلا: “أزعجني تعامل بعض المؤسسات، بعصبية مع بعض مشاريع القوانين التي يصدرها البرلمان، فكان الأولى للمجلس الأعلى للقضاء أن يخاطب المجلس بخطاب رسمي، فبعض المؤسسات تعتقد أن الطريقة التي كانت تدار بها الأمور قبل الثورتين، ما زالت موجودة”.
واعتبر النائب محمد الغول، في كلمة له بالجلسة العامة، إن أخذ حق التشريع من البرلمان افتراء، مبينا أن قانون الهيئات القضائية ليس به مساس بالسلطة القضائية، فادعاء البعض أن هذا مساس بثوابت القضاء غير صحيح “فالقضاء وحده الذي به ثوابت”.
وقال الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، في كلمة له بالجلسة العامة، أن استقلال القضاء محفوظ “ولو بداخلي شك أن القانون به عوار دستوري، لما سمحت بتمريره، ولكنه على العكس يضمن مزيدا من الاستقرار”.