سلط تقرير لوكالة “بلومبرج” للأنباء الضوء على جذب السوق المصري لبعض استثمارات المشاريع الاستهلاكية، فيما يؤكد خبراء أن السبب في ذلك هو تعداد السكان الكبير وعدم توفر الخدمة الجيدة و تحويلات المصريين في الخارج التي جاوزت 4.6 مليار دولار في الربع الأخير من العام الماضي.
وقال التقرير إنه من خلال التجوال في موقف السيارات الملئ بالسيارات في اتجاه مول مصر، وهو مكان جديد بقيمة 700 مليون دولار لبيع التجزئة توافر أماكن للتزلج في الأماكن المغلقة على غرار دبي، من السهل أن نفكر بأن اقتصاد البلاد جيد ويسير على الطريق الصحيح بعد سنوات من الأزمات.
وفي الحقيقة، فإن أكبر مركز تسوق في مصر يفتح أبوابه بعد أن فقدت الأسرة المصرية قدرتها الشرائية بمعدل 50%، بعد تدهور قيمة الجنيه بنسبة 50%، في أعقاب قرار رفع ضوابط العملة لتخفيف النقص في الدولار وبدلا من التراجع، تؤكد شركات مثل ماجد الفطيم، المطورة للمركز التجاري، على التزاماتها تجاه الدولة العربية الأكثر اكتظاظا بالسكان لأنها تراهن على أكبر مغريات البلاد مرونة وهم المستهلكون.
ويقول المدير التنفيذي للشركة المطورة للمشروع “آلان بجاني” في مقابلة معه في القاهرة: “لست قلقا من انخفاض الدخل المتاح للانفاق لأنه على مدار سنوات دُعم الاقتصاد عن طريق الاقتصاد غير الرسمي”.
ويلفت “بجاني” إلى أن شركة ماجد الفطيم ستستثمر 600 مليون دولار في مول تجاري ضخم آخر بتكلفة 600 مليون دولار، فيما تتوسع محلات تجزئة أخرى بما في ذلك “نستله” و”مارس” و”بي آي إم” التركية في أنشطتها التجارية، ويخطط المطور السعودي “فواز الهجير” الذي يقع مركزه التجاري “مول العرب” على بعد كيلومترات قليلة من مول العرب لإنفاق 441 مليون دولار لبناء ثلاث مراكز تجارية خلال الثلاث أعوام القادمة.
ويقول ياسر عبدالملك المدير التنفيذي لشركة “نستله” في الشرق الأوسط: “إنه بسبب تعداد السكان الكبير والذين لا يحصلون على خدمة جيدة، فإن مصر تخلق فرضة جيدة للشركات في تحقيق النمو”.
ويضيف التقرير إلى أن هناك الكثير من المخاطر؛ فبعد أربعة أشهر من حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي، وصل التضخم إلى أعلى مستوياته في ثلاثة عقود، مما يشعل المخاوف من أن تؤدي المزيد من الإصلاحات إلى إشعال اضطرابات اجتماعية في البلد الذي أطاح باثنين من الرؤساء منذ 2011، وبالنسبة للشركات، فإن انخفاض قيمة الجنيه سيؤدي إلى تآكل إيراداتها التي تحولها إلى عملات أخرى.
ويلفت التقرير إلى أنه بالرغم من سنوات عدم الاستقرار التي أعقبت انتفاضة 2011، التي أطاحت بـ”حسني مبارك”، فإن الشركات المحلية والعالمية حققت أرباحاً بسبب الطلب المرتفع، وتبلغ نسبة الاقتصاد غير الرسمي ما يقرب من نسبة 37%، ويوظف حوالي 48% من الأيدي العاملة غير العاملة في القطاع الزراعي.
ويشير التقرير إلى دعم ثماني ملايين شخص يعيشون في الخارج -يعمل معظمهم في دول الخليج الغنية- للطلب المحلي داخل البلاد، وفي الفترة ما بين يوليو إلى ديسمبر العام من العام الماضي حول المقيمن بالخارج ما يقرب من 4.6 مليارات دولار إلى داخل البلاد، وفقاً لبيانات البنك المركزي.
ويقول أحمد الهتامي، الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات العقارية: ” القوة الشرائية المتزايدة للمصريين في الخارج، الذين تضاعف دخلهم من حيث القيمة منذ تعويم الجنيه، تعوض الهبوط في القوة الشرائية المحلية، وتستهدف شركته زيادة بنسبة 46٪ في المبيعات هذا العام”.