رصد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز مخاوف الشعب المالديفي من الاهتمام السعودي الحديث ببعض الجزر التابعة لدولتهم، بعد تقارير عدة تحدثت عن إمكانية موافقة حكومتهم لبيع بعض الجزر للمملكة وترحيل سكانها منها.
وقال التقرير أن الحياة في جزيرة ماجودهو إحدى جزر المالديف تدور حول الصيد في المياه خارقة الصفاء التي تغسل الشعاب المرجانية، ثم العودة مرة أخرى للجلوس على كراسي تحت أشجار النخيل على كراسي مصنوعة من حبال جوز الهند.
ويرصد التقرير مخاوف السيد أحمد وآخرون الذين يستعدون لتغيير محتمل في حياتهم يخشون أن يكون كارثيا، بعد إعلان الرئيس المالديفي في يناير أن قادة المملكة العربية السعودية يخططون لاستثمار بقيمة 10 مليارات دولار في مجموعة الجزر التي يعيش فيها السيد أحمد المعروفة باسم فافو أتول “جزر فافو المرجانية”.
وكان أكثر ما يبعث على الانزعاج لدى السكان تقارير تفيد بأن الحكومة تخرق سياسة طويلة الأمد لتأجير الجزر التي هي موطن لبعض المنتجعات الرئيسية في العالم من خلال بيع الجزيرة المرجانية بشكل مباشر للسعوديين. ويخشى السكان أنه قد يجري ترحيلهم من الجزر.
وقالت سوبيرا أبوبوكارو، 58 عاما، وهي متكئة بالقرب من مزرعة لها تزرع فيها الفلفل الحار والخيار: “من المثير للقلق أننا قد نؤخذ من هنا ونوضع في صناديق صغيرة”، وأضافت: “سيكون من الصعب تجاوز خيالنا”.
ونفى الرئيس المالديفي عبد الله يمين أن يتم بيع الجزيرة المرجانية، وأن السفارة السعودية قالت إنها لا تنوي “الاستثمار في مشروع ضخم أو شراء جزيرة ما أو جزيرة مرجانية في جزر المالديف”، ولكن حقيقة أن السيد يمين دفع لتغيير الدستور في عام 2015 للسماح لبيع الممتلكات للكيانات الأجنبية حيث ساعد هذا التغيير على تغذية الشائعات عن بيع محتمل.
كل هذا ترك السيد أحمد وحوالي 4،000 شخص من سكان الجزر المرجانية الـ 19 في فافو أتول تخمين ما يحمله المستقبل لهم. كما شددت على كيفية اكتساب حلفاء ومستثمرين جدد موطئ قدم في هذا الصعيد الاستراتيجي، وقد تمحورت البلاد من شركائها التقليديين – الهند والاتحاد الأوروبي – وسط ضغوط دولية متزايدة على اتهامات السيد يمين بانتهاك حقوق الإنسان.
لقد كان انتشار المملكة العربية السعودية في المنطقة لعقود من الزمن من خلال حشدها المحافظ للإسلام في المالديف بإرسال قادة دينيين وبناء مساجد وتقديم منح دراسية للطلاب لحضور جامعاتها، كما يقوم السعوديون ببناء محطة جديدة للمطار، وتعهدوا بتقديم عشرات الملايين من الدولارات من القروض والمنح للبنية التحتية والإسكان على جزيرة اصطناعية بالقرب من العاصمة ماليه.
وبالمثل، فإن الصين، التي ترى في المالديف كموقع استراتيجي في سعيها للهيمنة الإقليمية، قد اكتتبت مئات الملايين من الدولارات كقروض لمدرج جديد للمطار و جسر يمتد على طول ميل يربط المطار بالعاصمة.
ويبدو أن الاستثمار السعودي الذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار كان إنجازا رائعا بالنسبة للسيد يمين، ولكن الآن يبدو أن السعوديين قد توقفوا عن الدعاية السلبية، حيث أن الصفقة قد تتكشف.
وكان من المتوقع أن يزور الملك سلمان المملكة العربية السعودية الأسبوع المقبل للمالديف لكنه ألغى الزيارة في اللحظة الأخيرة بسبب وجود وباء انفلونزا في الجزر. ويفترض على نطاق واسع هنا أنه يريد تجنب إثارة النزاع أو مواجهة الاحتجاجات.
بدأت المصلحة السعودية في منطقة فافو أتول بزيارة الملك سلمان عام 2014، ثم ولي العهد، وابنه محمد بن سلمان، وهو الآن نائب ولي العهد.
وبعد عام، عاد الأمير محمد لاستضافة أسبوع من الأحزاب، وكان هو والوفد المرافق له قاموا بتأجير اثنين من المنتجعات هناك، حسبما قال شخص مطلع على الخطط. والذي قال إن الضيوف قد طاروا ليلا بعد ليلة على طائرات خاصة لحضور الحفلات، والتي تضم مشاهير الفنانين بما في ذلك مغني الراب بيتبول والمغنية الكورية الجنوبية بسي.
وقال محمد مليح جمال، العضو السابق في المجلس الاقتصادي للشباب الذي أسسه السيد يمين، إنه حضر توقيع مذكرة تفاهم بين ممثلي العائلة المالكة السعودية والمالديف قبل عامين، مبينا أنه قيل آنذاك أن الاتفاق ينطوي على بيع الجزيرة المرجانية، على الرغم من أن التفاصيل كلها لم توضح وقتها.
ولا تزال تفاصيل الخطة الدقيقة غير واضحة، لكن السيد يمين قال إن السعوديين يتصورون تطورات متعددة الاستخدامات على غرار منطقة الريفييرا السياحية في فرنسا، مؤكدا أنه سيتم اجتلاب مليون شخص إلى الجزيرة المرجانية التى ستبنى عليها المطارات والمنتجعات والسكنات الراقية.
لقرون، تدور الحياة في جزيرة ماغودهو المالديفية حول الصيد فقط، أما ثاني أقل جزر المالديف من حيث السكان جزر فافو فهي غارقة في التاريخ، حيث يقع أقدم مسجد في جزر المالديف، الذي بُني قبل أكثر من 800 سنة، في جزيرة نيلاندو، وهي عاصمة الجزر المرجانية، فيما قال المستكشف النرويجي ثور هايردل في كتابه “سر المالديف” المنشور عام 1986 أن أنقاض المعابد الهندوسية والبوذية القديمة وجدت في الجزيرة نفسها.
ومع انتشار عدد سكانها الصغير على مئات من هذه الجزر المتجاورة، صارعت الحكومة من أجل تلبية مطالب شعبها بالمياه العذبة والصرف الصحي والتعليم، ولدى الحكومة تاريخ من دفع الناس من العيش في الجزر الصغيرة إلى الرحيل نحو الجزر ذات المساحة الأكبر منها، حيث يمكن أن توفر خدمات مركزية، وهذا زاد من مخاوف الناس المنتمين لصعيد ماغودهو حول إمكانية بيع الجزر.
ولكن؛ ليس الجميع هنا يفزع من احتمال احتضان السعوديين للمنطقة ويأمل الكثيرون في أن يحقق الاستثمار السعودي فرصا أكثر للعمل والتنمية، حتى وإن كانوا يشعرون بالقلق من إمكانية إجبارهم على الانتقال من الجزيرة، فيما يزدحم أكثر من ثلث سكان المالديف البالغ عددهم حوالي 350 ألفا في جزيرة ماليه، العاصمة، على مسافة 2.2 ميل مربع فقط من الأرض التي تبعد مسافة ساعتين ونصف الساعة بالقارب السريع شمال شرق فافو أتول.
وحتى السيد أحمد قال إنه مستعد للانتقال من الجزيرة، في ظل الظروف المناسبة، مضيفا: “كل من لديه القليل من المال يذهب إلى ماليه لتعليم أطفاله”، متابعا: “إذا حصلت على ما يكفي من المال، أنا أيضا، سوف أذهب لتعليم طفلي”.
ولكن مع التطور السعودي المحتمل، فإنه يشعر بالقلق من أنه وأسرته يمكن أن يضطروا للرحيل سواء أرادوا ذلك أم لا، كما يخشى العديد من السكان من نقلهم إلى شقق تقوم الحكومة ببناءها على جزيرة اصطناعية بالقرب من ماليه، بتمويل جزئي من قرض قيمته 80 مليون دولار من الصندوق السعودي للتنمية.
وعندما زار السيد يمين جزيرة ماغودهو في أواخر يناير، حاول أن يخفف من هذه المخاوف. حيث جاء الرئيس يومها ليعلن أن الملك سلمان قد تبرع بمسجد جديد لشعب ماغودهو، كما وعد السيد يمين قائلا “لقد خططوا لمشروع ضخم لفافو أتول”، مضيفا: “لقد تم الانتهاء من جميع الرسوم البيانية والرسومات الهندسية.”