مساء الجمعة الماضي، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، اغتيال القائد في كتائب “عز الدين القسام”، مازن فقهاء، بنيران مجهولين، جنوبي مدينة غزة.
إياد البزم، الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة، قال إنه “تم اغتيال فقهاء بعد أن تعرض لإطلاق نار مباشر من قبل مجهولين في منطقة تل الهوى جنوب مدينة غزة”.
من ناحيتها، قالت حركة الجهاد الإسلامي إن اغتيال فقهاء يحمل بصمات الاحتلال وأجهزته الأمنية، وإن العملية تحتم تعزيز الجبهة الداخلية، بينما قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن عملية الاغتيال يجب أن تقابل برد قاس على الاحتلال وأعوانه.
كيف اغتيل “فقهاء” ؟
كشفت صحيفة “القدس” عن تفاصيل جديدة حول مقتل القيادي مازن فقهاء، وجاءت كالتالي:
“وصل فقهاء وصل البرج السكني الذي يقطن فيه مع اقتراب الساعة السادسة مساءً من يوم الجمعة الماضي، وكانت زوجته وطفلاه برفقته، حيث ترجلوا من السيارة أمام باب البرج، وصعدوا إلى شقتهم السكنية بعد أن قضت العائلة ساعات خارج المنزل.
وبعد أن دخلت عائلة الشهيد، مبنى البرج السكني الذي تحيط به العديد من الأبراج في المنطقة ذاتها، أقدم فقهاء على إدخال سيارته إلى مرآب (كراج) السيارة أسفل العمارة، والذي يتم الدخول إليه بمنحنى إلى تحت الأرض، من خلال باب يتم التحكم فيه إلكترونيا.
وعلى نقيض من ما تم إعلانه بأنه اغتيل أمام باب البرج السكني الذي يقطن فيه، تبين لاحقًا أنه قُتل داخل سيارته بعد دخوله المرآب، بـ 4 رصاصات، وتشير الوقائع حسب المصادر الخاصة، إلى أن القاتل كان ينتظره بالداخل ونفذ عملية الاغتيال فورًا دون وقوع أي اشتباكات.
ووجد فيما بعد أن إحدى البوابات الخاصة بالبرج السكني كانت مفتوحة، رغم أن هذا الباب لم يفتح نهائيًا منذ فترة طويلة، وذلك يظهر ذلك تحكم المنفذين للعملية بمنافذ البرج وتخطيطهم جيدًا للعملية، وتنفيذها بشكل حرفي ودقيق دون ترك أي آثار.
وتشير المصادر إلى أنه “بعد مرور ما يزيد عن ساعة ونصف من الزمن، وجد أحد سكان البرج لدى دخوله المرآب، فقهاء مقتولًا داخل سيارته، واستدعى الأمن فورًا الذين أحاطوا المكان وبدأوا بالإجراءات المتبعة لملاحقة القتلة الذين يعتقد أنهم يعملون لصالح “إسرائيل”، وجمعوا صورا من كاميرات تتبع لمحال وسكان في المنطقة لمعرفة هوية المنفذين”.
لماذا تخلّص منه الاحتلال ؟
نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، خليل الحية، قال في تصريح صحفي له، عقب زيارته لمشفى الشفاء الذي يتواجد فيه جثمان فقهاء: “المستفيد الوحيد من عملية الاغتيال هو الاحتلال الإسرائيلي”، ولم يصدر أي تصريح عن إسرائيل، حتّى اللحظة، حول مقتل فقهاء.
يعتبر مازن فقهاء، من ضمن الأشخاص الذين تضعهم إسرائيل على قائمة “التصفية” التي أعدّها الجيش الإسرائيلي لعدد من محرري صفقة “شاليط”، نظرًا لدوره في الإشراف على إدارة العمل العسكري “لحماس” في الضفة الغربية، وتجنيد العشرات من الخلايا الميدانية هناك، بحسب تقرير نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عام 2013.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن حركة “حماس”، أنشأت قيادة لجناحها العسكري “عز الدين القسّام” في الضفة الغربية، ولكنها تُدار من قطاع غزة عبر معتقلين سابقين تم إبعادهم إلى القطاع، وبحسب الصحيفة فإن المعتقل السابق مازن فقهاء، هو أحد القادة الذين ترأسوا هذا الجناح.
وكان “فقهاء” قد خطط عام 2002 لإرسال فلسطيني ليفجر نفسه في إحدى الباصات الإسرائيلية، الأمر الذي أدى لمقتل تسعة إسرائيليين.
وقال “فقهاء” في مقابلة سابقة إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية، قد اعتقلته واحتجزته داخل “شقّة سكنية”، بدعوى وجود اسمه على قوائم المطلوبين التي قدمتها وكالة الاستخبارات الأميركية CIA بسبب مشاركتهم بعمليات ضد إسرائيل، وأثناء الاعتقال، نجح مقرّبون من “فقهاء” باقتحام مكان احتجازه وإطلاق سراحه، ليصبح مطلوبًا للجيش الإسرائيلي.
وشارك “فقهاء”، في عدة عمليات، نفّذتها كتائب القسام، من بينها مهاجمة المستوطنين وجنود إسرائيليين في منطقة “الأغوار ووادي المالح ومعسكر “تياسير” الإسرائيلي”، والمشاركة في الإعداد لعملية “عسكرية” عند مفرق “جات” قرب مستوطنة “جيلو” جنوبي القدس، في مايو 2002م، والتي قُتل فيها 19 إسرائيليا، كما شارك في الإعداد لعملية أخرى قتل فيها 9 إسرائيليين، في مدينة صفد بالضفة الغربية، وجاءت ردًا على اغتيال القائد في حماس “صلاح شحادة”.
وفي أغسطس 2002، اعتقل الجيش الإسرائيلي “فقهاء”، على خلفية مشاركته في الإعداد لعمليات “عسكرية” في الضفة الغربية، وتم الحكم عليه بتسع مؤبدات وخمسين عاماً إضافياً.
وقضى فقهاء، 10 سنوات متواصلة داخل السجون الإسرائيلية، حيث أُطلق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل عام 2011، التي عُرفت باسم “صفقة شاليط”، وتم إبعادها إلى قطاع غزة.
ماذا قال “فقهاء” قبل استشهاده ؟
وفي آخر منشوراته قال الشهيد فقهاء على “فيس بوك”: “اضرب بسيفك لا تهب، اضرب جبين أبي لهب، اضرب وأنت الفارس المقدام يملؤه الغضب”، مضيفًا في منشور في ذكرى استشهاد مؤسس “حماس” الشيخ أحمد ياسين: “في ذكرى استشهاد الشيخ نحن على العهد …”.
وشدد في منشور ثالث، على أن “فلسطين وطن غالي لا يعود إلا بالثمن الغالي، وطن طاهر لا يعود إلا بالعمل الطاهر”، مؤكدًا أنه “لا حل إلا بالثورة؛ ولا خلاص إلا بالثورة.. الاحتلال فايروس علاجه الثورة… كل حل لا يمر من طريق الثورة وهم وتضليل”.
وأضاف “فقهاء”: “لا نامت أعين الجبناء.. لا تثني عزائم الرجال خطوب ولا أخطار.. أيها الشباب أنتم رجال الأمة”، متسائلا باستنكار محاكمة السلطة الفلسطينية الشهيد باسل الأعرج: “كيف تفسرون محاكمة السلطة للشهيد باسل الأعرج، ثم الاعتداء على والده؟؟!!”.
وقال: “ليس أمامنا خيارات كثيرة؛ إما النصر أو النصر، لذلك لا اعتبار للخسائر ما دامت بعيدة عن الفكر والعقيدة وسلامة التوجه”.