شهدت الأيام الماضية مؤشرات على إمكانية رأب الصدع في العلاقات المصرية- السعودية، وتجاوز الخلاف القائم بين البلدين والذي استمر لأشهر وخرجت بعض أصدائه للعلن، على نحو وضع حدًا للتطور الكبير الذي شهدته هذه العلاقات إثر زيارة الملك سلمان لمصر في إبريل 2016.
بداية، أعلن المهندس طارق الملا، وزير البترول، وصول شحنتي مواد بترولية على مدار الجمعة والسبت الماضيين من شركة أرامكو السعودية، لافتًا إلى شحنتين من المقرر وصولهما بنهاية مارس الجاري،
وأوضح أن قيمة شحنات النفط السعودي تتراوح شهريًا ما بين 320 مليون دولار و340. مضيفا: “هناك خمس سنوات سماح قبل بدء سداد قيمة النفط”، مشيرًا إلى أن مصر استأنفت تطبيق اتفاق الاستيراد من السعودية بشروط ميسرة،
وتابع: “العمل مستمر في حقل “ظهر””، مؤكدًا أن بداية التشغيل بالحقل ستكون قبل نهاية العام الجاري، لافتًا إلى أن استيراد الخام العراقي يأتي من التجار؛ فتم إلغاء ذلك والاتفاق مع الحكومة العراقية.
وأثار استئناف الجانب السعودي توريد شركة أرامكو شحنات المنتجات البترولية لمصر، وفقًا للعقد التجاري الموقع بين هيئة البترول والشركة، العديد من ردود الأفعال، ويأتي هذا بعد يوم واحد من إحالة اتفاقية بيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية إلى مجلس النواب؛ حيث أعلن علي عبد العال، رئيس المجلس، أن اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية وصلت إلى البرلمان، ويتم التعامل معها.
وأشار “عبدالعال” إلى أن هناك إجراءات يتم استكمالها، وبمجرد انتهاء ذلك سيتم إحالتها إلى اللجنة المختصة لدراستها،
وكانت السعودية قد أوقفت شحنات الوقود الي مصر منذ حوالي 4 أشهر بعد توتر العلاقات بين الجانبين بسبب الخلافات حول الملفين اليمني والسوري، فضلًا عن المماطلة في تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
الأزمة بين السعودية ومصر
ونشبت أزمة بين مصر والسعودية عقب تصويت القاهرة في مجلس الأمن منتصف أكتوبر المنصرم إلى جانب مشروع قرار روسي، لم يتم تمريره، متعلق بمدينة حلب السورية، وكانت تعارضه دول الخليج والسعودية بشدة،
ووصف مسئول سعودي الموقف المصري وقتها بـ”المؤلم”. وإثر ذلك طفت على السطح أزمة أخرى على خلفية ممازحة الوزير السعودي السابق، إياد مدني (رئيس منظمة التعاون الإسلامي السابق) للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، عبر التلميح بعبارة استخدمها، عبد الفتاح السيسي، ولم يشفع اعتذار “مدني” في تهدئة الأوضاع بينه وبين القاهرة، حتي استقال بعدها من المنظمة “لأسباب صحية”.
وتطورت الأزمة بين مصر والسعودية، خاصة بعد التقارب المصري الإيراني، والموقف المصري المتذبذب بشأن جزيرتي تيران وصنافير.
من جهته؛ قال القيادي في المجلس الثوري المصري، عمرو عادل، إن “كلا النظامين المصري والسعودي ما هما إلا أدوات في صراع كبير بالمنطقة”، مضيفا أن “أي إجراء من القاهرة والرياض يفترض التعامل معه من هذا المنطلق”.
وأكد أن “قرار إيقاف إمدادات النفط السعودي لمصر، أو إعادته، وقرار إحالة اتفاقية تيران وصنافير للتصويت عليها بالبرلمان؛ هي إجراءات لصالح مشروع ما يصب في إعادة ضبط القوى بالمنطقة لصالح إسرائيل”.
وأضاف أن “النظامين المصري والسعودي يدركان ذلك؛ ومع هذا يحاولان إظهار أن ثمة صراعا أو خلافا بينهما، ولكنهما في الحقيقة جزء من مشروع التفتيت الكبير للمنطقة”، مؤكدا أنهما “المرشحان الكبيران للمرحلة القادمة من هذا المشروع”.
ورأى “عادل” أن نظام السيسي “لا يبالي بالشعب، ومن غير المستبعد عليه تسليم تيران وصنافير للسعودية، بل ومحافظات مصرية كاملة”.
وساطة إسرائيلية أميركية
الكاتب الأردني والمحلل السياسي نصير العمري، قال إن عودة توريد النفط السعودي لمصر هو دليل ملموس على نجاح وساطة إسرائيلية أميركية في بداية مصالحة سياسية بين مصر والسعودية.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ”رصد”: “إعادة ترميم العلاقات السعودية المصرية هي إستراتيجية لصانعي السياسة الخارجية ووزارة الدفاع حيث أن ترميم الحلف العربي الأميركي أصبح ضرورة بعد نجاح ايران في إلحاق هزائم كبيرة بالمعارضة السورية المسلحة وإقتراب الحلف الإيراني من حدود إسرائيل”.
وأنهى تصريحاته، قائلًا: “أخيرًا، ربما تكون عودة النفط السعودي إلى مصر هي رغبة سعودية، حيث أن الخلاف مع مصر أصبح يشكل تهديدًا لمصالح النظام السعودي في حربه مع إيران على طول وعرض المنطقة”.
وكانت الإذاعة العامة الإسرائيلية “ريشت بيت”، قد ذكرت أن إعلان السعودية قرب استئناف تصدير منتجاتها البترولية المتفق عليها إلى مصر بعد 6 أشهر من وقفها، يرجع إلى ما وصفته بوساطة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشكل مباشر.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن الساعات الماضية شهدت اتفاقًا مبدئيًا بين القاهرة والرياض على عقد جلسة مباحثات مباشرة قبيل مشاركة البلدين في القمة العربية المقررة في الأردن نهاية الشهر الحالي. وذلك بعد صعوبة الموقف الاقتصادي المحلي وتفاقم الأزمة البترولية في مصر، بعد تأزم العلاقات مع السعودية.
واجتمع وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في واشنطن مع ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وجاء في بيان صادر عن البنتاجون أن الاجتماع تناول سبل تعزيز التعاون المشترك لمحاربة تنظيم الدولة.