توفّي الكاتب المصري السيد ياسين صباح اليوم الأحد عن عُمر ناهز 84 عامًا، بعد صراعٍ طويلٍ مع المرض. ومنذ قُرابة الشهر، قبع “ياسين”، الباحث الاجتماعي والمفكّر السياسي ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في العناية المُركّزة إثر أزمةٍ صحيّة شديدة.
وقال نجله عمرو ياسين إنه “تعرّض إلى أزمة صحيّة دخل على إثرها المُستشفى لأربعة أيام، أعقبتها الأزمة الأخيرة في فبراير الماضي وأدخلته العناية المركزة قرابة الشهر”.
لقبته وسائل إعلام بـ”الكاتب والمفكر”، وأطلق عليه باحثون ومقربون “سيد التحليل السياسي الاجتماعي”؛ لكتاباته وإسهاماته وأبحاثه الفكرية التي أثّرت في كثيرين وغيرت فيهم وستظل مرجعًا حيًّا للباحثين والكتاب رغم وفاته.
ولدّ السيد ياسين في 30 أكتوبر سنة 1931 بمحافظة الإسكندرية، وتخرَّج في كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، ثم حصل على الماجستير من جامعة القاهرة في علم الاجتماع والعلوم السياسية؛ إلا أن نهمه الشديد للعلم والمعرفة والتفكير النقدي، وبراعته في مجال الدراسات الإنسانية والمستقبلية، دفعاه إلى استكمال دراساته خارج البلاد؛ فدرس القانون والعلوم الاجتماعية في جامعة ديجون بفرنسا بين عامي 1964 و1966، وفي جامعة باريس عام 1966، وخلال تلك الفترة اهتم بعلم الاجتماع الأدبي الذي كان لا يزال ناشئًا وقتها عام 1964، وكذلك علم الاجتماع السياسي.
ارتبط اسم السيد ياسين (1933–2017) بتحليل الواقع الاجتماعي والسياسي في مصر والعالم العربي ودراسته منذ أن عمل باحثًا في “مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية” عام 1957، فور تخرّجه في كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية وحتى رحيله اليوم.
بدأ حياته متعلّقًا بالشعر، ونشَر محاولات عديدة في نهاية أربعينيات القرن الماضي، إلى أن قرّر التوّقف بعد “اعترافه بالفشل في الإبداع” والتوّجه نحو الفكر والفلسفة في مرحلة كانت تتصارع فيها الأيديولوجيات الكبرى؛ فانضمّ إلى حركة “الإخوان المسلمين”، ثم سرعان ما تركها مكملًا مسيرته في العمل داخل المؤسسة الرسمية وفي إطارها.
تنوّعت اشتغالاته بين سوسيولوجيا الشخصية العربية والفكر القومي ومفهوم المواطنة وحوار الحضارات، كما درس مفهوم العولمة وتأثيرها وانعكاساتها عربيًا وعالميًا. وفي مرحلة لاحقة شهدت تصاعد التطرّف الديني، قدّم تحليلات نقدية لنشوء الظاهرة وتطوّرها وخارطة شاملة لتياراتها السياسية.
آخر إصداراته بعنوان “نقد الفكر الديني”، في 2016، ناقش خلاله مفاهيم عديدة تتصل بالإسلام والديمقراطية وتحليل ظاهرة الإرهاب وشخصية الإرهابي، والخلافة الإسلامية، إضافة إلى دراسته عددًا من النظريات الأميركية حول المجتمعات الإسلامية. وينظر كثيرون إلى آرائه السياسية بوصفها تأييدًا لموقف السلطة الحالية في مصر.
حصل ياسين على دبلومتي الدراسات العليا من “معهد العلوم الجنائية” من القاهرة و”القانون والعلوم الاجتماعية” من “جامعة ريغون” في باريس. صدر له قرابة 40 كتابًا؛ من بينها “أسس البحث الاجتماعي” (1963)، “السياسة الجنائية المعاصرة” (1973)، “الشخصية العربية بين تصوّر الذات ومفهوم الآخر” (1973)، “تحليل مفهوم الفكر القومي” (1973)، “مصر بين الأزمة والنهضة” (1990)، “دراسات في السلوك الإجرامي” (1995).
وحصل على وسام الاستحقاق الأردني من الطبقة الأولى عام 1992، ووسام العلوم والفنون والآداب من مصر عام 1995، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1996.