يستعد الساسة الإيرانيون إلى انتخابات “رئاسة الجمهورية” في يونيو القادم، التي تعد مجرد استشارية مساعدة للمرشد الأعلى ومكتبه، وقد مر حوالي 28 سنة منذ آخر انتقال بين المنصب الأعلى في إيران، حين تولى آية الله علي خامنئي بدلًا من آيه الله خميني بعد موته.
نظريًا، سيختار 86 عضوًا من جمعية الخبراء المرشد القادم، ولكن هذه الهيكلة الدينية ليست هامة لهذه الدرجة؛ حيث إن ما حدث قبل موت الخميني في 1989 كان مجرد تجمع لنخبة النظام بشكل غير رسمي من أجل الاتفاق على مرشح غير مرتبط بأي من الفصائل الكبرى المتنافسة. ووافق المجلس على “خامنئي” بعد اتفاق مراكز القوى عليه.
وبعد عقود، لم تعد موازين القوى هي نفسها لعدة أسباب مختلفة؛ أولها إطلاق خامنئي العنان لأيدي قوات الحرس الثوري بهدف تقليل عدد القوات الليبرالية. وبلغ تأثير الحرس الثوري السياسي ذروته في وجود الرئيس الإيراني أحمدي نجاد منذ 2005 وحتى 2013، وبعد نجاح حسن روحاني لم تنته قوة المتشددين؛ وبدلًا من ذلك استبدل قوات الحرس الثوري بوزارة المخابرات للمحافظة على دور المتشددين.
وتبقى الحقيقة البسيطة أنه مع الوقت يضيق نطاق الخطاب السياسي في إيران، وكانت السنوات التالية للثورة إيجابية من الناحية السياسية مقارنة بالوقت الحاضر، ويجد الآن الإصلاحيون أنفسهم وأولادهم في السجون أو تحدد إقامتهم في منازلهم. وعلى الرغم من وعود حملته؛ فإن روحاني لم ينجح في إطلاق سراح المسجونين.
وبعد كل هذه السنين، أثبت خامنئي أنه ليس ضعيفًا كما رأى المسؤولون عن اختياره؛ بل أظهر ذكاء عاليًا وأثبت أيضًا أنه ضمن المتشددين وليس معتدلًا كما توقع كثيرون؛ حيث إن له رؤيته، ويريد من خليفته أن يشاركه نفس الأيديولوجية.
وتتركز كثير من التكهنات على “إبراهيم رايسي”، وهو أحد المسؤولين المتشددين، شغل عددًا من الوظائف السياسية والدينية؛ إلا أن أحد المتابعين لوضع إيران نشر مقالًا في واشنطن بوست يظهر شكوكه في رغبة خامنئي في أن يأتي “رايسي” خلفًا له، وله كثير من التعقيبات ردت بأنه الخليفة الأنسب بالنسبة إلى خامنئي وأنه من سيكمل على نفس نهجه.
عندما يرحل خامنئي عن المشهد يمكن أن يحدث أي شيء؛ تتصارع القوى الداخلية في إيران، وستتم محاربة رايسي للتأكد من أن داعميه المتشددين لن يقوضوا الليبرالية التي يحتاج إليها الإصلاحيون.
باختصار، فإن الإصلاحيين، أو الذين يسعون إلى مزيد من المستقبل الليبرالي، يمكن أن يخشوا من عدم نجاتهم مرة أخرى بعد ثلاثة عقود من الصراع.
ويكمن السؤال في ما سيفعله خامنئي لضمان مجيء رايسي؛ حيث إنه سيكون ميتًا ولن تكون لكلمته قيمة، ولكن يمكنه الاستقالة؛ وحينها يمكنه اختيار خليفته ووضع رايسي في السلطة.