في الوقت الذي انتفضت فيه الحكومة الإيطالية بعد مقتل الطالب الإيطالي ريجيني، لكشف أسباب مقتله، جاء الموقف الرسمي المصري من وفاة المصري هاني حنفي في سجون إيطاليا باهتا، وسط إهمال الحكومة المصرية في فتح ملف المسجونين المصريين في ايطاليا، ومتابعة حالتهم.
الحكومة الإيطالية تعلن انتحاره
وشيع مواطنو منطقة أبو قير بشرق الإسكندرية، جثمان هاني حنفي، إلى مثواه الأخير- صباح أمس السبت- في مقابر أبى قير، والذي توفي في “ظروف غامضة” داخل أحد السجون الايطالية الشهر الحالي.
وطالب المشاركون وأسرة الشاب الحكومة المصرية بفتح تحقيق عاجل حول ظروف وفاة هاني بمشاركة الحكومة الايطالية.
وأعلنت السلطات الإيطالية انتحار “هاني حنفي”، رغم أنه كان متبقيا أشهر معدودة على انتهاء فترة سجنه التي بلغت 4 سنوات، بسبب مشاركته في مشاجرات وقعت في إيطاليا في عام 2014.
وتضاربت تصريحات السلطات الإيطالية حول ملابسات الواقعة، الأمر الذي أثار شكوك البعض وأولهم والد الشاب.
أسرة هاني حنفي تكذب رواية انتحاره
عبرت أسرة هاني حنفي، عن غضبهم واستيائهم من تداول الأخبار عن وفاة الشاب المصري منتحرا بداخل سجن إيطالي.
وقالت سناء محمد، عمة الشاب المصري بالإسكندرية: “إن ما تم نشرة غير صحيح على الإطلاق، ومنتحرش، وكان بيصلي ومحترم ومتعلم، وكان دائم الاتصال بينا، وراح يشتغل علشان يجيب لقمة العيش، منذ 3 سنوات”.
وطالبت أسرة هاني الإسكندرية بضرورة الكشف عن ملابسات الواقعة بالكامل، وأسباب الوفاة، وعودة حق الشاب المصري، مما تعرض له بسجن إيطاليا.
تخاذل الحكومة
وتقدمت النائبة غادة عجمي، ببيان عاجل ضد نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين في الخارج، بشأن تقصير الوزارة تجاه وفاة مواطن مصري في إيطاليا.
وقالت “عجمي”: “في سلسلة جديدة للأزمات التي يتعرض لها المصريون في الخارج، توفي قبل يومين شاب مصري يدعى هاني حنفى سيد، داخل أحد السجون الإيطالية في ظروف غامضة، قالت عنها السلطات إنها انتحار، في وقت أكدت فيه الخارجية المصرية البدء الفوري في إجراء اتصالاتها للوقوف على ملابسات الحادث”.
وتابعت: “السلطات الإيطالية أعلنت أن “هاني” انتحر قبل أن تجري أي تحقيقات ودون إجراء أي تحريات، ولو افترضنا ذلك فكيف يتوفر لسجين في دولة أوروبية أداة انتحار يستخدمها في هذا الغرض، ولو تم قتله بشكل جنائي فسيناريو زملاء السجن يطرح نفسه قبل سيناريو تورط السلطات، إننا لسنا أمام حالة مجرم بل أمام شاب خرج في العشرينات من العمر بحثاً عن حياة اقتصادية أفضل في دولة أوروبية”.
وأضافت قتئلة: :إن ذلك يأتي بالتزامن مع زيارة وزيرة الهجرة منذ فترة وجيزة إلى ايطاليا، وأعلنت خلال هذه الزيارة أنها تواصلت مع الجاليات المصرية هناك، وعقدت لقاء مع وزير الداخلية الإيطالي في مدينة روما، ولقاء مع وزير العمل الإيطالي باعتباره المسئول عن ملف الأطفال القصر من الأجانب، وزيارة مقر الأكاديمية المصرية للفنون بروما، وعقدت بروتوكولات تعاون لحماية المصريين في الخارج، لكن ما نتيجة هذه الزيارات؟”
واستطردت بقولها: أين الخط الساخن لشكاوى المصريين في الخارج، أين دور الوزارة في حماية المصريين في الخارج، فهذا هو صلب عمل وزارة الهجرة، لكن حالة الوفاة التي حدثت لم تتحرك لها الوزيرة، وإنما كان قرار التحرك من النائب العام من خلال فتح تحقيقات موسعة”.
ظروف الوفاة غامضة وغير مفهومة
وقال وليد حريري، رئيس جمعية “لم الشمل” في باريس، وصديق شقيق الضحية انتحار هاني،إن الضحية قدم إلى إيطاليا في عام 2007 من خلال مراكب التهريب، وعمل في شركة الألمونيوم، وكان دائم التردد على فرنسا لزيارة شقيقه، ومن ثم العودة إلى إيطاليا مرة أخرى.
وأضاف حريري، رئيس رابطة “لم الشمل” التي تجمع مصريين في أنحاء أوروبا، أن “آخر مرة شاهدته فيها كان في 2014 بفرنسا، كان قبلها في زيارة إلى مصر بعد ثورة يناير، على أمل أن يستقر به الحال هناك، لكن الأوضاع الاقتصادية دفعته إلى العودة إلى إيطاليا مرة أخرى، لكن تم القبض عليه على الحدود الإيطالية في 2014، ليقضي فترة عقوبة نحو 4 سنوات تنتهي في 2018.
وتابع: “السلطات الإيطالية ألقت القبض على هاني برفقة نحو 7 مصريين معه، واقتادتهم إلى السجن”، مشيرًا إلى أن السلطات في إيطاليا اعتبرت هاني مهربًا كبيرًا نظرًا لإجادته اللغة الإيطالية.
وأوضح الحريري أن “هاني حنفي ألقي القبض عليه أثناء عبوره الحدود، لكنه ليس مجرمًا ولا بلطجيا، كما يتردد في إيطاليا، كان يريد فقط الهروب من الوضع الاقتصادي الصعب في مصر وتحسين أوضاعه المالية.
وأكد الحريري أنه علم بخبر وفاة حنفي من قبل رفاقه في السجن، الذين أبلغوا والده من داخل السجن بوفاة ابنه، ومن هنا بدأت الاتصالات تنهال على السلطات الإيطالية للكشف عن ملابسات الوفاة، ما دفع المسؤولون عن السجن إلى منع الاتصال عنه، لافتا إلى أن ظروف وفاة أيمن غامضة وغير مفهومة.
المساومة بريجيني
في منتصف مارس من العام الماضي 2016، ظهرت قضية اختفاء شاب مصري في إيطاليا، حاول النظام المصري المساومة من خلال قضيته، أمام قضية الباحث جوليو ريجيني، الذي عثر على جثته بطريق القاهرة الإسكندرية وعليها آثار تعذيب، قبل أن تعود الخارجية المصرية، لمطالبة السلطات الإيطالية بالتحقيق في أسباب وفاة الشاب المصري هاني حنفي بأحد سجونها.
وربط مراقبون بين الحديث عن اختفاء وموت مواطنين إثنين مصريين وبين قضية جوليو ريجيني.
وريجيني طالب دكتوراه في جامعة كامبريدج، تواجد في القاهرة منذ سبتمبر 2015، لتحضير أطروحته حول الاقتصاد المصريـ واختفى مساء 25 يناير 2016، في حي الدقي قبل العثور على جثته على طريق القاهرة الإسكندرية وعليها آثار تعذيب، في 3 فبراير، وفق بيان للسفارة الإيطالية بالقاهرة آنذاك، فيما اتهمت وسائل إعلام إيطالية أجهزة الأمن بالتورط في قتله، وهو ما تنفي مصر صحته.
توتر العلاقات بين البلدي
ويأتي ذلك في توقيت تشهد فيه العلاقات بين البلدين توتراً ملحوظاً منذ العثور على جثة ريجيني على أطراف القاهرة العام الماضي. ففي أبريل الماضي، سحبت روما سفيرها بالقاهرة ماوريتسيو ماساري في أعقاب فشل أول لقاء بين المحققين المصريين والإيطاليين حول مقتل ريجيني الذي عثر على جثته في فبراير من العام نفسه.
وفي 11 مايو الماضي، أعلنت روما جامباولو كانتيني سفيراً جديداً لدى مصر، لكنه لم يتوجه إلى القاهرة حتى الآن. وفي تصريحات له خلال فبراير الماضي، قال وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو إن الاستمرار بمستوى معين من العلاقات مع القاهرة “يعتمد على تعاون” السلطات القضائية في قضية ريجيني.