رأت مجلة “فورين بوليسي” أن مصر تُجسّد أسطورة أبي الهول الذي يجمع بين متناقضات عديدة؛ فهو رجل بجسم أسد ويرمز عند الرومان إلى الحقد، بينما عند المصريين القدامى يرمز إلى الخير.
وانطلاقًا من هذا التناقض، شخّصت “فورين بوليسي“ الحالة المصرية؛ حيث يرى المصريون أنه لا استقرار من دونهم في الشرق الأوسط، بينما تئنّ البلاد وترزح تحت ضغط واقع اقتصادي عصيب ومسلسل عنف في سيناء لا يتوقف. ورأت المجلة أن توطيد علاقة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع مصر يؤدي بالتالي إلى دفع الشرق الأوسط نحو الاتجاه الصحيح.
الحاجة إلى صديق
وقالت المجلة الأميركية إن حالة عدم الاستقرار التي تعانيها مصر تجعلها في أمَسّ الحاجة إلى صديق دولي يقف إلى جوراها في الوقت الحالي كي تتمكن من العودة إلى طريق الاستقرار.
وأضافت “فورين بوليسي”، عبر مقال للكاتب جيمس ستافيرديس، أن عبدالفتاح السيسي يحتاج إلى من يساعده بشكل فعلي، وأن مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليست كافية لأن تحل الأزمات التي تعانيها مصر.
وأشارت إلى أن مصر تحاول تنمية الاقتصاد، وتريد أن تؤكد حماية قناة السويس بوصفها مصدر دخل للبلاد، وأن الاقتصاد قد يزدهر إذا تم تحسين ظروف السياحة.
اللاعب الإسرائيلي
وتساءلت “فورين بوليسي” عن الكيفية التي يمكن من خلالها للولايات المتحدة تقديم يد الدعم والمساعدة إلى مصر، وقالت إن هذا يعدّ أمرًا ممكنًا من خلال ضمان علاقة عمل جيدة بين “إسرائيل” ومصر، ومن خلال تحسين المشاركة بين البلدين في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية؛ عن طريق تشجيع مستويات أعلى من القوات العسكرية للبلدين على التواصل.
الدور الأميركي
وأضافت أن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس يعرف جميع اللاعبين، وعليه القيام برحلة عاجلة لكلتي العاصمتين والتأكيد على أهمية العلاقة ودعم هذا الأمر مع مستويات معقولة من التمويل العسكري والتقني.
وأضافت أنه يمكن للولايات المتحدة مساعدة مصر عبر تشجيع تنمية اقتصادها والعمل على تأمين قناة السويس؛ الأمر الذي يتطلب مزيدًا من التبادل الاستخباري.
وأشارت إلى أنه يمكن للولايات المتحدة تشجيع إقامة شراكات إقليمية مع مصر على نطاق أوسع لتشمل اليونان وقبرص.
وألمح كاتب المقال إلى أن ترامب ربما يوظف حاجة مصر إلى المعاونة الدولية لمصلحة “إسرائيل”؛ من خلال الضغط على مصر لتحسين علاقتها بـ”إسرائيل” والعمل على تحقيق مصالحها، وذلك عبر لعب دور أكثر ضغطًا سواء على حماس أو السلطة الفلسطينية.
ويستطرد أن ثناء إسرائيل على وصول عبدالفتاح السيسي إلى سدة الحكم في مصر من البداية كان مؤشرًا واضحًا على أن مصالحها مع هذا الرجل، على حد قوله.
واختتمت المجلة بالقول إن مصالح مصر تتشابك مع مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ خاصة من خلال الحليف الحيوي المتمثل في “إسرائيل“.
بديل الدعم الخليجي
وصدرت دراسة إسرائيلية في يناير الماضي طرحت تساؤلات حول قدرة نظام السيسي على الاستقرار والبقاء رغم ما يمر به من أزمات أمنية واقتصادية؛ لا سيما بعد إيقاف دول الخليج العربي دعمها المالي لمصر وما تسببه من هزة حقيقية للنظام.
وتحدثت كذلك عن أن “إسرائيل” ترى في نظام السيسي فرصة لتمتين العلاقات مع مصر؛ حيث إن مستوى المصالح المتبادلة بين القاهرة وتل أبيب اتسع في السنوات الأخيرة ليصل إلى درجة غير مسبوقة من الحميمية والود، وتبقى المسألة الأمنية هي “بيضة القبان” في هذه العلاقات الثنائية.
“إسرائيل” من جهتها تبدي دعمها الكامل للجهود الأمنية والعسكرية المصرية بسيناء، وتقدم مساعدتها للجيش المصري في مجال المعلومات الأمنية والاستخبارية.
وأضاف الكاتب أن هناك تعاونًا بين مصر و”إسرائيل” في مجالات لا داعي إلى ذكرها في هذه الدراسة.
رضا إسرائيلي
وختمت الدراسة بالقول إن “إسرائيل” تنظر بعين الرضا لما يقوم به السيسي تجاه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتدمير مئات الأنفاق التي توصل السلاح إليها، وإعلان الحركة منظمة إرهابية، واعتبرها عدوة لمصر؛ نظرًا لعلاقتها بجماعة الإخوان.
كما أن السيسي يرى في اتفاق السلام مع “إسرائيل” كنزًا استراتيجيًا، بل إنه تجاوز نظام الرئيس السابق حسني مبارك في إبداء دعم أكبر لعملية التطبيع مع “إسرائيل”، ليس فقط في المجال الأمني؛ وإنما في المجالات السياسية والاقتصادية.