لم تتوقف دعوات المصالحة التي تطلقها أطرافٌ مختلفة، منها مقربة من النظام ومنها من هو مختلف معه، منذ أحداث 3 يوليو والإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي وحتى الآن.
كانت آخر دعوات المصالحة التي أطلقها نقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد، وقال فيها إنه يجب أن يكون باب التصالح مفتوحًا لكل من يريد التوبة عن الإخوان وفكرهم؛ من خلال شروط موضوعية عادلة، وهذا الباب لا بد أن يكون لكل واحد من جماعة الإخوان يريد أن يهجر هذا الفكر ويعلن توبته عنهم.
وعن إمكانية تبنيه لمبادرة للمصالحة بين الدولة وجماعة الإخوان المسلمين، أشار إلى أنه لا يُمانع في هذا الأمر؛ ولكن سيكون هذا الأمر وفق شروط، على رأسها تخليهم عن أفكارهم؛ بداية من حسن البنا، والتحول إلى جماعة دينية فقط، مُضيفًا إلى أن المصالحة تبدو صعبة على المدى القريب؛ لذلك فباب التوبة أمام أفراد الجماعة عن أفكارها والإندماج في المجتمع مفتوح.
هذه التصريحات التي أدلى مكرم محمد أحمد بها في الدعوة إلى التصالح مع جماعة الإخوان ليست جديدة؛ بل سبقها خلال السنوات الأربع التي تلت الإطاحة بالدكتور محمد مرسي عدد كبير من دعوات المصالحة أطلقها شخصيات بارزة.
1- العوا
دخل الدكتور محمد سليم العوا، المرشح الرئاسي السابق، على خط المبادرات للمصالحة بين الإخوان والنظام السياسي الحالي. تضمنت مبادرته الإفراج عن مرسي وإعادته رئيسًا شرعيًا لمصر، ولكن منزوع الصلاحيات؛ بحيث يعطي صلاحياته كافة إلى حكومة مؤقتة وفقًا للمادتين 141و142 من دستور 2012 ثم يعدل دستور 2012 المعطل وفقًا لخارطة الطريق، ويعقب التعديلات انتخابات برلمانية بعد 60 يومًا، وتُشكّل حكومة دائمة تحدد موعدًا لانتخابات رئاسية مبكرة.
2- البرادعي
عقب استقالة الدكتور محمد البرادعي من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية للشؤون الخارجية، اعتراضًا على فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقوة؛ تقدم بمبادرة للمصالحة، تضمنت الإفراج عن محمد مرسي ومعتقلي الإخوان كافة في مقابل تخلي الجماعة عن العنف والعودة مرة أخرى إلى ما أسماه “أحضان الشعب”.
3- أبو المجد
في أكتوبر 2013 أعلن الدكتور أحمد كمال أبو المجد نجاحه في الوصول إلى صيغة اتفاق مع بعض قيادات الجماعة للمصالحة، تمثلت في وقف تصعيد الجماعة ونبذها للعنف في مقابل هدنة مع الدولة وعدم اعتقال قيادات الإخوان، وهدنة أخرى مع الإعلام، على أن تستمر المفاوضات في هذه الأثناء دون أن تتضمن عودة مرسي؛ بل الإفراج عنه فقط، ولكن لم يكتب لها النجاح.
4- نائب الببلاوي
كانت إحدى محطات مبادرات المصالحة من داخل مجلس الوزراء، عندما تبنى زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق للشؤون الاقتصادية، مبادرة لم يعلن عن تفاصيلها؛ لكنها قامت على بعض الأساسيات، تمثلت في عدم الإقصاء السياسي للإخوان طالما نبذوا العنف، والجلوس معهم للوصول إلى نقاط اتفاق تُخرج الوطن من أزمته الحالية.
5- مكي وفهمي هويدي
طرحت شخصياتٌ مستقلة مبادرة للمصالحة من خلال تشكيل لجنة وساطة بين الإخوان والدولة مكونة من محمود مكي، نائب الدكتور مرسي، وشقيقه أحمد مكي وزير العدل السابق، مع كل من نادية مصطفى وفهمي هويدي؛ لإقناع النظام الحالي بالموافقة على عقد استفتاء شعبي على خارطة الطريق، مع تنازل التحالف عن فكرة عودة مرسي مرة أخرى إلى سدة الحكم بعد الإفراج عنه وعن باقي المعتقلين من أنصاره، إضافة إلى إعادة مجلس الشورى مرة أخرى لأداء مهامه التشريعية؛ وفي المقابل إصدار إعلان دستوري يحصن الجيش المصري وقياداته من المحاكمة بتهمة “الانقلاب” على الدكتور مرسي.
6- السفير يسري إبراهيم
محاولة أخرى قام بها السفير إبراهيم يسري، رئيس جبهة الضمير، وشملت مبادرته عودة مرسي رئيسًا شرفيًا للبلاد على أن تُعطى صلاحياته لحكومة مؤقتة؛ مع تحصين أعمال النظام المصري الذي جاء بعد مرسي منذ 30 يونيو كافة، متضمنة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، ورفضَ تحالف دعم الشرعية هذه المبادرة.
7- أبو الفتوح
لم يغب الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، عن مشهد المصالحة؛ حيث طرح أكثر من مبادرة للمصالحة الوطنية، كانت أبرز بنودها إقالة وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم، مع تشكيل لجان لتقصي الحقائق بمراقبة دولية للتحقيق فيما وصفها بـ”الجرائم” التي ارتكبت ضد الثوار في عهود مبارك والمجلس العسكري ومرسي والنظام الحالي.
وتضمنت المبادرة الإفراج عن الدكتور محمد مرسي والمعتقلين السياسيين كافة، مع دخول الجماعة -في المقابل- في حوار وطني مع السلطة حينها بعد التبرؤ من كل أشكال العنف.
وطرح “أبو الفتوح” مبادرة أخرى، تمثلت في تشكيل حكومة كفاءات انتقالية مستقلة، واقترح في بيان له في 19 يونيو 2015 تعيين رئيس حكومة جديد؛ مشترطًا فيه أن يكون شخصية توافقية مستقلة غير منحازة، ثم تفويض رئيس الجمهورية في صلاحياته إلى رئيس الحكومة.
8- الشيخ محمد حسان
سعى الشيخ محمد حسان، الداعية السلفي، إلى إجراء مصالحة بين جماعة الإخوان والحكومة المصرية أثناء اعتصام جماعة الإخوان في ميدان رابعة العدوية، وذلك بمساعدة شيوخ مجلس شورى العلماء، وسبق أن أعلن “حسان” أن هدفه من المصالحة حقن الدماء والحفاظ على الشباب حتى لا يدخل أبناء التيار الإسلامي في صراع مع الجيش والشرطة.
9- العمدة
عقب خروجه من السجن، ارتدى البرلماني السابق محمد العمدة جواد المصالحة بطرحه مبادرة تتضمن الاعتراف بعبدالفتاح السيسي رئيسًا لمصر لفترة انتقالية، يتم بعدها انتخابات رئاسية جديدة لا يخوضها هو؛ الأمر الذي رفضه النظام والإخوان.
10- حسن نافعة
طرح الدكتور حسن نافعة مبادرة للمصالحة تضمنت اعتراف الإخوان بـ30 يونيو، مع تشكيل لجنة للمصالحة الوطنية من الأزهر والكنيسة وبرعاية عبدالفتاح السيسي للجلوس على مائدة التفاوض مع تحالف دعم مرسي؛ إلا أن الفشل لاحقها أيضًا.
11- سعد الدين إبراهيم
أعلن الدكتور سعد الدين إبراهيم، مؤسس مركز “ابن خلدون”، في وقت سابق، أن جماعة الإخوان المسلمين مستعدة للمصالحة، وقال: “الأجواء الآن مهيأة بالفعل لمصالحة وطنية تاريخية وطي صفحة الماضي والتطلع إلى المستقبل، وإن هناك مؤشرات على قرب تحقيق مصالحة وطنية تاريخية فى مصر”، وهي المبادرة التي طواها النسيان بعد ذلك.