أشادت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الخميس الماضي، بمستوى التعاون بين بلادها ومصر في مختلف المجالات، في وقت دعت لحل الأزمة في ليبيا وتكثيف الجهود لمحاربة الإرهاب ووقف تهريب البشر.
وشددت ميركل التي وصلت القاهرة في وقت سابق، على أن التعاون المصري الألماني جيد جدًا وخصوصًا على الصعيد الاقتصادي.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع عبد الفتاح السيسي، قالت ميركل “شهدنا افتتاح ثلاث محطات كهرباء (بدعم ألماني) تمد 45 مليون شخص بالطاقة الكهربائية”.
وأشادت المستشارة الألمانية بما اتخذته مصر من قرارات اقتصادية خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أن تحرير سعر الصرف الذي قامت به يعد قرارًا شجاعًا.
تعهد ألماني
وتعهدت بتقديم 250 مليون دولار لمصر ابتداء من عام 2018 من أجل تحسين حياة المهاجرين. وقالت إنها على علم بأن مصر استقبلت 500 ألف سوري خلال الفترة الماضية.
المؤسسات المدنية
وأوضحت أنه “تم بحث موضوع المؤسسات المدنية السياسية الألمانية في مصر والتي تقوم بدور في المجتمع المدني، وسيتسنى لنا معالجة القضايا القديمة”.
وأعربت عن أملها في أن يتم إنهاء هذا الموضوع، مشيرة إلى أنه سيتم إبرام اتفاق قريبًا في ألمانيا يعطي إطارًا قانونيًا لعمل المؤسسات السياسية في مصر.
مكافحة الإرهاب
وفي سياق آخر دعت ميركل كل الدول للمشاركة في مكافحة الإرهاب. وقالت إن مصر تمر بموقف صعب في مواجهة الإرهاب، وإن المجتمع المدني من شأنه القضاء على التطرف.
نقاط ملموسة
وأضافت ميركل أنه تم الاتفاق مع القاهرة على نقاط ملموسة بشأن الحدود، لافتة إلى أن طول الحدود بين مصر وليبيا يشكل فرصة للإرهابيين.
وأكدت المستشارة الألمانية أهمية وضع حد لنشاط مهربي اللاجئين، وذلك على خلفية نزوح كثير من اللاجئين من أفريقيا إلى أوروبا.
وشددت على أهمية المبادرة المصرية الجزائرية التونسية لحل الأزمة في ليبيا، وقالت إنها لم تفشل. وطالبت بإشراك الفاعلين الحقيقيين في الأزمة الليبية تحت مظلة الأمم المتحدة.
السيسي والإرهاب
ومن جانبه، أكد الرئيس المصري في المؤتمر الصحفي حرصه على حقوق الإنسان، مطالبا في الوقت ذاته بمراجعة ظروف المنطقة “بالنظر إلى الإرهاب الذي هدد عناصر الدولة المصرية على مدار الثلاثة أعوام ونصف العام الماضية”.
وعن الوضع في ليبيا، قال السيسي إن مصر تسعى جاهدة لوجود حل سياسي من خلال كافة الجهود والتعاون مع الجميع والمبعوث الدولي ودول الجوار.
وأكد السيسي أنه يجب بشكل أو بآخر أن ترفع “الدول الداعمة للإرهاب في المنطقة أيديها عن المنطقة”.
وكانت ميركل وصلت ظهر الخميس إلى القاهرة، ومن المقرر أن تغادر الجمعة إلى تونس حيث ستلتقي الرئيس الباجي قايد السبسي لتناقش معه سبل الحد من تدفق اللاجئين عبر ليبيا.
ترحيل لاجئين إلى مصر
ثارت خطة لوزير الداخلية المحلي لولاية بادن فورتمبرغ الألمانية لترحيل نصف مليون طالب لجوء رفضت ألمانيا طلباتهم إلى معسكر سيقام لتجميعهم في مصر؛ انتقادات سياسية وحقوقية واسعة.
ورأى الوزير توماس شتروبل -في خطته التي نشرتها صحيفة بيلد الشعبية- “أن هناك حاجة عاجلة لاتخاذ إجراءات حاسمة تجاه طالبي اللجوء المرفوضين الذين سيصل عددهم إلى نصف مليون عام 2017، ولا يمكن التسامح معهم، ويتوجب تطوير إستراتيجية سريعة لترحيلهم، حتى لا يفقد مواطنونا ثقتهم بدولة القانون”.
وقال شتروبل: إن “هناك فرصة جيدة للاتفاق مع مصر على إقامة مركز فوق أراضيها لاستقبال هؤلاء اللاجئين المرحلين، وتجميع طالبي اللجوء الذين يتم توقيف قواربهم المتجهة لإيطاليا في البحر المتوسط، لمنع وصولهم لأوروبا”.
تراجع ميركل
وحملت خطة شتروبل -الواقعة في ست صفحات- عنوان “لا بقاء لمن ليست لديه إقامة”، وجاءت بعد أسبوع من انعقاد المؤتمر السنوي للحزب المسيحي الديمقراطي.
ويرى مراقبون أن تأييد مؤتمر الحزب المسيحي هذه الخطة سيمثل تراجعا نهائيا عن سياسة اللجوء الحالية لرئيسته المستشارة أنجيلا ميركل.
وطالب شتروبل في الخطة بتسريع وتكثيف إجراءات ترحيل اللاجئين المرفوضين لتتجاوز 26 ألفا وخمسمئة شخص أعلنت الشرطة أنهم سيرحلون من البلاد هذا العام، إلى نصف مليون العام القادم.
كما تدعو الخطة للإلغاء الفوري للإقامات قصيرة المدة الممنوحة لطالبي اللجوء الذين لا يقدمون جوازات سفر أو بيانات شخصية صحيحة، وإيقاف المساعدات المقدمة لهم وترحيلهم خلال بضعة أيام، وعدم اعتبار الأمراض عائقا لترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، وسحب حق اللجوء من أي شخص حصل عليه ثم سافر لبلده التي ادعى أن حياته كانت مهددة فيها.
ورأى وزير داخلية ولاية بادن فورتمبرغ أن إقامة مركز لترحيل اللاجئين المرفوضين في ألمانيا بمصر يمثل خطوة بالاتجاه الصحيح، ويمكن استخدامه في تجميع طالبي اللجوء الذين يخفون هويتهم أو الذين رفضت بلادهم استقبالهم.
وجاء الكشف عن خطة شتروبل بعد أيام من حديث تقارير صحفية عن بحث مستشار الأمن القومي الألماني كريستوف هويسغن مع رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي مساعدة مصر في استقبال أعداد كبيرة من طالبي اللجوء الذين رفضتهم ألمانيا، لكن السلطات المصرية لم تعلق رسميا على هذه الأنباء.
رفض برو أزيل
وفي أول رد على هذه الخطة، عبرت منظمة برو أزيل الحقوقية عن رفضها، وقال الأمين العام لهذه المنظمة التي تعد أكبر منظمة لمساعدة اللاجئين بأوروبا إن مصر محكومة بنظام ديكتاتوري، وأوضاع حقوق الإنسان فيها كارثية، وليست بها أي إمكانية لحماية اللاجئين.
وأضاف غونتر بوركهاردت -في تصريحات للجزيرة نت- أن مصر دولة غير مستقرة، وشعبها نفسه ضحية لانتهاكات حقوق الإنسان، ولا يمكن تأسيس مركز فيها لتجميع ضحايا نظام بشار الأسد أو الفارين من نظام قمعي في إريتريا، وأوضح أن هذه الخطة لا تتفق مع حقوق الإنسان، وتظهر أن المطلوب هو إبقاء اللاجئين بعيدا عن أسوار أوروبا مهما كان الثمن.
هجرة جماعية
في السياق نفسه، انتقد الفرع الألماني لمنظمة العفو الدولية تعاون ألمانيا وأوروبا “مع دول تمارس انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، بشكل يدفع مواطنيها أنفسهم للهرب خارجها بحثا عن حماية”.
وقالت فيكي يواديت خبيرة اللجوء بفرع المنظمة الحقوقية العالمية بألمانيا -للجزيرة نت- إن مصر تعيش أسوأ أزمة انتهاكات لحقوق الإنسان في تاريخها، وحتى اللاجئين فيها انضموا لضحايا هذه الانتهاكات المروعة، وأوضحت أن العام الماضي وحده شهد قتل قوى الأمن بالرصاص عشرين لاجئا سودانيا وطفلة سورية عمرها ثماني سنوات عند محاولتهم الخروج من الحدود المصرية.
وكان تقرير للحكومة الألمانية ذكر مؤخرا أن واحدا من كل عشرة لاجئين يصلون لإيطاليا عبر البحر المتوسط ينطلقون من الشواطئ المصرية، وحذر التقرير من خطورة حدوث هجرة جماعية لأوروبا من مصر، التي يبلغ عدد سكانها 92 مليون نسمة نتيجة استمرار تردي الأوضاع المعيشية.
منطلق القوارب
وبموازاة هذا التقرير، كشف تقرير آخر لوكالة حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي (فرونتيكس)، أن مصر تحولت إلى ثاني مركز لانطلاق قوارب المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء بعد ليبيا.
وقالت فرونتيكس إن من بين عشرات آلاف اللاجئين الذين وفدوا لإيطاليا عبر المتوسط هذا العام، وصل للشواطئ الإيطالية حتى سبتمبر/ أيلول الماضي 12 ألفا وثمانمئة مصري، من بينهم عدد كبير من الأطفال والقاصرين، الذين فروا من بلادهم بلا مرافق بحثا عن أوضاع حياتية أفضل بأوروبا.