يوم الأربعاء الماضي، أطلقت الأمم المتحدة مناشدة لجمع 2.1 مليار دولار لتوفير الغذاء ومساعدات ضرورية أخرى يحتاجها 12 مليون نسمة في اليمن، الذي يواجه خطر المجاعة بعد عامين من الحرب.
وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، جيمي مكجولدريك، إن “الوضع كارثي ويتدهور بسرعة”، وأضاف أن “نحو 3.3 ملايين شخص، بينهم 2.1 مليون طفل، يعانون من سوء التغذية الحاد”.
وفي سياق متصل، أوضحت ممثلة اليونيسيف في اليمن ميرتشييل ريلانو أن 1400 طفل قتلوا في اليمن، بينما أصيب 2140؛ بعضهم تعرض للإعاقة والتشوه، كما جرى تجنيد 1400 طفل في الحرب.
وأكدت ريلانو أن عشرة ملايين يمني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بينهم ثلاثة ملايين نازح، كما أن 60% من السكان يعيشون على الأقل بدولارين في اليوم.
الوضع في اليمن
الصحفي والمحلل السياسي اليمني عباس الضالعي قال في تصريحات لـ”رصد”: “الوضع اليمني أفضل بكثير ويقترب من التعافي، وإن كانت هناك مآسي على المستوى الإنساني؛ إلا أن الأهم هو قطع يد إيران في اليمن وإنهاء سيطرتها بواسطة مليشيا الحوثي والمخلوع علي صالح”.
وأضاف “الضالعي” في تصريحات لـ”رصد”: “ولتقييم الوضع في اليمن يجب أن يكون شاملًا ويأخذ في الاعتبار مستوى الدعم الذي قدمته إيران لمليشياتها في اليمن، وحجم السلاح الذي سلمه المخلوع للحوثي، وبتساهل أطراف محلية وإقليمية في فترة كانت هناك قراءة خاطئة لمستوى التواجد الإيراني في اليمن”.
وعن تأخر الحسم في اليمن إلى الآن، قال “الضالعي” إن “تأخير الحسم له ظروفه وأسبابه؛ أهمها الضغوط الدولية التي تمارس على قيادة التحالف العربي والسلطة الشرعية، وهذه الضغوطات تصب في صالح مليشيا الحوثي والمخلوع، وكذلك محاولة أطراف دولية عدة إنقاذ المليشيا من أي حسم عسكري يقضي على وجودها؛ لأن القوى الدولية ترى أن وجود هذه المليشيا في اليمن عامل مهم بالنسبة إليها تستخدمها كورقة ضغط تحديدًا على المملكة العربية السعودية، إضافة إلى أن التفاهمات حول الملف النووي الإيراني سمحت لإيران بإدخال ملف الحوثي ضمن الملف، وهذا يتفق مع رغبة عدد من القوى الدولية”.
وتابع: “سبب آخر هو أن السلطة الشرعية بنت جيشًا وطنيًا من مرحلة الصفر، بدعم دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية؛ من أجل خوض معركة التحرير واستعادة الشرعية من الانقلابيين (الحوثي والمخلوع)، وكذلك بناء مؤسسات أمنية وشرطية للحفاظ على الأمن والمدن. السلطة الشرعية تبني مؤسسات الدولة من جديد، وهذا لايمكن أن يتم في وقت قصير”.
وأشار الضالعي إلى أن ما أنجزته قوات التحالف والسلطة الشرعية يعتبر منجزًا كبيرًا وإن كان هناك قصور في بعض الجوانب؛ لكنها تبقى في المستوى الطبيعي لولادة دولة من جديد، لكن الجدية قائمة على معالجة القصور، ولا ننس أن السلطة الشرعية إلى الآن لا تملك الدعم المالي اللازم للقيام بمهامها كدولة في هذه المرحلة.
وأوضح أن الوضع يسير إلى الآن وفق البرنامج المُعدّ من قوات التحالف، وأن تحرير اليمن من الوجود الإيراني واستعادة الشرعية هي أولوية، ثم تأتي بعدها مرحلة إعادة الإعمار وتأهيل مؤسسات الدولة التي دمرها الانقلابيون؛ سواء بالحرب أو نتيجة نهبهم لممتلكات هذه المؤسسات.
المجاعة في اليمن
كما تحدّث الضالعي عن الوضع الحالي لليمن قائلًا: “المجاعة في اليمن تجاوزت التقارير وتجاوزت الاحتمالات وأصبحت واقعًا ملموسًا في اليمن، وتقارير المؤسسات الدولية -خاصة التابعة للأمم المتحدة- لم تنقل الوضع كما هو من الواقع وفق مقتضيات حاجة الموظفين في هذه المؤسسات”، مضيفًا: “اليمن حاليًا يعيش مأساة إنسانية كبيرة نتيجة سيطرة مليشيا الحوثي على الدولة وقيامها بتحويل كل الموارد إلى تسديد فواتير مليشياتها في الجبهات، إضافة إلى نهبها للبنك المركزي والبنوك الخاصة ونهب المؤسسات الإيرادية وتوقف الحركة التجارية والسياحية وتجفيف منابع الموارد بشكل عام”.
وأضاف “الضالعي، في تصريحات لـ”رصد”: “مليشيا الحوثي والمخلوع تمارس جرائم ضد اليمنيين على كل الجبهات؛ حتى المساعدات الغذائية التي تُرسل من مركز الملك سلمان ودول التحالف ومنظمات أخرى يتم نهبها وبيعها في السوق السوداء والاستيلاء على عائدات هذه المواد، إما لصالح اللصوص في المليشيا أو رفد جبهات مقاتليهم وتغطية نفقاتها”.
وتابع: “المنظمات الدولية أخفقت في واجباتها وتمادت مع المليشيا، إضافة إلى أن المنظمات -خاصة التابعة للأمم المتحدة- ليست جادة في توفير حلول للتخفيف من الأزمة الإنسانية، وتسعى إلى إطالتها؛ لأن هذه الأزمة تعود على أصحاب القرار والعاملين فيها بمصالح شخصية كثيرة. أموال الداعمين لهذه المنظمات لا تُصرف على برامج إنسانية بشكل مهني ودقيق، ومصروفات هذه الأموال تذهب إلى طواقم هذه المنظمات لتغطية فواتير فنادق الخمس نجوم وشراء السيارات وتسديد فواتير السكن الفخم وبدل السفر الباهظ والرواتب العالية التي تفوق أي شركات عالمية تتواجد منتجاتها في كل دول العالم، وهناك خطأ دارج تعود الناس عليه، وهو أن يُطلق على هذه المنظمات صفة (الإنسانية)، وهذه الصفة منعدمة قياسًا بمستوى الترفيه الذي يحظى به العاملون فيها وحجمه”.
وأنهى تصريحاته لـ”رصد” قائلًا: “تخفيف المأساة الإنسانية في اليمن يحتاج إلى منظمات صادقة وأمينة في أدائها وتهتم بالجوانب الإنسانية قولًا وعملًا. اليمني في الداخل يصرخ ويتألم وهناك من يستغل الأزمة للمتاجرة بها. المسؤولية تقع على عاتق مليشيا الحوثي والمخلوع بالدرجة الأولى؛ لأنهما السبب المباشر لوصول اليمن إلى هذا الوضع نتيجة انقلابهما وسيطرتهما على مؤسسات الدولة ونهبها وتجفيف منابع حركة الحياة والموارد”.
عاصفة الحزم
عاصفة الحزم هي عملية عسكرية سعودية، بمشاركة تحالف دولي مكون من عشر دول ضد جماعة “أنصار الله”، المعروفة بـ”الحوثيين”، والقوات الموالية لهم ولعلي عبدالله صالح.
بدأت في الساعة الثانية صباحًا بتوقيت السعودية من يوم الخميس 5 جمادى الثانية 1436هـ/ 26 مارس 2015، وذلك عندما قامت القوات الجوية الملكية السعودية بقصف جوي كثيف على المواقع التابعة لمسلحي الحوثيين.