تجمع حوالي ثلاثة آلاف عامل من شركة الغزل والنسيج الموجودة بمدينة المحلة ليدخلوا في إضراب للمطالبة بدفع الفوائد؛ إلا أنهم أجبروا على إنهاء إضرابهم عن العمل، بعدما استمر يومين خلال الشهر الماضي.
وذكرت إحدى العاملات لصحيفة “إيكوال تايمز“ أنه يحق لهم الحصول على 600 جنيه منحة تنمية، ولكنهم لا يحصلون إلا على 360 جنيهًا، وأوضحت أن أربعة من العمال حصلوا على حكم بالحصول على المبلغ ولكن لم يتم تنفيذ الحكم.
وتعتبر شركة الغزل والنسيج واحدة من أكبر الشركات المصرية؛ حيث يعمل بها حوالي 20 ألف عامل في ثمانية مصانع، وتقع تحت سلطة الشركة القابضة للقطن والنسيج الخاصة بالحكومة.
وفي ديسمبر 2006م بدأ عمال الغزل إضرابهم الأول، الذي يعتبر بمثابة إلهام للحركة العمالية في باقي الدولة؛ ردًا على الدخل الضئيل وارتفاع أسعار المعيشة. وفي أبريل 2008 اعتبر إضراب عمال المحلة بداية سقوط الرئيس مبارك في 2011م.
في 2013م قدمت الحكومة قوانين جديدة لقمع الاحتجاجات والإضرابات في مصر؛ ما أدى إلى سجن الآلاف.
ومنذ وصول عبدالفتاح السيسي إلى الحكم في 2014 تم قمع كل أشكال الاحتجاجات، ومنها الإضرابات؛ ووفقًا لتقرير منظمة حقوق الإنسان في 2017 فإن قوات الأمن عذبت وأخفت قسريًا المئات من الأشخاص في 2016.
بالإضافة إلى المطالبة بمكافأة التنمية، فإن عمال الغزل والنسيج طالبوا بزيادة 10% لراتبهم الأساسي وزيادة بدل التغذية بدلًا من ثلاثة جنيهات في اليوم إلى عشرة جنيهات؛ للتعويض عن ارتفاع معدلات التضخم والزيادة الكبيرة في سعر الطعام.
ووصل معدل التضحم في يناير 2017 إلى 29.6%، وفقًا لوكالة الإحصاءات الرسمية للجهاز المركزي؛ وهو ما يعد أكبر ارتفاع لسعر المستهلك منذ نوفمبر 1986.
على الرغم من أن شعار “عيش، حرية، عدالة اجتماعية” كان أساسيًا في ثورة يناير 2011، فإن الثلاثة أشياء لم يتحققوا؛ وارتفعت الأسعار منذ أن انخفضت قيمة الجنيه في نوفمبر الماضي، وانخفضت قيمة الجنيه إلى النصف تقريبًا وتضاعف معدل التضخم في أسعار المستهلكين من 13.6% في أكتوبر الماضي.
ردًا على تدهور الأوضاع الاقتصادية في مصر، أسست عدة نقابات ومنظمات مجتمع مدني وأحزاب وحركات سياسية حملة “عايزين نعيش” في ديسمبر 2016.
وفقًا للخطاب التأسيسي للحملة، فإنها تهدف إلى “مواجهة الهجمات الشرسة وغير المسبوقة على الأوضاع المعيشية للجماهير الكادحة”؛ من خلال المطالبة بأجر لائق للعمال وحقوق النقابات المستقلة والمعاشات والضمانات والرعاية الصحية الأفضل.
من خلال مؤتمر أقيم في القاهرة في يناير، اتهمت الحملة حكومة السيسي بالوقوف مع رجال الأعمال واستخدام أساليب قمعية ضد الحركات العمالية؛ منها وضع أعضائها في محاكمات وإيقاف النقابات المستقلة.
ويعتبر القمع الذي يواجهه عمال مصر للغزل والنسيج آخر الهجمات على حقوق العمال في مصر؛ حيث إنه في يناير الماضي تم اعتقال 19 عاملًا من شركة إفكو بمدينة السويس واتُهموا بالتحريض على الإضراب وأسقطت التهم لاحقًا.
في سبتمبر 2016 تم اعتقال قيادات عمال النقل، وقدم خمسة أعضاء طلب العفو عن الحكم عليهم بسنتين وغرامة 100 ألف مرتبطة بإضراب في 2014.
وفي مايو 2016 اعتقل عمال من شركة بناء سفن الإسكندرية واحتجزوا للمطالبة بتحسين الأجور وإجراءات الصحة والأمان، وبسبب أن الشركة تحت إدارة وزارة الدفاع؛ فإن العمال يحاكمون أمام القضاء العسكري.
أما بشأن شركة الغزل والنسيج، فإن اتحاد الشركة لم يدعم الإضراب، وفقًا لعاملة بالشركة؛ حيث قالت: “لم يتواصل أحدهم مع العمال المضربين للاستماع إلى مطالبهم”.
وقال عضو بنقابة الشركة لصحيفة “إيكوال تايمز”، رفض ذكر اسمه، إن العمال لا يحق لهم هذه المطالب ولم تتم الموافقة على زيادة الراتب 10%.
ولكنه قال إن الاتحادات تعمل خلف الكواليس، ومن ضمن ما فعلوه إرسال خطابات لإدارة الشركة لحثهم على إيجاد موارد لدفع مكافأة التنمية، وأضاف أن الاتحاد ركز بشكل خاص على إيجاد حلول من خلال التفاوض بسبب أن الوضع مختلف الآن؛ لأن أي شخص يحتج يمكن أن يتم حجزه.
وقالت الزعيمة النقابية في القطاع العام “فاطمة رمضان” إن هناك أجواء من الخوف في جميع التحركات الخاصة بالصناعة، سواء اعتقالات أو إحالات إلى المحاكمات؛ والإقالة هي من الأدوات المستخدمة الآن من الدولة لقمع احتجاجات العمال دون تحقيق مطالبهم.
وتستخدم الحكومة الشدة مع العمال والنقابات العمالية بسبب التأثير القوي للإضرابات؛ خاصة مع تدهور الحالة الاقتصادية.