قال السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير بخصوص مصر أمس تعكس أزمة مكتومة بين البلدين، خاصة أزمة سد النهضة والموقف السوداني غير الواضح من هذه الأزمة؛ بل إن هناك اتهامات للسودان بالتواطؤ مع إثيوبيا ضد مصر لأسباب منها أن السودان سيستفيد من السد، بالإضافة إلى محاولة السودان المقايضة مع إثيوبيا بموقفها من سد النهضة مقابل الضغط الإثيوبي على الحركات السودانية المعارِضة للبشير.
وأضاف “الأشعل” في تصريحات خاصة لـ”رصد” أن “الموقف المصري من السودان لم يكن سيئًا، بل هناك تحسن كبير في العلاقات في الفترة الأخيرة؛ وحتى أزمة حلايب وشلاتين يتم احتواؤها كلما طفت على السطح، وتريد مصر أن تحافظ على علاقة طيبة بالسودان طول الوقت لأسباب كثيرة، على رأسها أزمة سد النهضة؛ ولكن يبدو أن مصر بدأت تدرك موقف السودان غير الواضح في هذا الأمر فبدأت بعض الأجهزة بالضغط على السودان بطريقة أو بأخرى، مع الاحتفاظ بعلاقة طيبة على الأقل من حيث الشكل؛ وهو ما جعل البشير يتحدث بهذه الطريقة في تصريحاته الأخيرة.
وطالب “الأشعل” البلدين بضرورة حل مشاكلهما بطريقة ودية لأنهما يحتاجان بعضهما البعض، خاصة فيما يتعلق بأزمة سد النهضة وقضايا إفريقية أخرى كثيرة، قائلًا: “مصر تدرك أهمية السودان لها باعتباره عمقًا عربيًا وإفريقيًا لها، وكذلك الحال بالنسبة إلى السودان؛ حيث كانت مصر النافذة له لفترة طويلة في تواصله مع أميركا والغرب، ومن هنا يجب تجاوز كل الخلافات سواء ما يشير إليه البشير من تدخل أجهزة أو دعم جنوب السودان؛ خاصة أن مصر والسودان يدعمان حكومة الجنوب”.
واتهم الرئيس السوداني عمر البشير الحكومة المصرية بدعم حكومة دولة جنوب السودان بالأسلحة والذخائر؛ حيث قال في حوار مع عدد من رؤساء تحرير الصحف السودانية المرافقين له في زيارته إلى الإمارات إن لدى إدارته معلومات تفيد بأن القاهرة تدعم حكومة جنوب السودان، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية لا تقاتل في جنوب السودان لكنها تمد حكومتها بالأسلحة.
وجدد “البشير” القول إن هناك مؤسسات في مصر تتعامل مع السودان بعدائية، متهمًا جهات لم يسمّها داخل هذه المؤسسات بأنها تقود هذا الاتجاه.
وجاءت تصريحات “البشير” في سياق تطورات جديدة في العلاقة بين مصر والسودان، التي تتسم بالتعقيد، وقال إن المعلومات لدى الحكومة السودانية تفيد بأن الاستخبارات المصرية تتصرف بطريقة تضرّ بالعلاقات بين البلدين؛ حيث ثبت أن هذه الاستخبارات وراء استضافة القاهرة شخصيات من المعارضة السودانية التي عرقلت وتعرقل محاولات إنهاء الخلافات في الداخل السوداني.
وهناك قضايا عالقة بين الخرطوم والقاهرة؛ منها النزاع على منطقة حلايب الحدودية بين البلدين، وربما من المستجدات التي قد تكون أثارت الرئيس السوداني ليصرح بهذا التصريح للإعلام اليوم معلوماتٌ بأن مصر وقفت حجر عثرة وراء تحسين العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، وكذلك بين الخرطوم ودول أخرى في العالم.