عندما ألّفَتْ هذا الكتاب، كانت “ميديا بنجامين” تحاول أن توصل للقراء القاعدة الأساسية ليفهموا منها كيفية تشبث المملكة العربية السعودية بالسلطة في الداخل وكيف تحاول التأثير على العالم الخارجي؛ حيث كان الهدف الرئيس للمؤلِفة دراسة العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، بحسب تقرير نشره موقع “ميدل إيست مونيتور” البريطاني.
وبالإضافة إلى كونها ناشطة سياسية، فإن “بنجامين” مؤسِّسَة مشاركة لمنظمة تدعى “كود بينك”، أسستها عام 2002م كحركة معارضة للتدخل الغربي في العراق، ثم توسع نشاط مؤسستها ليشمل العمل على إنهاء حروب الولايات المتحدة ودعم مبادرات السلام وحقوق الإنسان، وإعادة توجيه أموال دافعي الضرائب إلى الرعاية الصحية والتعليم وتوفير الوظائف.
ورغم تاريخ المؤلِّفة الحافل؛ إلا أن الموقع البريطاني يرى أنها سمحت لخلفيتها وعاطفتها ووجهة نظرها كناشطة سياسية أن تؤثر على ما كتبته، مضيفًا أن من يقرأ عنوان الكتاب يتوقع أن يكون هناك تحليل قدير لسير العمل الداخلي للحكومة السعودية وعلاقتها مع المؤسسة الدينية بشكل عميق ومحترف.
إلا أن الكاتبة سقطت في أخطاء عديدة، وأغفلت نقاش قضايا هامة متعلقة بالمملكة بالعمق المطلوب؛ فعلى سبيل المثال: عندما تطرقت الكاتبة إلى قضية الزواج المبكر بين أتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأسرة آل سعود، لم تضع لنا تحليلًا متماسكًا بما فيه الكفاية لشرح الديناميكيات السياسية والدينية السائدة اليوم في المملكة السعودية، بحسب الموقع البريطاني نفسه.
ويؤكد تقرير “ميدل إيست مونيتور” أنه في نهاية المطاف، فإن الحكام السعوديين رجال سياسة لهم أجنداتهم السياسية، أما المرجعيات الدينية في المملكة العربية السعودية فهم منفصلون عنهم ولهم أجندتهم المستقلة أيضًا، فالحقيقة عكس ما حاولت بنجامين تصويره؛ لأن الواقع السعودي يقول إن المملكة السعودية والفكر الوهابي ليسا كيانًا واحدًا داخل المملكة العربية السعودية؛ بل كيانان منفصلان يستخدمان بعضهما البعض لإضفاء الشرعية على قوتهما وسلطتهما داخل المملكة.
ويدعم الموقع البريطاني وجهة نظره بمثال حول علاقة المملكة بتنظيم الإخوان المسلمين؛ فالتنظيم اعترفت به المملكة وأقرته الهيئات الدينية في السعودية، ولكن ذلك كان فقط حتى تعارضت مصلحة السعودية السياسية مع تأييد الإخوان، فتم على الفور قطع العلاقات معه.
ويبرز الموقع البريطاني نقطة ضعف أخرى في الكتاب، حيث اعتمدت مؤلفته على التقارير الإعلامية أكثر من المراجع الأكاديمية الموثوق فيها، وبنت آراءها ومعلوماتها على ما أذيع في مختلف وسائل الإعلام ونشر فيها.
وحتى حين حاولت بنجامين توضيح العلاقة بين المملكة العربية السعودية و”الوهابية” و”الجماعات الإرهابية” مثل داعش والقاعدة، استخدمت حججًا ضعيفة للغاية؛ مثل أن زعماء القاعدة كانوا يقيمون في المملكة العربية السعودية، أو بعضهم درس في المملكة، متجاهلة أنه -على سبيل المثال- كانت لإيران علاقات مع الجماعات الإرهابية، وأن زعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري تلقى الدعم من إيران.