حالة من الغضب تسود داخل المجلس القومي لحقوق الإنسان تزامنًا مع تزايد حدة إجراءات القمع من قبل الشرطة؛ خاصة بعدما أصدر اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية مجموعة من التعديلات على لائحة السجون وشروط زيارات المجلس لمتابعة أحوال المعتقلين، والتي اعتبرها حقوقيون -بينهم أعضاء المجلس- قمعية.
أربعة تعديلات
دون الحصول على إذن قضائي أو برلماني، استبدلت الداخلية أربع مواد من اللائحة تتعلق بالحد الأقصى لحجز المحكوم عليهم في الغرف شديدة الحراسة، كما تتضمن الحد الأقصى لسن إيداع الأطفال في حضانة السجن، ومحددات استعمال القوة مع السجناء، وإجراءات زيارة وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان للسجن. وشددت التعديلات على المادة الخاصة بالحبس الانفرادي بتعميمها على جميع السجون بعد أن كانت قاصرة على الليمانات، وزيادة مدتها من 15 يومًا إلى ستة أشهر.
ومن المواد التي أثارت موجة من الغضب هي شرط الحصول على إذن مسبق لزيارة القومي لحقوق الإنسان السجون. فقد سمح التعديل الجديد الذي أجراه وزير الداخلية لأعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان بزيارة السجون وتفقد مرافقها وتلقي شكاوى المسجونين طبقًا لأحكام المادة 73 من قانون تنظيم السجون؛ ولكن بشروط.
ومن هذه الشروط الحصول على إذن مسبق من النائب العام، محدَّدًا به السجن المصرَّح بزيارته وأسماء الزائرين من الأعضاء، بالإضافة إلى تقديم التسهيلات اللازمة لتنفيذ هذه الزيارات، وذلك في المواعيد التي تحددها إدارة السجن وخلال فترات العمل الرسمية.
كما شملت التعديلات منع الزيارة مطلقًا، وإعطاء الحق لإدارة السجن بمنع الزيارة عن المسجونين مطلقًا، وذلك مع مراعاة الأحكام الواردة بالمادة 42 من قانون تنظيم السجون، التي تجيز منع الزيارة مطلقًا أو مقيدًا بالنسبة إلى الظروف في أوقات معينة لأسباب صحية أو متعلقة بالأمن.
وشملت التعديلات، التي تسببت في غضب حقوقي، إجازة استعمال القوة؛ حيث أعطى عبدالغفار لرجال الداخلية الحق في استخدام القوة ضد المسجونين طبقًا للتعديلات التي أقرها، وشملت محددات استعمال القوة مع المسجونين دون الإخلال بحق الدفاع الشرعي.
غضب حقوقي
المحامية راجية عمران، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أكدت أن التعديل ينال من مبدأ استقلال المجلس القومي وينال من المقترحات المطروحة على قانون المجلس، التي تتضمن حقه في زيارة السجون والتفتيش عليها بالإخطار وليس بالتصريح.
وأضافت “عمران”، في تصريحات صحفية لها، أن الحصول على إذن من النائب العام يعني غياب عنصر المفاجأة عن الزيارة؛ مما يقلل من أهميتها.
واستنكر وكيل لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب علي بدر إلزام حصول المجلس القومي لحقوق الإنسان إذنًا من النيابة قبل التفتيش على السجون قائلًا إن “القرار يعوق دون مراقبة السجون بشكل جدي وموضوعي، بالإضافة إلى كونه تعديًا على سلطة المجلس القومي لحقوق الإنسان”.
وأشار “بدر” إلى أن الإذن المسبق يسمح بتعديل الأحوال داخل السجون وتحسينها قبل الزيارة؛ وهو ما يُفقد الزيارة معناها وهدفها المعدة لأجله.
وتابع: الهدف الرئيس من زيارة السجون هو الوقوف على حقيقة الوضع فيها وتقديم تقارير للجهات المعنية بها تمهيدًا لإصلاحها، وفقًا لما تنص عليه مبادئ حقوق الإنسان ومواثيقها العالمية التي تعتبر مصر جزءًا منها.
وفي الصدد ذاته، تساءل عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان كمال عباس عن كيفية أخذ إذن من جهة مفترض أن المجلس يراقب عليها، مشيرًا إلى أن النائب العام والحكومة كيان واحد. وأضاف “عباس” أن أخذ إذن لتتم زيارة السجون يعني أن هذه الزيارة ستتحول من زيارات لها هدف إلى زيارات شكلية هدفها “الشو الإعلامي” فقط، مؤكدًا استنكار المجلس لهذه التعديلات.
لم يبق سوى إلغاء بند الزيارات
في تصريح لـ”رصد”، قال ناصر أمين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، لم يبق لوزارة الداخلية إلا أن تمنع الزيارات الداخلية وتُصدر قرارًا بإلغاء بند الزيارة نهائيًا، وأن يتم السماح للأهالي بزيارة ذويهم في وقت استثنائي تحدده الوزارة فقط.
وأشار “أمين” إلى أن فرمانات وزارة الداخلية تكريس للقمع وانتهاك لحقوق المنظمات الحقوقية والمسجونين وذويهم، بما يخالف كل قوانين حقوق الإنسان في العالم ومواثيقها ومبادئها.