قال الكاتب الصحفي وائل قنديل إنه يحق لبنيامين نتنياهو أن يعبّر عن سروره بأن الدول العربية لم تعد ترى إسرائيل عدوًا، بل حليف، فضلًا عن أن بعض الأنظمة العربية لا تتورع عن القيام بدور الخادم، لا الحليف، للسيد الصهيوني، كما في حالة نظام عبدالفتاح السيسي الذي يحيا على ما يتساقط من موائد الطعام الإسرائيلي، المعجون بالدم العربي، ولن يكون غريبًا أن نسمع في المستقبل عن تشكيل حملة قومية صهيونية ضد التطبيع مع الحكومات العربية، أو أن يرى في مصافحة حاخام صهيوني لشيخ الأزهر أو البطريرك خيانةً وتفريطًا في الثوابت الإسرائيلية.
وأضاف قنديل خلال مقاله بصحيفة “العربي الجديد” اليوم الجمعة أن الزمان الرسمي العربي بات إسرائيليًا بامتياز، وأن حكومات عربية تقاتل ضد مشروع مقاومة الاحتلال على نحوٍ أكثر شراسةً من الجنود والمستوطنين الصهاينة؛ مدللًا على قوله بالحرب التي تخوضها سلطات الانقلاب في مصر ضد سيناء، وضد الفلسطينيين، ببسالةٍ تتفوق بها على آلة الحرب الصهيونية، ومشروع تفريغ سيناء من سكانها يمضي بسرعاتٍ مذهلة، والأنباء عن قرب الانتهاء من إنشاء مدينة الإسماعيلية الجديدة، على الرمال الموصلة بين سيناء ومدن قناة السويس، تجعل من الأهمية النظر إلى التسريبات الخاصة بتوافق صهيوني أميركي على خطة مقترحة من السيسي لتوطين الفلسطينيين في سيناء.
ونوه إلى أن الإدارة المصرية التزمت الخرس ولم تجرؤ على النفي أو الرد، وصحيح أيضًا أن بنيامين نتنياهو نفى أن يكون قد تم بحث هذا الموضوع في مباحثاته مع الرئيس الأميركي؛ لكن الصحيح أيضًا أن فكرة محو الوجود العربي في فلسطين وصولًا إلى يهودية دولة الاحتلال بشكل كامل صارت عقيدةً حاكمة للتصور الصهيوأميركي لجغرافيا المنطقة، موضحًا أن الكلام عن “يهودية إسرائيل” والتخلي عن مشروع حل الدولتين يعني، بداهة، تهويد الأراضي الفلسطينية؛ وهذا يعني بالضرورة البحث عن مكان بديل للفلسطينيين الرافضين للإذعان إلى مشروع محو فلسطين من الجغرافيا والتاريخ، والرضا بالعيش أقلية عرقية داخل دولة الاحتلال.
وأكد أنه لو وضعت تصريحات الوزير الإسرائيلي أيوب قرا عن خطة السيسي لتوطين الفلسطينيين في سيناء بجوار تصريحات نتنياهو خلال لقاء مع نظيره البلجيكي شارل ميشيل، وفيها “إنني أتطلع إلى اليوم الذي يكون لدينا فيه فلسطينيون يستعدون للاعتراف، أخيرًا، بالدولة اليهودية”، وهي التصريحات التي عاد وكرّرها في واشنطن؛ فإن الأمر يضعنا أمام سيناريو كابوسي، تمتلك إسرائيل الآن وسائل تحقيقه، خصوصًا أن الدولة العربية الأكبر، مصر، انتقلت من كونها دولة مواجهة، ولو محتملة، إلى دولة موالاة وتبعية كاملة للتصور الإسرائيلي لمستقبل المنطقة.
وشدد قنديل على أن مشروع يهودية إسرائيل كان حاضرًا في ذهن معسكر الحشد للانقلاب على حكم الرئيس محمد مرسي وتثبيت عبدالفتاح السيسي مكانه، تحقيقًا لرغبة صهيونية محمومة؛ ففي تجييش الثورة المضادة للجماهير ضد حكم “الإسلام السياسي” وضعت كتلة اليمين الإسرائيلي في الائتلاف الحكومي “الليكود” و”إسرائيل بيتنا” و”البيت اليهودي” نصًّا معدّلًا لمشروع قانونٍ يعتبر إسرائيل دولة يهودية ذات نظام ديمقراطي، بدلًا من النص السابق الذي وصف إسرائيل بأنها “دولة يهودية وديمقراطية”.