قدّم مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل فلين استقالته بعد أربعة أيام من كشف وسائل الإعلام مضمون اتصالات أجراها مع روسيا، وقال فلين إنه “أبلغ بلا قصدٍ أشخاصًا، بينهم نائب الرئيس، معلومات مجتزأة تتعلق باتصالاته الهاتفية مع السفير الروسي لدى واشنطن قبل تنصيب ترامب”.
ووفقًا لمصادر صحفية أميركية تقول: “وفق معلومات لا تدع مجالًا للشك، فإن فلين بحث مع سفير روسيا العقوبات التي فرضتها إدارة أوباما على بلاده بسبب تدخلها في أوكرانيا، وإنه ألمح إلى أنها لن تنتقل بالضرورة مع الإدارة الجديدة التي تسعى إلى تحسين العلاقات مع موسكو. ويبدو أن فريقًا كان على علم بهذه الاتصالات فظل يتابع فلين؛ حيث حذرت وزارة العدل البيت الأبيض من أن ترامب قد تعرض إلى التضليل، وقالت إن فلين قد يكون عرضة إلى الابتزاز؛ وهو الأمر الذي قد يعرض الأمن الوطني الأمريكي إلى الخطر”.
وحسب مصادر صحفية، فإن من مدير إدارة الاستخبارات الوطنية ومدير إدارة “سي آي إيه” وافقا حينها على ضرورة تنبيه البيت الأبيض حول الأمر.
هذا هو الظاهر من القضية؛ إلا أن الأمر قد تكون له بقية، خاصة وأن مصادر أميركية تقول إن البنتاجون تحقق في احتمالية أن يكون فلين قد تلقى أموالًا من الروس.
وتعود القضية، وفقًا لـ”نيويورك تايمز”، إلى عام 2015؛ حيث دُعي فلين إلى المشاركة في احتفالات روسيا اليوم وجلس إلى جوار بوتين، وكانت مشاركته مدفوعة الثمن؛ الأمر الذي يغذي المخاوف الأميريكية بما هو أكبر وأسوأ وأخطر.
فما هي دلالة استقالة مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال مايكل فلين وانعكاساتها على الإدارة الأميركية؟ وهل حرص ترامب على التخلص من الرجل لأسباب تخص التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية أم أن روسيا بدأت في التلويح لترامب بضرورة السير في ركابها؟!
لا مفر من الاستقالة
الكاتب والإعلامي تيم كونستنتين أكد أنه من غير المألوف أن يستقيل مسؤول أميركي بهذا الحجم الكبير بعد أقل من شهر لتعيينه، موضحًا أنه لم يكن لدى فلين خيار سوى الاستقالة؛ فقد كانت لديه اتصالات دبلوماسية قبل وصوله إلى المنصب، وكذلك لم يكن صريحًا بشكل كبير مع نائب الرئيس حول تفاصيل ما جرى بينه وبين الروس.
وأضاف كونستنتين في تصريحات صحافية: “لا أدري هل اطلع ترامب على محتوى هذه الاتصالات أم لا”، واصفًا ما جرى بأنه سقطة صغيرة، ولن يكون لها ما بعدها، وسبق أن حدثت أمور كهذه مع مسؤولين كبار في الولايات المتحدة.
واتهم كونستنتين الديمقراطيين بمحاولة استغلال هذا الموضوع وحرفه عن مساره وإحداث حالة من البلبلة، مستغلين محاولات روسيا للتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية، مشددًا على أنه حتى الآن لا يوجد دليل قوي على وجود علاقة بين الروس وترامب.
ضربة قوية
من جانبه، وصف مؤسس مجموعة فوكس للاستشارات السياسية “كريس لابتينا” استقالة -أو إقالة- “فلين” بأنها رد فعل كبير وسريع؛ لأن ما حدث شكّل ضربة قوية لإدارة ترامب بعد ما قاله سابقًا أثناء حملته الانتخابية إن أميركا بحاجة إلى رجل قوي مثله لحمايتها.
وشدّد على أن التدخل الروسي في الحملة الانتخابية عبر اختراق حسابات الحزب الديمقراطي لصالح ترامب سيظل نقطة تؤثر على الإدارة الحالية وستطفو على السطح من لحظة إلى أخرى، وستخلق مشكلة كبيرة للإدارة الحالية.
ودعا “لابتينا” إلى انتظار التحقيقات التي تجريها المخابرات الأميركية والكونغرس بشأن علاقة ترامب مع بوتين والمسؤولين الروس، مشيرًا إلى أن هذه أول مرة تتدخل فيها روسيا في الانتخابات الأميركية.
وشدد على أن ترامب مطالب بأن يحدد موقفه بوضوح من روسيا؛ لأن كثيرين في الولايات المتحدة ما زالوا ينتظرون منه أن يأخذ موقفًا صارمًا تجاه التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأميركية.