تخشى بعض الحكومات شبكةَ الإنترنت، وتحاول جاهدة مراقبة محتواها والتحكم فيما يصل إلى الشعب منها، وعلى الرغم من شبه استحالة تحقيق ذلك؛ فإن السلطات لا تتوقف عن المحاولة والمراقبة، فيما تسعى حكومات أخرى إلى تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الشبكة وتسخيرها أيضًا لتحقيق أغراض سياساتها الخاصة؛ والمثال الأبرز لدينا الآن في هذا السياق “إيران”، بحسب تقرير نشره المعهد البحثي الأميركي “أميركان إنتربرايز”.
فهل قاومت إيران توغل الإنترنت في بلادها أم رحبت به؟ هل سعت إلى التحكم في المحتوى الذي يصل إلى شعبها أم تركت لهم الحرية في ذلك؟ يحاول تقرير “أميركان إنتربرايز” الإجابة عن هذه التساؤلات.
يقول التقرير إنه على مر التاريخ تبنت إيران بشكل عام التكنولوجيا الحديثة؛ حيث قام شاه إيران بتثبيت نظام التلغراف الأصلي في عام 1857م، بعد أقل من عقدين من الزمن على أول استخدام تجاري لـ”التلغراف” في المملكة المتحدة، وبعد عقد واحد من وضع الشركات الأميركية لأسلاك التلغراف بشكل جدي.
وينطبق الأمر نفسه على الإذاعة في أوائل القرن العشرين؛ ففي حين ندد رجال الدين السعوديون بالإذاعة وقاوموا استخدام الإذاعة والتلفزيون في وقت لاحق، تبنى الزعماء السياسيون والدينيون الإيرانيون على حد سواء التكنولوجيا الجديدة وسعوا إلى تسخير استخدامها لصالح أغراض خاصة بهم.
وفيما قادت شبكة الإنترنت ثورة الاتصالات في القرن الـ21، اتبعت الجمهورية الإسلامية هذه الشبكة بعد عدم اليقين في البداية، مع محاولات للسيطرة على ما يمكن أن يراه الإيرانيون داخل البلاد في الوقت نفسه، بحسب المعهد البحثي الأميركي نفسه.
ويذكر معهد “أميركان إنتربرايز”، نقًلا عن وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية، تصريح وزير الاتصالات الإيراني محمود واعظي أنه “منذ عام 2013م ارتفع عدد مستخدمي الإنترنت من 3.5 ملايين إلى ما يقرب من 40 مليون مستخدم”، مضيفًا أن توغل شبكة الإنترنت في إيران وصل إلى نسبة 50%.
وفي حين يهنئ وزير الاتصالات الإيراني نفسه على توسع الاعتماد على الإنترنت في إيران، وبالرغم من الأرقام التي يعلنها دقيقة بالفعل؛ إلا أننا حين نطالع إحصائيات البنك الدولي لا نجد الأرقام الإيرانية مبهرة كما يبدو من الوهلة الأولى.
حيث يبلغ معدل انتشار الإنترنت في المملكة المتحدة والولايات المتحدة 89.8% و84.2% على التوالي، فيما تتقارب نسبة إيران مع الصين، التي لديها نسبة تغلغل 45.8%.
ويضيف المعهد الأميركي أن 70% من الشعب الإيراني يعيش في المدن، فإذا كان 50% فقط من سكان إيران الذين يستخدمون الإنترنت فإنه في جميع الاحتمالات سكان المناطق الريفية في إيران لا يزال لديهم تأخر كبير في اللحاق بركب تكنولوجيا الاتصال.
ومع ذلك، فإذا استمر انتشار الإنترنت في النمو، فإن الحكومة الإيرانية قد تواجه تحديات أمنية مترتبة على عدم قدرتها على السيطرة كلما اتسع عدد مستخدمي الإنترنت وتزايد.