“هل ستؤثر الإصلاحات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية على تقاليد المملكة الاجتماعية؟”، إنه سؤال لم يَبْدُ على الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -ولي ولي العهد- الحرص الكافي للإجابة عنه.
فبحسب تقرير نشرته مجلة “بروسبيكت”، فإن الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي عهد السعودية والذي يشغل أيضًا منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع السعودي، قد طلب من المحررة الاقتصادية بمجلة “الإيكونومست” زاني مينتون بيدوس إفادته فيما إذا كان تنفيذ خطط “ضريبة المبيعات” سيجبر المملكة المحافظة على الانفتاح سياسيًا.
وكان رد بيدوس كالتالي: “جنبًا إلى جنب مع الإصلاحات الاقتصادية بعيدة المدى، فإن العقد الاجتماعي بين آل سعود وشعب المملكة العربية السعودية يبدو وكأنه جرى إعادة رسمه بشكل أساسي”، بحسب المجلة نفسها.
وفي حين يرى محمد بن سلمان أن الإصلاح الاقتصادي والحريات السياسية أمران منفصلان؛ إلا أن هذا الأمر أصبح الآن على المحك؛ إذ يُجري الأمير الشاب تغييرات جذرية في الاقتصاد، مع محاولات مستميتة للسيطرة على وتيرة الإصلاح الاجتماعي.
يذكر أن السعودية تبنت الرؤية الإصلاحية “2030” بقيادة محمد بن سلمان، التي تسعى إلى إجراء إصلاحات وتغيرات جذرية تهدف إلى تنويع مصادر اقتصاد المملكة بعيدًا عن الاعتماد على عائد النفط وحده.
ويعتبر محللون سياسيون أن الإصلاحات التي يسعى إليها الأمير الشاب لا بد وأن تتضمن إصلاحات ثقافية واجتماعية وترفيهية؛ حتى يتمكن من تحقيق التنوع الاقتصادي الذي يطمح إليه، وهو الأمر الذي لا بد وأن ينتج عنه انفتاحٌ ثقافي وتغيّر في بناء العادات الاجتماعية السعودية؛ سواء عَمِدَ محمد بن سلمان إلى ذلك أم لا.
وتذكر المجلة أن التحدي الاقتصادي الأكبر الذي يواجه المشروع الإصلاحي في السعودية الآن هو أن استحداث ضريبة القيمة المضافة، التي وافقت الحكومة عليها أوائل يناير الماضي ولم يبدأ تطبيقها بعد، تثير مخاوف عديدة مع بدء تنفيذها؛ لما سينتج عنها من زيادة الضغوط على ميزانيات الأسر السعودية.
وفي حين دفعت إصلاحات مماثلة في دول أخرى بالمنطقة إلى اضطرابات سياسية واقتصادية؛ إلا أن البعض يرى الوضع مختلفًا في المملكة؛ حيث أخذت السعودية عدة إجراءات استباقية، مثل إحكام السيطرة على المعارضة عقب ثورات الربيع العربي، التي ألهمت دعاة التغيير الاقتصادي والاجتماعي، كما لعبت على وتر التهديدات الأمنية الإقليمية؛ خاصة حربها الباردة المتوترة على نحو متزايد مع إيران، بالإضافة إلى الحرب في اليمن.
وتبرز المجلة في تقريرها نقطة أخرى هامة، وهي اتجاه المملكة إلى الانفتاح قليلًا لتوفير قدر من الترفيه للشعب، الذي يعد في الوقت نفسه مصدر دخل اقتصاديًا؛ مثل السماح بالمسرح وبعض الحفلات الموسيقية، ولكن المهم في هذه النقطة هو أن يُدرك محمد بن سلمان أن مشاركة الشعب في الترفيه واستمتاعه تحتاج أيضًا إلى زيادة دخلهم ليتمكنوا من الإنفاق على مثل هذه الأمور؛ وهذا يؤكد لنا أن الإصلاح الاقتصادي لا بد وأن يكون له تأثير على التقاليد الاجتماعية السعودية.