“كان عام 2016م مليئًا بالأزمات السياسية؛ إلا أن عددًا قليلًا من الدول عانى من أزمات عويصة مثلما عانت البرزايل. ولكن، وبالرغم من انهيارها العام الماضي، هل ستخرج البرازيل من أزمتها لتكون انعاكسًا للتقدم إلى عقود قادمة أم أن مستقبل البرازيل على المحك في عام 2017؟”، بحسب تقرير نشره موقع “جلوبال ريسك إنسايتس” الأمريكي.
ويضيف التقرير أن البرازيل الآن في حالة ركود تام، وعانى الاقتصاد من الانكماش بنسبة تقارب 3%، كما ارتفع معدل البطالة في البلاد إلى 12%.
ومن الناحية السياسية، تعاني الطبقة السياسية برمّتها من فضيحة فساد ذات أبعاد أسطورية. ولأكثر من عقد من الزمان، استُخدمت شركة “بتروبراس” -شركة النفط الوطنية- من قبل السياسيين من كل الألوان كصندوق لتمويل الحملات الانتخابية، ودفعت ديلما روسيف رئيسة البرازيل السابقة الثمن في نهاية الأمر، بحسب الموقع نفسه.
حيث تم عزل الرئيسة السابقة بدعم من حلفائها السابقين في الحكومة، وكان السبب المعلن هو “التناقضات في ميزانية الدولة”؛ إلا أن فضيحة بتروبراس كانت تخيّم على أجواء العزل.
والآن، وبعد أن تولى نائبها ميشال تامر الرئاسة، يحاول جاهدًا تنفيذ خطة غير مسبوقة تنهي تأثير ما حدث في الـ15 سنة الماضية من السياسات الاجتماعية والاقتصادية البرازيلية؛ فهل سينجح في ذلك؟
ويذكر الموقع الأمريكي أنه في ظل الحكومات المتعاقبة برئاسة الرئيس السابق لولا دا سيلفا وبعده روسيف، كانت البرازيل تسير على نهج يسعى إلى تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وكانت تتبنى آليات تسعى إلى خفض مستويات الفقر مع تعزيز الصحة والتعليم. وللمرة الأولى، تمكن الأطفال الفقراء من دخول الجامعات، كما شهد الاقتصاد نموًا قويًا وملحوظًا، ولكن الإرث الذي ألقي على عاتق الرئيس البرازيلي الحالي مختلف تمام الاختلاف.
ويلفت جلوبال ريسك الانتباه إلى أن المشاكل الهيكلية بين الأغنياء والفقراء، وعلى الرغم من التقدم الاجتماعي والاقتصادي، استمرت؛ حيث يذهب 42% من الدخل إلى الأعلى، فيما يحصل العاملون على 10% فقط.
وقد دفعت الأحداث السابقة وتداعياتها على الصحة والتعليم وغيرهما من نواحي الحياة في البلاد للدخول في حالة من التقشف لسنوات طويلة.
كما تعاني البرازيل من أسوأ نظام ضريبي؛ حيث يدفع أغنياؤها نسبة بسيطة من الضرائب، وهو ما يتنافى تمامًا مع كل المعايير العالمية.
ولا بد من إدراك أن أزمة الميزانية البرازيلية هي مجرد بداية لعواقب حقيقية؛ فعلى سبيل المثال، تشير التقارير إلى أن ولاية ريو دي جانيرو لم تعد قادرة على تمويل البحث العلمي؛ الأمر الذي قد يدفع بعض كبار العلماء في البرازيل إلى البحث عن أماكن أخرى لكسب العيش. وعلى المدى الطويل، يمكن لهذا النوع من هجرة الأدمغة أن تكون له آثار كبيرة على قدرة البرازيل على المنافسة في اقتصاد المعرفة.