رغم البيان الذي أصدرته هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف حول إقرار وقوع الطلاق الشفوي، يتحدى مجلسُ النوابِ الأزهرَ، أكبر مرجعية دينية في المنطقة العربية، وأصرّ على مناقشة مشروع قانون توثيق الطلاق أمام الجهات الرسمية؛ بحسب رغبة عبدالفتاح السيسي.
مشروع قانون توثيق الطلاق
يقول الدكتور عمر حمروش، أمين سر لجنة الشؤون الدينية بالبرلمان: خلال الأسابيع المقبلة سيكون قانون توثيق الطلاق على طاولة اجتماعات لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بالبرلمان لمعالجة الأمر وفقًا لما تقتضيه المصلحة العامة، ويتم مناقشة أطروحات من بينها أن الزوج المطلِّق يُلزم بتوثيق الطلاق الشفوي خلال 24 ساعة من إيقاع الطلاق أمام المأذون؛ وتترتب آثاره من تاريخ التوثيق.
وأوضح حمروش، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “الحياة اليوم” على فضائية “الحياة”، أن مشروع القانون سيكون متوافقًا مع أحكام الشريعة، لافتًا إلى أنه من حق مجلس النواب مناقشته؛ باعتبار أن من سلطاته مواجهة الظواهر الاجتماعية، خاصة الخطيرة منها، بتشريعات عاجلة وناجزة.
وأشار إلى أن رأي هيئة كبار العلماء يُعمل به، وسيكون نبراسًا للجنة الشؤون الدينية أثناء إعداد مشروع قانون لتوثيق الطلاق؛ حتى يتم التوافق بين أحكام الشريعة وما يراه الواقع من أحداث معاصرة أحدثت زلزالًا شديدًا في كيان الأسر المصرية.
وشدد على ضرورة مراعاة مقتضيات فقه الواقع وما يقتضيه ذلك من إنزال الحكم الشرعي على الواقع الذي نعيشه الآن، في ظل اجتهاد يراعي أنه لو تواجدت هذه الظروف التي نعيشها الآن أمام فقهائنا الأوائل لكان لهم في تنظيم الطلاق قولًا يعالج المسألة؛ لذا توّجب علينا أن نجتهد في وضع النصوص التي تعالج المشكلة.
الهيئة أعطت سلطة العقوبة لرئيس الجمهورية
ويعلق الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: على الرغم من أن الهيئة قضت بوقوع الطلاق الشفوي؛ إلا أنها أوجبت على المطلق توثيق هذا الطلاق؛ حفاظًا على الزوجة والأبناء، كما أعطت سلطة العقوبة لرئيس الجمهورية؛ باعتباره ولي أمر الأمة، من خلال التوصية بسنّ تشريعٍ قانونيٍّ منظمٍ يصدر بقرار جمهوري.
وعن العقوبة الرادعة التي يرى توقيعها بشأن المتقاعسين عن توثيق الطلاق، كما أوصت الهيئة، قال العبد إنه سيتم التشاور بشأنها مع لجنة الشؤون الدستورية؛ باعتبارها شريكًا في وضع القانون، مؤكدًا أنه سيكون هناك العديد من الآراء في هذا الشأن سنستمع إليها جميعًا، ثم نستخلص منها رأيًا متوازنًا مع ما جاء في بيان هيئة كبار العلماء، بما فيه مصلحة الأسرة.
وأوضح رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب أن الهدف الأساسي الذي ستضعه اللجنة بعين الاعتبار هو الحد من تشتت الأسر، وهو ما يعني عدم الاكتفاء بوضع العقوبة؛ لأنها وحدها ليست كافية، وعلينا النهوض بالشباب والمجتمع، وتوعيتهم بالآثار المترتبة على وقوع الطلاق، وتوضيح أن ضحيته الأبناء وحدهم؛ فالمطلَّق سيتزوج، والمطلقة كذلك؛ وبالتالي سيضيع الأبناء بينهما.
تأكيد لمطلب عبدالفتاح السيسي
وجه النائب محمد شيمكو، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، رسالة إلى الجماعة السلفية قال فيها: “أنتم أكثر الناس بإطلاق الفتاوى؛ فليس من مصلحتكم ما تدعون إليه؛ فنحن قد نختلف في الرأي، والتصريح بالرأي ليس بالجرم الذي يحاكم عليه القانون، وإذا كان التصريح بالرأي يُجرَّم فأين هنا حرية الرأي التي ينادي بها المجتمع أجمع، وأنتم أول من نادى بها؟! كما أن تجريم الرأي ليس في صالحكم؛ فأنتم أكثر الناس من يطلقون الآراء ويفاجئون بها المجتمع”.
يأتي تصريح “شيمكو” في ظل مطالبة سامح عبدالحميد، الداعية السلفي، برفع دعوى قضائية ضد الدكتور سعد الدين الهلالي والداعية الإسلامي خالد الجندي ومحاكمتهما بتهمة إثارة البلبلة في المجتمع بفتاوى غير شرعية، ولمخالفتهما لما أجمع عليه المسلمون منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وتعريض الحياة الزوجية لملايين المسلمين إلى الوقوع في الحرام.
وأضاف عضو اللجنة الدينية أن البيان الذي أصدرته هيئة كبار العلماء يقصد به أن الطلاق الشفهي يقع ولا مانع من توثيقه، وفي حالة عدم توثيقة يقع تحت طائلة قانون العقوبات.
وأكد “شيمكو” أنه في حالة الطلاق الشفهي الذي يقع يجب أن يوثق، وبهذا تأكيد لمطلب عبدالفتاح السيسي مؤخرًا بتوثيق الطلاق الشفهي.
هيئة كبار العلماء
أكدت هيئة كبار العلماء، التابعة للأزهر الشريف في مصر، وقوع الطلاق الشفهي الصادر من الزوج ما دام أنه استوفى أركانه وشروطه.
وقالت الهيئة، التي تعد أعلى مرجعية إسلامية في مصر، في بيان، إن هذا “هو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبى محمد، أن يقع الطلاق دون اشتراط إشهاد أو توثيق”، داعية إلى مبادرة لـ”توثيق الطلاق؛ حفاظًا على حقوق المطلقة والأبناء”.
وألمحت الهيئة في البيان إلى أن الرأي الشرعي لا يمنع صدور قانون في هذا الشأن، وقالت إن “من حق ولي الأمر -في إشارة إلى النظام الحاكم- اتخاذ ما يلزم من إجراءات لسن تشريع يكفل توقيع عقوبة على من امتنع عن التوثيق أو ماطل فيه”.
واستبعدت الهيئة وجود علاقة بين ما وصفته “بالاستخفاف بالطلاق” وشيوع هذه الظاهرة في المجتمع، مشيرة إلى أن “إحصاءات الطلاق المعلن عنها كافة هي حالات موثقة سلفًا إما لدى المأذون أو أمام القاضي”.