أبدى عددٌ من الخبراء استغرابهم ودهشتهم من تصرفات مجلس النواب الأخير، وكذلك المطالبات بزيادة مرتبات الوزراء في ظل الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد؛ معتبرين شراء سيارات خاصة لرئيس مجلس النواب وآخرين بالمجلس استفزازًا للشعب وضغطًا على مشاعر البسطاء الذين لا يجدون قوت يومهم.
ولفتوا إلى أن مثل هذه الأمور، سواء شراء السيارات أو زيادة المرتبات، تمثل مطالب فئوية تفتح الباب واسعًا أمام مطالب فئوية أخرى، خاصة من قبل العاملين في القطاع الحكومي؛ إذ لم يُعط النواب والوزراء القدوة والمثل في التقشف ومراعاة ظروف البلاد، وهذا ربما يؤدي إلى احتجاجات فئوية في الشارع المصري، حسب قولهم.
من جانبه، انتقد د. عبد المطلب عبد الحميد، الرئيس السابق لأكاديمية السادات، ما أقدم عليه مجلس النواب مؤخرًا بشراء سيارات مصفحة للحماية والتأمين بعدة ملايين، وكذلك المطالب الخاصة بزيادة مرتبات الوزراء؛ واعتبر ذلك نوعًا من الاستفزاز للشعب، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الناس وارتفاع الأسعار الجنوني بعد تعويم الجنيه.
وقال “عبدالمطلب” في تصريحات خاصة لـ”رصد”: “هذه المطالب الخاصة بالوزراء وأعضاء البرلمان تدخل في إطار المطالب الفئوية، باعتبار أن مجلس الوزراء ومجلس النواب قطاعان حكوميان؛ وبالتالي ذلك يفتح الباب أمام المطالب الفئوية للقطاعات والمؤسسات الحكومية كافة بالمساواة مع الوزراء والنواب؛ بل إن القطاعات الأخرى سيكون في جانبها الحق، وهي الأوْلى؛ نظرًا لصعوبة ظروفها الاقتصادية ومحدودية دخولها ومعاناتها الشديدة، ومن الممكن أن تتفجر الاحتجاجات الفئوية مرة أخرى كما حدث عقب ثورة يناير؛ خاصة أن الأوضاع الاقتصادية الحالية صعبة للغاية، وهناك معاناة شديدة تجعل الأمور مرشحة إلى مزيد من الاحتجاجات والاعتراضات”.
وتابع الرئيس السابق لأكاديمية السادات قائلًا: المفروض أن يعطي المسؤول القدوة في مكانه، سواء كان وزيرًا أو نائبًا برلمانيًا، في الشفافية وطهارة اليد؛ وليس التعامل بمبدأ “التكية”، أي اعتبار المؤسسة التابع لها المسؤول بمثابة الملكية الخاصة والإنفاق منها كما يشاء، وهذا ما يمكن أن يُطبّق على سيارات مجلس النواب التي تم شراؤها”، لافتًا إلى تصريحات رئيس مجلس النواب علي عبدالعال بشأن ميزانية مجلس النواب ووصَفَها بـ”المستفزة” وأنها ربما تخفي نفقات أكثر عندما يصر مجلس النواب على سرّيتها ويصفها بأنها أمن قومي.
وأبدى النائب محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، في تصريحات صحفية، استغرابه من أسباب تحميل موازنة المجلس عبئًا إضافيًا ودواعي ذلك؛ إذ يستفيد منه 3 أعضاء فقط في المجلس، وبتكلفة 6 ملايين جنيه للسيارة الواحدة (أي حوالي 680 ألف دولار للسيارة الواحدة بأسعار الصرف المعلنة بالعام المالي السابق 8.8 جنيهات للدولار)؛ وهو ما يوازي بأسعار الصرف الحالية حوالي 13 مليون جنيه للسيارة الواحدة.
وأضاف السادات: “والغريب أن المجلس يمتلك أسطولًا كبيرًا من السيارات التي تم شراؤها أثناء فترة عمله في السنوات السابقة، فلماذا لا يتم استغلال هذا الأسطول بدلًا من شراء سيارات جديدة بهذه التكلفة الباهظة”.
وعبّر النائب عن اندهاشه من هذا الإسراف والبذخ في الإنفاق على بنود غير ضرورية بالمرة في الوقت الذي تعاني فيه موازنة الدولة من عجز حاد اضطر الدولة المصرية إلى اللجوء للاقتراض من العالم وبشروط شديدة الصعوبة.
وتساءل: “كيف نقنع المواطنين بتحمل إجراءات التقشف وخطة الإصلاح المالي والاقتصادي بينما ينفق مجلسهم المنتخب بهذا البذخ واللامبالاة على مظاهر لا علاقة لها بعمل المجلس ومتطلباته؟”.