“يصب في مصلحة المواطن”، مصطلح لجأ إليه نظام السيسي على غرار نظيره الذي ابتدعه الحزب الوطني المنحل “مصلحتك أولا”، في محاولة منه لإقناع مؤيدي السيسي بمدى أهمية قرارات النظام، وعند التطبيق يفاجأ المواطن بكارثة أصعب من التي قبلها؛ وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى حالة الغلاء والبلاء التي نعاني منها حاليًا، خاصة بعد ارتفاع الأسعار إلى مستوى لم يحدث من قبل.

وأرجعت الحكومة اتخاذها لأهم أربعة قرارات اقتصادية لها الغلبة في تحديد شكل الوضع الاقتصادي  الصعب الذي نعاني منه حاليًا إلى “مصلحة الشعب”، وهذه القرارات هي تعويم الجنيه، رفع الدعم عن الوقود، رفع الدعم عن الكهرباء، رفع سعر الدواء.

وقد أعلنت وزارة الكهرباء والطاقة مسبقًا عند اتخاذها قرار رفع الدعم تدريجيًا عن الكهرباء أنه يصب فى مصلحة المواطن والدولة، مرجعة قرارها إلى أن الزيادة الجديدة في هيكل أسعار الكهرباء توفر 10 مليارات جنيه للدولة دون المساس بمحدودي الدخل؛ إلا أنه عقب تطبيق القرار كانت طبقة محدودي الدخل أول الشاكين من الارتفاع غير المعقول في أسعار الكهرباء.

وسبق وصرح المتحدث باسم رئاسة الوزراء بأن زيادة أسعار الدواء المصري الأقل من 30 جنيهًا تصب في صالح المواطن المصري أولًا، موضحًا أن هذا القرار سيحمس شركات الأدوية على تصنيع هذه العقاقير وتوفيرها للمواطن؛ إلا أن الشعب فوجئ بنقص الدواء وزيادة أسعاره بشكل جنوني، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأصوات المطالبة بإقالة وزير الصحة.

ومنذ إعلان وزارة البترول رفع اسعار المحروقات، عانى الشعب من ارتفاع أسعار جميع السلع الاساسية والمواصلات إلى أربعة وخمسة جنيهات للمسافة التى كان يدفع لها المواطن جنيها واحدا فقط بمعدل زيادة تجاوز 200%، بالرغم من أن إعلان الوزارة بأن الهدف من القرار توصيل الدعم لمستحقيه وأن ذلك يصب فى مصلحة المواطن تبعا لبرنامج الحكومة الذى يهدف إلى إعادة هيكلة الدعم.

وفي نوفمبر العام الماضي، اعتبر عاطف عبد الحميد، محافظ القاهرة، خلال لقائه الدوري بأعضاء مجلس النواب عن منطقتي الشرقية والشمالية بالقاهرة، أن التعاون مع أعضاء البرلمان والقيادات التنفيذية بالمحافظة للصالح يصب في مصلحة المواطن

وامتدت عبارة الحكومة إلى قرار تعويم الجنيه، الذي اعتبره رئيس الوزراء أنه يصب أيضًا في مصلحة المواطن، مصرحًا بأن الدولة لا تملك رفاهية التراجع عن القرار وأن الموازنة العامة بها 200 مليار جنيه فقط للإنفاق على احتياجات المواطن وهذا لا يكفي، ويجب أن يكون للجميع وقفة لأخذ القرارات للتحرك للأمام.

وشد من عضد رئيس الوزراء وأيده في القرار الدكتور مجدي عبدالعزيز رئيس مصلحة الجمارك، معتبرًا أن القرار استجابة لدعوات المستثمرين ورجال الأعمال، ولم يكتف عند هذا الحد؛ بل اعتبر أن القرار يصب في النهاية في مصلحة الخزانة العامة للدولة وأنه لن يتسبب في رفع أسعار السلع.

وأيضًا، مع إطلاق خدمات الجيل الرابع، التي توقفت بعد شهرين من إعلان إطلاقها بسبب مشاكل فنية، لجأ النظام إلى مصطلح “يصب في مصلحة المواطن”.

وأيضًا قال العميد محيي الصيرفي، المتحدث باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، أن مشروع قانون ترشيد استهلاك المياه يصب في مصلحة المواطن من مختلف الأوجه.

ولا تزال الحكومة الحكومة في كل قرار مهم لها تعتمد على سياسة التضليل وإظهار مدى أهمية هذه القرارات، ويصطدم الشعب بواقع بشع عقب تطبيقها على أمر الواقع؛ فهل سيتمكن الشعب من تصديق أي قرار حتى وإن كان “إيجابيًا يصب في مصلحة الوطن”.