تساءل الكاتب ألكسندر موتيل.. ماذا يحدث عندما تجتمع قوة لا يمكن وقفها مع أخرى مثلها؟ مشيرا الى الجلسة الأولى لترامب وبوتين وجها لوجه، والتي من المحتمل أن تحدث في الأشهر القليلة المقبلة.
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الشؤون الخارجية الأمريكية: على الرغم من الطبيعة المتقلبة لأسلوب الرجلين في الحكم، وكما نعرف أن هناك شيئا واحدا على الأقل من الممكن أن يكون صحيحا عنهم: كلاهما له علاقة فضفاضة مع الحقيقة..إنهم يستغلون بسهولة الأخبار الوهمية، و يعتقدون أن الحقيقة هي ما يقولونه هم،والأسوأ من ذلك، ان الرجلين على حد سواء لديهم خط قوي مع جنون العظمة، لدى ترامب رؤية في المقام الأول عن أعداء له في الداخل, فيما يرى بوتين أن الأعداء في الخارج، ومما قاله كلاهما عن عظمتهما, أن ترامب يؤكد بانتظام أنه سيكون أعظم رئيس أمريكي منذ زمن سحيق، في حين يؤكد بوتين أنه وروسيا أمر واحد ونفس الشيء.
واضاف: افترض جدلا أن روسيا والولايات المتحدة ترتبطان في الواقع بعدد من المصالح المشتركة، تخيل، أيضا، أنه تم التوصل بينهما الى اتفاق سوف تقوم خلاله الولايات المتحدة بفعل A,وB,وC في حين تقوم روسيا بفعل D, وE, وF، وبالنظر للصفات المشتركة بينهما, فلا يمكن لترامب العقلاني أن يصدق أن بوتين سوف يعمل بمقتضى كلامه, وفي المقابل فإن بوتين العقلاني لا يمكن له الإيمان بأن ترامب سوف يتمسك بما قاله، وهذا من شأنه أن يكون صحيحا حتى، من الناحية الموضوعية، وهي صفقة قد تفيد كلا الجانبين: أن كل جانب سيحقق مكاسب أكثر حتى لو أخفق في القيام بدوره من الصفقة في حين تمسك محاورا لتلقاء نفسها.. إذا كان كل من الرجلين على دراية بسلوك بعضهم البعض في الماضي حتى لو بشكل هامشي، فمن الممكن أن انعدام الثقة المتبادلة بينهما هي التي تنمو فقط.
بوتين انتهك العديد من الالتزامات الدولية الملزمة لروسيا، ومفتاحها الرئيسي كانت مذكرة بودابست 1994 التي من المفترض أن تلتزم روسيا لضمان سلامة أوكرانيا أراضيها وأمنها، وفي الوقت نفسه، أظهر ترامب في أول أيامه القليلة في منصبه أنه ينوي إنهاء التورط الأمريكي في اتفاقيات التجارة الحرة والتحالفات.
وتابع :ما عقد الأمور أكثر هو أنه لا يوجد أي سلطة سيادية لفرض الصفقات الدولية، ولا أحد من الرجلين يريد أن يدعو المؤسسات الدولية والدول الأخرى، أو إقامة تحالفات من الدول للقيام بذلك، لأن كلا منهم كان قد تنصل من حق تلك الأطراف للتدخل في الشؤون الداخلية لبلادهم، ونتيجة لذلك، فإن تلك الصفقة لا يمكن لها البقاء على قيد الحياة، ونظرا لأن كلا الجانبين من المحتمل أن يفترض أن الآخر من شأنه أن ينتهك التزاماته بأسرع ما يجف الحبر، سوف يستنتج الطرفان بعقلانية بأنه سيكون من التهور عدم انتهاك الصفقة كذلك، وبطبيعة الحال، فإن كلا الجانبين يتهم الآخر بالكذب والمسؤولية عن فشل الصفقة.. عندها ستنتهي العلاقة الرومانسية, وستكون العلاقات الروسية-الأمريكية في ذلك الوقت أسوأ مما كانت عليه قبل محاولة بوتين وترامب خداع بعضها البعض.
واردف: هنالك معانٍ أكبر لهذه القصة، تلك التي تتعلق في ماذا على وجه التحديد يجب أن تكون سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا؟, محللو الواقعية مثل هنري كيسنجر، وجون ميرشايمر، وستيفن والت يصرّون على أن الدول تتفاعل على أساس مصالحها الوطنية.
ولكن السؤال الحقيقي هو كيف علينا أن نقرر ما تعنيه هذه الكلمات، على حد سواء بشكل عام وفي ظروف معينة، ترامب وبوتين يدعون إلى وضع بلدانهم في المقدمة ويريدون جعل بلدانهم كبيرة مرة أخرى، كثيرا ما يطلق على هذا النهج في السياسة الدولية “القومية”، ولكن مصطلح لينين “الشوفينية بين القوى العظمى” يمكن أن يكون أكثر ملاءمة..هل يمكن لمربع الشوفينية بين القوى العظمى أن يصطدم مع الواقعية؟المتجذر السابق في أيديولوجية غريبة وعقلية، وتزعم هذه الأخيرة أن تكون تقييما موضوعيا للمصالح الوطنية.. في الواقعية المثالية، فإن بوتين لا يريد أن يكون قوة شوفينية عظمى ملتزماً بذلك عظمة الإمبراطورية، فيما ترامب لا يرغب أن يكون محدث الاختلال.
يؤكد الكاتب ان الولايات المتحدة وروسيا لن تكونا حتى على طرفي نقيض، منذ أن لم تتبع روسيا العدوان الامبريالي في جورجيا وأكرانيا, فيما أن الولايات المتحدة لن تقوم بخلق الكوارث في الشرق الأوسط.
أطلقت حربين بالفعل في جورجيا وأوكرانيا. فيما يهدد أيضا للاستيلاء على روسيا البيضاء، قعقعة السيوف وانتهاك حدود دول البلطيق، وتسليح كالينينجراد وشبه جزيرة القرم مع صواريخ متوسطة وبعيدة المدى،علاوة على ذلك، أعلنت رسميا أنها لن تستخدم الأسلحة النووية ردا على تهديد تقليدي وتدعم أي نشاط معاد للغرب، المناهض للولايات المتحدة، والأحزاب المناهضة لأوروبا في الغرب. هذه الأنشطة المزعزعة للاستقرار بشدة لأوروبا والولايات المتحدة.
ويرى الكاتب ان الأسوأ من ذلك سحق الديمقراطية والتيارات المحتملة للاجئين من أوكرانيا وروسيا البيضاء، وامتداد الحرب إلى بولندا وفنلندا والمجر، وغيرها من الدول هو في الحقيقة يعني أن روسيا يمكن أن تتجاوز الحدود قريبا وتجد نفسها على شفا الانهيار.
هدد بوتين مصالح الولايات المتحدة الحيوية، ليس لأن هذا التهديد يصب في مصلحة روسيا، ولكن لبوتين ونظامه وعقيدته التي خلقها تتطلب مثل هذه السياسة العدائية.
يجب أن تشعر الولايات المتحدة بالقلق وعليها محاولة منع عدوانه على الدوام. لم يظهر ترامب بعد بأن بوتين قد أساء فهمه، أو أن العدوان الأخير له يتعلق بتوسيع حلف شمال الاطلسي، ووفقا لهذا الخط من التفكير، غزا بوتين أوكرانيا بسبب بضع احتمال بانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (احتمال لا أحد، سواء في دوائر السياسة في أوكرانيا أو في حلف شمال الاطلسي، يدرسه بواقعية).
إذا كان الأمر كذلك، فإنه يتبع ذلك جعل حلف شمال الأطلسي عديم الفائدة، حيث يمكن للولايات المتحدة أن تحول المحيط الهادي لبوتين، بدلا من ذلك، إذا ما أخذنا توقفنا عند بوتين ودرسنا طبيعة نظامه، على المرء أن يدرك أن العدوانية الروسية نابعة إلى حد كبير من عقيدة الإمبريالية التي تخدم سلطة بوتين تلك الامبريالية لها جذور عميقة في الثقافة السياسية الروسية.
وإذا ما درسنا بتجرد القدرة العسكرية لدول حلف شمال الأطلسي، نرى أنهم لا يشكلون أي تهديد موضوعي متصور لروسيا، أمر آخر أيضا يجب أن ندركه أيضا إن احتجاج بوتين على تهديد الناتو هو إما خدعة أو أعراض جنون العظمة، لذا فحلف الناتو شيء “عفا عليه الزمن”، كما يسميه ترامب.
وختم الكاتب: تستفيد الولايات المتحدة مباشرة من أوروبا القوية والمنيعة الأمر الذي يعني بقاء أوكرانيا قوية ومنيعة, إذن فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها احتواء طموحات بوتين تجاه المنطقة.. كلا من ترامب وبوتين يريدا أن تكون بلادهم الأولى عالميا, لكن هذا الأمر مستحيل..عاجلا أم آجلا, سوف تأخذ العلاقات الروسية الأمريكية منحى خطيرا آخر نحو الأسوأ.